العالم الجمعه 5_10

أجندة الرئيس الأمريكي المقبل مشحونة بالمشكلات

تري، كيف سيكون عالم الرئيس الأمريكي الجديد؟ علي أي حال، عليه ألا يشعر -سواء كان ذكراً أو أنثي، جمهورياً أو ديمقراطياً- وكأنه مبتدئ علي الساحة العالمية، حيث إن هناك عدداً وافراً من الدول الأخري دفع مؤخراً بقادة جدد إلي المعترك السياسي. كما أن هناك مشاكل عالمية تنتظر الحل من الرئيس الأمريكي المقبل.

ففي روسيا، من المقرر أن يترك الرئيس فلاديمير بوتين منصبه في مارس المقبل مع انتهاء ولايته الثانية، فيما حظيت كل من بريطانيا وفرنسا بقادة جدد نسبياً، ففي باريس يسعي الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي نحو علاقة أكثر التحاماً مع الولايات المتحدة من سلفه جاك شيراك، وفي لندن يسعي رئيس الوزراء البريطاني جوردون بروان إلي علاقة ثابتة ولكنها أقل صداقة مع أمريكا من سلفه توني بلير.

من جانب آخر، من المقرر أن تعقد باكستان -حليفة أمريكا في حربها علي الإرهاب- انتخابات رئاسية حاسمة غداً، وفي تركيا تولي عبدالله جول المثير للجدل منصب الرئاسة.

وبشكل عام، فإن الوجوه الجديدة غالباً ما تحمل فكراً جديداً، وربما سياسات جديدة ومبتكرة. وقد تكون تلك فرصة يجب اغتنامها، فالعديد من المشكلات التي سيواجهونها مألوفة، ولكن لم يتم حلها حتي الآن، وبعض تلك المشكلات يتخذ طابعاً دولياً، مثل:

١- الاحتباس الحراري: المتفائلون يقولون: إن الجليد سيذوب بحلول عام ٢٠٣٠، بينما يري المتشائمون أنه سيذوب في ٢٠٢٠.

٢- الطاقة: علي المجتمع الدولي أن يبحث عن مصادر أخري للطاقة مثل الرياح والطاقة الشمسية والنووية.

٣- الإرهاب: الإسلاميون المتشددون -مثل القاعدة وحزب الله وحماس- يفسرون القرآن كرخصة لقتل اليهود والمسيحيين وغير المؤمنين. لذا لابد من دحض الإرهاب المصحوب بالكراهية، وعلي البشرية أن تعيش بدلاً من ذلك في حالة من التناغم والتصالح الديني.

٤- القضاء علي الفقر في أفريقيا والأراضي العربية الذي ينتج الإرهاب، من خلال التنمية الاقتصادية التي ستعطي بصيصاً من الأمل.

٥- التهديدات النووية، مثل أن تجعل القاعدة الولايات المتحدة «هيروشيما» أخري، يجب أن تواجه، كما يجب أن تنزع الأسلحة النووية.

وها هي بعض المناطق في العالم التي تحتاج إلي الاهتمام والانتباه، ليس فقط من الرئيس الأمريكي المقبل، ولكن من كل القادة الذين يريدون تحقيق السلام والرفاهية:

* إسرائيل والفلسطينيون، يجب أن يقيموا دولتين مستقلتين تعيشان جنباً إلي جنب في سلام.

* كوريا الشمالية: من الواضح أنها تتقدم بخطوات سريعة نحو تحجيم طموحاتها النووية العسكرية.

* إيران: لا تحرز مثل هذا التقدم، بينما تسعي نحو توسيع نفوذها في الشرق الأوسط.

* العراق: يجب أن يبذل جهوداً أكبر لمعالجة الانقسامات الطائفية، وتقليل الوجود الأمريكي العسكري.

* دارفور: تتواصل الإبادة الجماعية به بلا مراجعة أو رادع.

* روسيا: مازالت تعاني من آثار انهيار الشيوعية والتي تبعدها عن الديمقراطية.

