المظاهرات «صناعة فرعونية»

من طرف أسامة صلاح الثلاثاء يناير 01, 2008 5:27 am

د. قاسم عبده قاسم: المظاهرات «صناعة فرعونية» قضت علي فساد «فرعون»

كتب سماح منير ٣١/١٢/٢٠٠٧
كشف الدكتور قاسم عبده قاسم، أستاذ تاريخ العصور الوسطي بجامعة الزقازيق، أن الفراعنة هم أول شعب في التاريخ يقوم بتنظيم المظاهرات والاحتجاجات ويحصل علي حقوقه، لافتا إلي أن ذلك كان في العصور الوسطي عندما تظاهروا بسبب فساد «فرعون» وكهنة آمون، وانهيار سلطة الدولة لصالح الكهنة، وظلم الضرائب الجزافية وسوء الأوضاع، مؤكدا في الوقت ذاته أنهم انتصروا علي فرعون، وجاءوا بأسرة جديدة قامت بتعديل النظام للأفضل، وأعادت الأوضاع إلي طبيعتها.
وقال قاسم في تصريحات لـ«المصري اليوم»: في العصر الحديث يعد المصريون أول شعب يقوم بتعيين حاكمه بنفسه، بعد أن عزلوا الوالي العثماني خورشيد باشا وفرضوا محمد علي حاكما علي مصر، ليؤسس الدولة الحديثة.
وعن تفسيره لحركة الشارع المصري خلال عام ٢٠٠٧، قال «إنه عندما يكون لدي المواطنين مشاكل ظالمة، فإنهم يتجهون في بادئ الأمر للطرق السلمية، لكن عندما يجدون عدم استجابة لمطالبهم يلجأون لوسائل الضغط المختلفة من مظاهرات واعتصامات وإضرابات، ثم تتصاعد لما هو أكثر من ذلك بكثير، لأنهم بشر لديهم قدرة محددة علي الاحتمال،
موضحا أن الشعب المصري خلال القرن العشرين هو أكثر الشعوب المعاصرة قتلا لحكامه، ومن أكثرهم قياما بثورات منذ ثورة عرابي وحركة مصطفي كامل الوطنية «الحزب الوطني الحقيقي»، مرورا بثورة ١٩١٩، و«ثورة الطلاب» في السبعينيات، وانتفاضة ١٩٧٧ من أجل رغيف الخبز، وكذلك فقد خرجت المظاهرات ضد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر لمدة ثلاث سنوات، كما خرجت ضد الرئيس الراحل أنور السادات حتي حرب عام ١٩٧٣.
وحول تشابه أي عصر من العصور السابقة مع العصر الحالي من حيث انتشار الفساد، قال الدكتور قاسم: إطلاقا، فلم يحدث علي مستوي العصور السابقة مثل ما يحدث حاليا من فساد فاق كل الحدود، فالفساد في العصور السابقة كان علي يد الاستعمار الأجنبي، فلم يسبق في العصور السابقة أن نهبت مصر علي يد مصريين، ولم يحدث أن سرق مصريون خيرات البلاد ونهبوا أموالها، ولم يتم بيع القطاع العام «بتراب الفلوس» كما يجري حاليا.
ويري قاسم أن الأوضاع الراهنة التي يعيشها المجتمع من فساد، تعد أسوأ بكثير من الأوضاع التي سبقت ثورة عام ١٩٥٢، وقال: «لا توجد فئة من فئات الشعب إلا واصطدم معها النظام من مهندسين وأطباء وصحفيين وعمال وفلاحين وموظفين، مفيش حكومة في الدنيا في حالة خصام مع جميع فئات الشعب سوي الحكومة المصرية»، لافتا إلي أن هذا الوضع ينذر بثورة شعبية.
وبخصوص تعلم الناس من دروس التاريخ أشار قاسم إلي أن الأشخاص العاديين لا يتعلمون من التاريخ لارتفاع نسبة الأمية التي تزيد علي ٥٠% من المجتمع، كما أنهم لا يدركون ولا يعلمون شيئا عن التاريخ، نتيجة تزييف الوعي المقصود من قبل الحكم عن طريق وسائل الإعلام المملوكة للدولة، لكنهم يتعلمون من خبرة الحياة.
وعن تفسيره لثورات العطش وأزمة رغيف الخبز في بلد فيه «نهر النيل» ويشتهر بزراعة القمح، اعتبر أن القضية ليست فقر مجتمع وليست قضية نقص موارد، وإنما تعود إلي فقر في الإدارة ناتج عن أن مجموعة من السماسرة. حسب وصفه- تحكم البلد، متسائلا: لماذا يبنون المصانع وهم يقومون بالاستيراد من الخارج للحصول علي «العمولات».
وشدد قاسم علي أن الشعب يعيش في وادٍ، والحكومة في واد آخر، مؤكدا علي أن هناك انقطاعا شديدا بين النظام والشارع، ولا يوجد بينهما تواصل يذكر.
وقال: الوزراء لا يدركون مطالب المجتمع الذي يفترض أنهم جاءوا لخدمته، وبينهم وبين الشارع عداء ويتعاملون معه بتكبر، ويتصورون أن الناس يجب أن يعاملوا بالقوة لأنهم «جهلة» كما هم يعتقدون.
وتابع: عندما يقول رئيس الوزراء إن «الشعب لم ينضج بعد»، فهذا يعني أنهم ينظرون إلي الشعب باعتباره بلا قيمة، ومثل هذه التصريحات ليست مستغربة من مسؤولين في ظل نظام ديكتاتوري، وجاءوا إلي السلطة بلا انتخابات حرة، فالوزراء موظفون وغير مؤهلين سياسيا، وليس لديهم المفهوم السليم للإدارة.
واعتبر قاسم أن مصر بلا شكل للحكم، ولا حتي نظام حكم، وقال «فقط توجد بها مجموعة من القوي تتحكم فينا وتدبر المقالب لبعضها البعض، وهذا راجع إلي قيام النظام بتفريغ المجتمع من القوي السياسية ومنظماته الرسمية، وانعدام الفرص الحقيقية أمام القوي المعارضة لممارسة عملها».