الفنان
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

التفاوض حول يهودية إسرائيل

اذهب الى الأسفل

التفاوض حول يهودية إسرائيل Empty التفاوض حول يهودية إسرائيل

مُساهمة من طرف أسامة صلاح الإثنين يناير 14, 2008 6:51 am

في زيارته الحالية للشرق الأوسط دفع الرئيس الأمريكي جورج بوش مطلب يهودية إسرائيل كالتزام نهائي لجميع الأطراف خطوة كبيرة إلي الأمام‏,‏ حين طالب أن يتحول هذا المبدأ إلي التزام تعاقدي في اتفاق السلام الفلسطيني ـ الإسرائيلي المنتظر‏,‏ وذلك في إطار نص يحدد هوية الدولتين الفلسطينية والإسرائيلية‏,‏ ومن الواضح أن الأثر العملي الرئيسي لهذا المبدأ سيكون إسقاط حق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلي إسرائيل حفاظا علي هويتها اليهودية‏,‏ غير أن هذا ليس هو كل شيء في القضية‏.‏

بداية ليس ما ينبغي أن ينزعج له الفلسطينيون والعرب هو ذلك المبدأ في حد ذاته‏,‏ أي مبدأ يهودية إسرائيل‏,‏ ولكن ما ينبغي الانتباه له جيدا منذ الآن‏,‏ والتخطيط للوقاية منه هو التوسع الإسرائيلي ـ الأمريكي المعتاد في تفسير المبدأ‏,‏ وبالتالي التوسع في ترتيب آثار عملية عليه تتطلب تنازلات فلسطينية وعربية أكثر‏,‏ وربما أخطر من إسقاط حق العودة‏,‏ وإذن فالمطلوب هو جهد عربي مدروس بوعي‏,‏ ومستند إلي اتفاق فيما بين الفلسطينيين والعرب لتضييق مفهوم الهوية اليهودية لإسرائيل إلي أقصي حد ممكن‏,‏ وتقليل الثمن الفلسطيني والعربي للالتزام به إلي أدني حد ممكن‏.‏

إن رفض المجتمع الدولي من خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة عام‏1947‏ للرؤية العربية لحل مشكلة فلسطين‏,‏ وتصديقه علي مشروع التقسيم كان هو الأساس القانوني لمبدأ يهودية إسرائيل‏,‏ مع أن الرؤية العربية كانت أكثر ديمقراطية وإنسانية ـ وبالتالي تقدمية‏,‏ وكانت هذه الرؤية تطالب بإقامة دولة ديمقراطية علمانية للفلسطينيين واليهود علي السواء في فلسطين‏,‏ علي أساس صوت واحد لكل مواطن واحد‏,‏ ومن ثم فلا داعي للتقسيم‏,‏ وبالطبع فإن هزيمة العرب في حرب‏1948‏ قد كرست مبدأ يهودية إسرائيل‏,‏

وعلي الرغم من أن ميثاق منظمة التحرير الفلسطينية عاد وأحيا رؤية الدولة الديمقراطية العلمانية‏,‏ فإن العالم كله‏,‏ بمن في ذلك العرب‏,‏ ضغطوا بشدة علي المنظمة لإبطال هذا النص في الميثاق الوطني الفلسطيني كشرط مسبق لقبول المنظمة شريكا في عملية السلام بوصفها الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسيطيني‏,‏ وهو ما حدث بالفعل‏,‏ وتوج بالاعتراف المتبادل بين إسرائيل والمنظمة‏,‏ ثم إن الدول العربية تسلم في حقيقة الأمر بهذا المبدأ‏,‏ ولا نقول منذ كان الشريف حسين وأبناؤه يقودون السياسية العربية فقط‏,‏ ولكن نكتفي بمشاركتهم في إقناع المنظمة بتعديل ميثاقها‏,‏ كما سبق القول توا‏,‏ وكذلك بمبادرة بيروت العربية الإجماعية التي اقترحت حلا متفقا عليه لقضية اللاجئين الفلسطينيين‏,‏ أي القبول الضمني لحلول أخري لهذه المشكلة‏,‏ لا تجعل حق العودة هو الحل الوحيد المقبول عربيا‏,‏ ومن ثم فهي تفتح الباب أمام الحل بالتعويض التزاما بمبدأ يهودية إسرائيل‏.‏