وبينما يولي الرئيس الجديد اهتماماً بالقضايا الخارجية، عليه أن يعي أيضاً أن هناك مجموعة من التحديات الداخلية الكبري ومنها مشكلة الهجرة غير الشرعية المتواصلة.

وتمثل الرعاية الصحية أزمة مالية أخري فشل العديد من الساسة في إيجاد حل لها، لذا من الواضح أن أجندة الرئيس الجديد ستكون مكتظة بالقضايا والمشكلات.

قلق إسرائيلي - أمريكي.. واستعداد إيراني للحرب المقبلة

الجنرال الأمريكي المتقاعد سام جاردنر يعد لعبة الحرب المقبلة وقد شارك في إعداد خطط طوارئ الجيش الأمريكي، وتركزت أعماله مؤخرا علي البرنامج النووي الإيراني، وجمع العديد من الخبراء للعب أدوار كبار المسؤولين الأمريكيين ومنهم رئيس الاستخبارات المركزية ، ووزيرة الخارجية وقادة الدول الأخري وقدم لهم سيناريوهات منها التقدم النووي الإيراني الكبير، ثم بدأ يعيد حساباته حول دائرة الفعل ورد الفعل.

في لعبة الحرب التي يمارسها جاردنر، فإن أصعب ما يمكن التنبؤ به هو التحرك الإسرائيلي إزاء إيران، فهل تبالغ الاستخبارات الإسرائيلية عندما تقول إن إيران ستمتلك التكنولوجيا لصنع أسلحة نووية بنهاية العام المقبل؟ هل تعد إسرائيل خطتها الخاصة للهجوم علي إيران إن لم تقم واشنطن بذلك؟ أما أنها تنتظر لتدفع أمريكا للقيام بعمل عسكري ضد طهران.

وتلك المناظرات قادت جاردنر إلي خاتمة مشؤومة، وهي أنه علي الرغم من أن واشنطن تؤكد حاليا علي العقوبات والدبلوماسية، لإرغام إيران علي وقف تخصيب اليورانيوم ، فإن غارة إسرائيلية علي المنشآت النووية الإيرانية يمكن أن تنتهي بدفع واشنطن للحرب، وما يليها من الانتقام الإيراني ضد المصالح الأمريكية.

ولكن إلي أي مدي يمكن لإسرائيل أن تبعد إيران عن امتلاك القنبلة النووية؟ هذا التساؤل اكتسب أهمية عندما شنت الطائرات الإسرائيلية غارة غامضة في العمق السوري، وقال مسؤول أمريكي سابق إن إسرائيل قدمت منذ أشهر للإدارة الأمريكية صورا ومعلومات استكشافية تدعي أن كوريا الشمالية بدأت تمد سوريا بمواد نووية، وأيد ذلك مسؤولون أمريكيون، فيما ظل آخرون متشككين بشأن أي تعاون نووي بين كوريا الشمالية وسوريا.

إسرائيل وأمريكا لا تبدوان متقاربتين بشأن إيران، فالشهور الثلاثة المقبلة ستكون خداعة، فإما أن ترضخ طهران للعقوبات وتوقف التخصيب أو يجب التعامل معها عسكريا. وقال مصدر إسرائيلي: «عام ٢٠٠٧ هو عام تحديد إن كانت الجهود الدبلوماسية ستوقف إيران، وإلا فإن ٢٠٠٨ سيصبح عام التحرك».

وفي المقابل البنتاجون قلق من أن حربا أخري ستؤدي إلي انهيار القوات الأمريكية بينما تعتقد الاستخبارات الأمريكية أن إيران ليست علي مقربة من تحقيق إنجاز نووي، ولن تتمكن من الوصول إلي القنبلة النووية حتي ٢٠١٠ إلي ٢٠١٥ لوجود مشاكل بأجهزة الطرد المركزي، وفرضت عقوبات دولية مرتين علي إيران العام الماضي، كما ستتخذ إجراءات جديدة بمجلس الأمن بنهاية العام الجاري، بينما حذر وزير الخارجية الفرنسي من أن الأوروبيين سيفرضون عقوبات.

وتوجد أصوات تدفع صوب اتخاذ فعل ضد طهران خاصة داخل مكتب ديك تشيني نائب بوش، وقال مسؤول أمريكي سابق: إن تشيني يؤيد القيام بعملية عسكرية إسرائيلية ضد موقع ناتانز لدفع طهران إلي الرد، مما يعطي واشنطن الذريعة للهجوم.

كما تجري استعدادات في إيران للحرب، وشكلت لجان أزمة في كل وزارة لرسم خطط طوارئ، وقال مسؤول إيراني: إن النظام أمر محطات الإذاعة والتليفزيون بإعداد برامج تكفي لأشهر إن استهدفت الاستديوهات، وإن لم يتمكن الموظفون من الذهاب لأعمالهم، كما تعد وزارتا الكهرباء والمياه خططًا لاستمرار الخدمة في ظروف الحرب وأرسل المرشد الأعلي مبعوثين لأوروبا علي أمل إعاقة العقوبات الإضافية أو العمل العسكري.

وإسرائيل لديها أسباب للقلق عندما أقسم الرئيس الإيراني أحمدي نجاد علي تدمير إسرائيل، بينما حذر مساعد وزير الدفاع الإسرائيلي السابق من «أن قنبلة نووية واحدة يمكن أن تمحو إسرائيل».

ولكن هل يمكن لإسرائيل تدمير البرنامج النووي الإيراني؟ يقول جاردنر إن ذلك لا يتطلب فقط استهداف العديد من المواقع النووية، لكن لمنع الانتقام الإيراني عليهم إطلاق المئات من الصواريخ طويلة المدي مزودة برؤوس كيماوية لمنع إيران من اصطياد المقاتلات الإسرائيلية، بينما قال «داني ياتون»، رئيس الموساد الأسبق: إن الطائرات الإسرائيلية عليها العمل فوق إيران لأيام أو لأسابيع، بينما حذر مسؤول إسرائيلي من خطر الحرب الإقليمية، فحزب الله سيهاجم فورا وربما سوريا، فالإسرائيليون يعون مدي خطورة المغامرة العسكرية.

وربما يدرك رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت إن الطائرات الإسرائيلية لا يمكنها الوصول إلي كل الأهداف لكنه قد يقامر علي «النجاح المحدود»، ولتفادي النتائج يقول جاردنر: إن واشنطن يجب أن تمنع إسرائيل من الهجوم، أمريكا لا تريد بالفعل حربا إقليمية طبقا لقرار صنع في إسرائيل، لكنها قد لا تملك خيارا.

رهبان بورما الشجعان

الفضيلة الكبري في البوذية هي الشجاعة الهادئة في مواجهة البلاء الحتمي، تلك الشجاعة هي ما نراه في بورما، الدولة التي أحمت عليها دائرة المعاناة، فمشهد الرهبان الشباب الحفاة والشجاعة البادية علي وجوههم في زيهم الديني يسيرون في هدوء مطالبين بالديمقراطية، وسط حشود تحمل لافتات كتب عليها «نحب الطيبة» هو رمز للوعي في الدولة الشابة.

وبنظرة متفحصة وقريبة، سنجد أن هذه الاحتجاجات أوضحت أيضا أن المناهضين للعنف لا يجب أن يكونوا مستأنسين أو بلا مقاومة. فالأواني المقلوبة التي حملها الرهبان تعني أنهم لن يقبلوا الصدقات من قادة النظام، الذين لا يستطيعون التكفير عن أعمالهم السيئة أو أن يتمكنوا من تمجيد أسلافهم.

ومرة أخري ـ كما حدث في النضال من أجل الحقوق المدنية الأمريكية في نهاية الحقبة الشيوعية في أوروبا الشرقية ـ يثبت الدين أنه قوة لا يمكن السيطرة عليها في المجتمعات المقهورة. فالمتدينون لديهم القدرة ليس فقط علي تنظيم احتجاجات ضد الطغاة، ولكن لديهم أيضا القدرة علي إظهارهم بشكل مخز. فالثورات السياسية عادة ما تبدأ كثورات روحية.

والروح علي الأقل في اللحظة الراهنة، مثبتة في الجسد الذي يتعرض للهراوات والغازات المسيلة للدموع والسجن، فالمسيطرون علي بورما كما هو واضح قادرون علي التصرف بمنتهي الوحشية، فالنظام الذي يبيح العمالة بالإكراه ويمارس الحرب ضد الأقليات الدينية، لن يتمكن من تجاوز عقبة مقتل الرهبان والمحتجين ـ وهو ما فعله قبل ذلك ضد الآلاف.

ولحسن الحظ، فالنظام يشيخ كما أنه عاجز عن إنتاج قادة جدد لكنه قادر في الوقت نفسه علي ارتكاب حماقات غير عادية. فبعد إنشاء عاصمة جديدة في منطقة نائية، وبناء منازل فارهة للنخبة العسكرية، نفدت الأموال من الحكومة. لذا تزايدت أسعار الوقود بنسبة ٥٠٠%، وبالتالي ارتفعت أسعار المواصلات العامة وكل الأساسيات للذروة. وطوال الصيف، ركزت المعارضة الديمقراطية بحكمة علي الاقتصاد البورمي المتهاوي ـ وهو الموقف الذي يقوم النظام بكل ما في وسعه لتسريعه. وبعد ٤٠ عاما من الحكم العسكري، أصبح الدخل القومي لبورما خمس نظيره في تايلاند المجاورة كما انتشر سوء التغذية بين الأطفال.

وتتمني إدارة بوش أن ينتج عن عدم الرضا الحالي عن الاقتصاد نوع من عدم الاستقرار داخل هذا النظام.

العقوبات التي أعلنها الرئيس بوش في الأمم المتحدة وضعت لتفجير هذه التوترات، فالمعايير الجديدة تركز علي خمس أو عشر القادة الجدد وعائلاتهم، بالإضافة إلي رجال الأعمال الرئيسيين الذين يستولون علي الصفقات الأجنبية بدلاً من النظام، ومع ممارسة المزيد من الضغوط علي القمة، قد يعمل المستوي الثاني من القادة العسكريين علي الإطاحة بقادتهم.

وقد يكون لتلك الاستراتيجية فرصة كبيرة للنجاح مع الدعم الإقليمي الحالي، وعندما يأتي الضغط الأقوي من الولايات المتحدة، وفرنسا وبريطانيا فمن الأسهل للنظام أن يخرج بمظاهرات ضد «القوي الاستعمارية»، لكن رد فعل الكثير من الدول الآسيوية تحول من الضعف إلي الخجل.

لقد أصبح شائعا في السنوات الأخيرة السخرية من الأجندة الديمقراطية باعتبارها غير واقعية، ويصبح الوضع أصعب حين يركز التاريخ علي اختياراتنا- وفي هذه الحالة الاختيار ما بين النظام والرهبان. وهنا لابد من نجاح ثورة بورما الروحية.

ثورة «ساركو الأمريكي».. مزيد من التقارب في أحضان واشنطن

من هو أفضل صديق لأمريكا: بريطانيا أم فرنسا؟ مع بعض المدارس العليا تغيرت إجابة الأمريكيين في إجابتهم عن هذا السؤال، طيلة عقدين من الزمان، وهذا مفهوم، علي كل حال، فقد تناوبت أمريكا علي وجهي الحرب والحب مع البلدين.

في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، كان الجواب واضحاً تماماً، فمحاولات الجمهوريين لتشويه صور جون كيري بأنه «فرنسي» أظهرت مدي ما وصل إليه شعور الأمريكان تجاه فرنسا. وبداية حرب العراق، انحاز رئيس الوزراء البريطاني توني بلير السابق إلي جانب أمريكا وقام بتحويل اسم «البطاطس الفرنسية» إلي «بطاطس الحرية».

في الحملة الدعائية لأحد الجمهوريين المرشحين لانتخابات الرئاسة في ٢٠٠٨ سعي مرة أخري لاستخدام «الفرنسية» للإهانة، وهذه المرة ضد هيلاري كلينتون، وكذلك المرشح الجمهوري رودي جولياني حيث وصفه معارضوه بأنه «رودي الفرنسي».

وفرنسا تحت رئاسة نيكولا ساركوزي لم تعد فرنسا القديمة، ومع رئيس الوزراء الجديد لبريطانيا جوردون براون تحاول بريطانيا القيام بدور الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك.

فوزير الخارجية البريطاني الجديد معروف بانتقاد سياسة بريطانيا في العراق، وقال أكثر من مرة: «إن بريطانيا تحتاج لبناء تحالفات وأن تتجاوز ثنائية الغمائم بين الشركاء». وقال مصدر بريطاني في واشنطن: «إن فريق براون يريد التأكيد علي استقلال بلاده عن الولايات المتحدة».

وفي الوقت نفسه، تحركت بريطانيا كما أراد براون «من القتال إلي المراقبة» في ٣ من ٤ محافظات عراقية تحت سيطرتها، كما أن موقف براون «الخيار العسكري» في إيران هو الارتياب في أحسن الأحوال. بينما قال الكتاب الفرنسيون إن ما يفعله ساركوزي هو «الثورة الفرنسية لكنه يمكن أن يسمي بحق الثورة الأمريكية كذلك».

في السياسة الخارجية، تبني ساركوزي أغلب سياسات أمريكا خاصة موقفه من إيران. طارحا في كلمته الشهيرة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة خياره الشهير بالاختيار بين القنبلة الإيرانية، أو تفجير إيران. وأضاف «إن امتلاك إيران السلاح النووي أمر غير مقبول وسيكون خطراً علي الاستقرار في المنطقة وفي العالم»، وقال: «أريد أن أقول للشعب الأمريكي: إن الفرنسيين هم أصدقاؤهم»، وتابع: «لسنا مجرد حلفاء. إنني فخور بأنني صديق للأمريكيين». واعترف بأن «جزءاً صغيراً من النخبة الفرنسية تعادي أمريكا»، لكنه أضاف: إن «ذلك لا يتطابق مع ما يفكر به الشعب الفرنسي».

وفي إجازته التي قضاها في نيو هامبشاير بأمريكا أكد دعمه إسرائيل وعدم تسامح بلاده مع معاداة السامية وأظهر ساركوزي نفسه بأنه أمريكي باعتناقه مجتمع السوق الحرة وإن تخيلنا أن هيلاري وجولياني يتنافسان حول من يشبه بدرجة أكبر رئيس فرنسا، فخلال فترة قصيرة بعد «بطاطس الحرية» فإن السباق في إطار عباءة «ساركو الأمريكي» ستكون هناك حالات كثيرة للسخرية.

إذا كان ساركوزي الذي يبدو مثل هيلاري وجولياني، يكافح لما هو أكثر من قائد لفرنسا، فخلال فترة قصيرة بعد «بطاطس الحرية» فإنه في سياق تفكير «ساركو الأمريكي».

«مجلات الشوارع».. إصدار مستقل لفكرة اشتراكية بجهود رأسمالية

للوهلة الأولي، يتصور البعض أن ما يعرف في كثير من الدول الأوروبية بـ «صحافة المشردين»، لابد أنها تركز في موضوعاتها علي المشكلات التي تواجه هذه الفئة من المجتمع، والدوافع التي أدت إلي خروجهم إلي الشارع، فضلا عن توقع الكثيرين لاحتمال أن تضم هذه النوعية من الصحافة حوارات تقليدية مع أطباء ومتخصصين في هذا المجال، الأمر الذي يجعلها أبعد ما تكون عن متناول أبناء الشوارع أنفسهم، غير أن الواقع مختلف تماما، فما الذي جعل القائمين عليها يطلقون عليها هذا الاسم.

«مجلتنا شهرية وهي اجتماعية فنية، وتلقي أيضا اهتمام رجال الأعمال»، هكذا بدأت مسؤولة الموارد البشرية في مجلة «هينز أوند كونتز» (كل الناس)، أحد أشهر مجلات الشوارع المعروفة في ألمانيا، حديثها، موضحة أن الفكرة تهدف في الأساس إلي إعانة أبناء الشوارع بشكل عملي من خلال تشغيلهم في توزيع المجلة مقابل عائد مادي يتراوح حسب قدرة كل منهم علي بيع المجلات التي يتم تسليمها له، كما تهدف إلي مساعدة أولئك المشردين علي الاندماج في المجتمع من جديد من خلال بيع الصحف والاحتكاك بالمواطنين في إطار وظيفة محترمة تحفظ ماء وجههم وتغنيهم عن التسول وترحمهم من نظرة المجتمع لهم كمشردين.

رغم ما يبدو من فلسفة اشتراكية واضحة في هذه الفكرة، إلا أن المفارقة تتمثل في أن تمويلها قام في البداية علي تبرعات رجال الأعمال، ثم سرعان ما نجحت المجلة وتمكنت من تحقيق أرباح مكنتها من المنافسة والاستقلالية بل وزيادة رواتب العاملين بها، من صحفيين محترفين وموزعين يوفرون علي المجلة ترويجها في المكتبات والأسواق التجارية.

ويقول «بيتر ٤٧ عاما»، أحد المشردين الذين يتعاون منذ فترة طويلة مع مجلة «هينز أوند كونتز»، إنه وزملاءه تلقوا دورات تدريبية متخصصة في فنون البيع والتعامل مع المشترين، كما أنه بالإضافة إلي توفير فرص العمل فإن المجلة تقوم بإمدادهم بالمأكل والملبس وبراتب شهري يعادل ـ بحسب «بيتر» ـ حوالي ٣٠٠ دولار شهريا.

ولأن الرقم الذي أشار إليه «بيتر» كبير ويثير تساؤلات أكبر حول حياة أولئك المشردين الذين مازالوا يفضلون العيش بلا مأوي مع أقرانهم، أكدت مسؤولة الموارد البشرية في «هينز أوند كونتز» أولا: أنهم يتقاضون هذا الراتب بالفعل، وثانيا: أشارت إلي أن مشكلتهم نفسية في المقام الأول وليست مادية، وأشارت من بعيد إلي «فريد ٤٤ عاما»، أحد العاملين لديهم أنه كان مهندسا ورباً لأسرة إلي أن فقد زوجته وابنتيه في حادث سيارة أدمن علي إثره الخمر، ففقد وظيفته وطرد من منزله وتحول فجأة إلي إنسان بلا مأوي.

يقترب «فريد» وبابتسامة شاحبة يؤكد أنه مازال يفضل حياة الشارع، ولا يريد تكوين أسرة جديدة، لكنه يؤكد في الوقت نفسه أنه سعيد بهذه التجربة، لأنها علي الأقل تحفظ له ماء وجهه إذ لم يعد ينظر إليه الناس باعتباره متسولا.

فرنسا : الدول الاوروبية يمكنها ان تتخذ خطوات منفردة ازاء ايران

باريس (رويترز) - قالت فرنسا يوم الجمعة ان الدول الاعضاء في الاتحاد الاوروبي يمكنها ان تتخذ خطوات منفردة لابطاء التجارة مع ايران من قبل ان يوافق الاتحاد على فرض مزيد من العقوبات لمعاقبة طهران على نشاطها النووي.

وشددت فرنسا من لهجتها تجاه ايران منذ مجيء المحافظ نيكولا ساركوزي الى الرئاسة والذي حذر هو ووزير خارجيته برنار كوشنر من امكانية التحرك عسكريا ضد ايران.

وتضغط فرنسا من أجل تشديد عقوبات الاتحاد الاوروبي على ايران في نفس الوقت الذي تتفاوض فيه مع القوى الكبرى لفرض مجموعة ثالثة من العقوبات في الامم المتحدة والتي اتفق على تأجيلها في مجلس الامن حتى نوفمبر تشرين الثاني.

وأعربت دول اخرى في الاتحاد الاوروبي مثل ايطاليا معارضتها لفرض الاتحاد الاوروبي المزيد من العقوبات على ايران.

وقال ديفيد مارتينون المتحدث باسم ساركوزي في مؤتمر صحفي يوم الجمعة "المناقشات (في الاتحاد الاوروبي) ليست سهلة لتحاول التوصل الى نظام لتشديد العقوبات" وأضاف ان المحادثات داخل الامم المتحدة وداخل الاتحاد الاوروبي يجب ان تتواصل.

وأضاف "في الوقت نفسه هذا لا يمنع حقيقة ان بوسع دولة اوروبية ان تتحرك قدما بشكل منفرد وعلى اساس وطني من خلال اعطاء بعض التوصيات لشركاتها."

وكان كوشنر قد صرح بأن باريس طلبت من الشركات الفرنسية الكبرى ومنها شركة توتال النفطية عدم الدخول في مناقصات في ايران مع مواصلة ضغط فرنسا على طهران حتى تذعن لمطالب الامم المتحدة وتعلق انشطة تخصيب اليورانيوم وهي عملية توفر الوقود اللازم لمحطات الطاقة النووية او لتصنيع اسلحة نووية.

وتنفي ايران سعيها لامتلاك اسلحة نووية وتقول انها تستخدم التكنولوجيا النووية لتوليد الطاقة فقط وترفض تعليق التخصيب كما طالب مجلس الامن.

وبعث كوشنر برسائل لنظرائه في دول الاتحاد الاوروبي طالبهم فيها بالبدء الان في دراسة فرض مزيد من العقوبات مقترحا ان يضيف الاتحاد البنوك والشركات الايرانية ومسؤولين ايرانيين الى قائمة تجميد الاصول وحظر اصدار تأشيرات الدخول.

جنيداي فريزر تحذر من فرض عقوبات اقتصادية علي السودان
واشنطن ـ الخرطوم ـ وكالات الأنباء‏:‏
حذرت جنيداي فريزر مساعدة وزيرة الخارجية الأمريكية للشئون الإفريقية من تبعات فرض الكونجرس لأي عقوبات جديدة علي السودان بشأن دارفور‏.‏

وقالت ـ في تصريحات أمس ـ إن من شأن فرض عقوبات جديدة علي السودان إلحاق ضرر بالتحالف الأمريكي الأوروبي حول الإقليم وتعقيد جهود ترتيب برامج المساعدات‏.‏

وجاءت تصريحات فريزر في الوقت الذي بحث فيه مجلس الشيوخ الأمريكي مساء أمس الأول مشروع قانون يرغم المستثمرين الأمريكيين علي الانسحاب من شركات أجنبية ناشطة في السودان يستفيد منها النظام السوداني‏.‏

وذكر راديو سوا الأمريكي أن السيناتور الديمقراطي روبرت مينينديز دعا في جلسة لمجلس الشيوخ أمس الأول إلي التحرك لوضع حد لما أسماه بالإبادة في دارفور‏.‏

وبحث مجلس الشيوخ في جلسته أمس الأول مشروع قانون يماثل ذلك الذي تبناه مجلس النواب في يونيو الماضي والذي يضع قائمة بالشركات العاملة في السودان ويمنع الحكومة الأمريكية من إبرام أي عقد معها‏.‏

يأتي ذك في الوقت الذي تحفظت فيه الإدارة الأمريكية حيال فرض عقوبات جديدة علي السودان‏.‏

وأكدت مصادر مسئولة في الحكومة الأمريكية أن مبادرة الكونجرس قد تترك أثرا سلبيا بعدما وافق والسودان علي إرسال قوة مشتركة من الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي من‏26‏ ألف عنصر إلي دارفور‏,‏ كما وافق السودان علي المشاركة في مباحثات سلام في ليبيا يوم‏27‏ الشهر الحالي‏.‏

وفي تطور آخر‏,‏ دعا وفد حكماء السياسة الدولية الذي يزور دارفور حاليا إلي مشاركة المدنيين في محادثات السلام حول الإقليم في طرابلس‏.‏ وقال الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر ليس هناك بند يضمن مشاركة المدنيين من سكان المخيمات في محادثات طرابلس‏,‏ وأكد أهمية اختيار من يمثل المدنيين في تلك المحادثات‏.