بصراحة إذا اقتصر الالتزام التعاقدي والتطبيق الفعلي لذلك المبدأ‏,‏ برغم عنصريته ومخالفته لقيم الديمقراطية والتقدم ـ علي تسهيل حل مشكلة اللاجئين‏,‏ لتسهيل الوصول إلي اتفاق سلام يقيم الدولة الفلسطينية‏,‏ فلا مانع‏,‏ وفي الحقيقة لا مفر منه‏,‏ ولكن هناك الكثير من الأدلة علي أن الإسرائيليين والأمريكيين يفكرون فيما هو أبعد من ذلك‏,‏ فهم يفكرون مثلا في عملية تبادل سكاني تنقل أغلب فلسطينيي عام‏1948‏ الحاملين لجنسية إسرائيل من منطقتي الجليل والمثلث إلي الدولة الفلسطينية المرتقبة‏,‏ كما أنهم يفكرون في عملية تبادل أراض تتيح لإسرائيل ضم الكتل الاستيطانية الكبري في الضفة الغربية رسميا وشرعيا ونهائيا‏,‏ مقابل التنازل عن مساحات غير واضحة المعالم‏,‏ وربما تكون غير مفيدة للدولة الفلسطينية في المرحلة الأخيرة من تطبيق الاتفاق الذي لم يوقع بعد‏.‏

سيكون مبدأ يهودية إسرائيل‏,‏ الذي قبله الفلسطينيون‏,‏ والذي يطلب الرئيس الأمريكي النص عليه في الاتفاق‏,‏ هو المسوغ لمطالبة إسرائيل بنقل سكان الجليل والمثلث في توسع متعمد في تفسير ذلك المبدأ‏,‏ أما الأساس السياسي له فسيكون مبادلة هؤلاء السكان بعدد رمزي من المستوطنين بعيدا عن الكتل الكبري‏,‏ ولكن هذه الاستراتيجية التفاوضية الأمريكية ـ الإسرائيلية يمكن إحباطها بموقف فلسطيني عربي موحد ومعلن ومروج له في العالم بأن كل الدول القومية تضم أقليات قومية أو عرقية أو دينية دون أن يلغي ذلك هويتها الأساسية‏,‏ وهذا ما ينبغي أن ينطبق أيضا علي الأقلية الفلسطينية ـ العربية في إسرائيل‏,‏ كذلك ينبغي علي فلسطينيي الجليل والمثلث منذ الآن التحرك المنظم للمشاركة في إحباط تلك الاستراتيجية الإسرائيلية ـ الأمريكية بكل الوسائل الديمقراطية القضائي منها والسياسي‏,‏ وفي الحق أنهم بدأوا‏,‏ لكن يجب الاستمرار والتصعيد‏.‏

في الوقت نفسه فإن مسألة سحب المستوطنين من الضفة الغربية يجب ألا يكون لها ثمن بعد التنازل عن حق عودة اللاجئين الفلسطينيين‏,‏ وهو علي كل حال ثمن كبير جدا‏,‏ بل إنه أهم ما تحلم به إسرائيل منذ أن بدأت تنتبه لما يسمي القنبلة السكانية التي تهدد هويتها اليهودية‏,‏ لذا ينبغي أن يكون المفاوض الفلسطينيي والعربي هو المبادر بطلب ثمن التنازل عن حق العودة من نظيره الإسرائيلي والأمريكي‏,‏ وليعلن منذ البداية أن هذا الثمن هو جلاء المستوطنين‏,‏ مع إبقاء مسألة فسلطيني‏1948‏ خارج التفاوض نهائيا‏.‏

فإذا انتقلنا إلي مشروع حل مشكلة اللاجئين عن طريق التعويض ثم التوطين خارج الدولة الفلسطينية‏,‏ فلينتبه المفاوض الفلسطيني والعربي إلي ما لديه هنا أيضا من أوراق‏,‏ فكل دولة عربية تقبل التوطين‏,‏ تكون في الحقيقة قد قدمت تنازلا مهما لإسرائيل والأمريكيين والعالم‏,‏ وينبغي أن يكون لهذا التنازل ثمن سياسي يتجاوز المعونات الاقتصادية‏,‏ خاصة في الأردن وسوريا ولبنان‏,‏ ثم إن علي العرب أن يتفقوا منذ الآن علي ألا تكون أموال التعويضات عربية‏,‏ بحيث لا يدفع العرب دية قتلاهم نيابة عن القاتل الإسرائيلي‏,‏ والمعلوم الآن أن الخطط الأمريكية لإنشاء الآلية لتعويض اللاجئين الفلسطينيين تعول علي مساهمة عربية رئيسية فيها‏,‏ والرأي الأصح هو أن تدخر الأموال العربية لبرامج تنمية لمجتمعات اللاجئين‏,‏ بعد تعويضهم بأموال الذين شردوهم واحتلوا أراضيهم وديارهم‏,‏ وأموال من ساعدوهم علي ذلك عبر الحقب الممتدة من وعد بلفور حتي اليوم‏.‏
أسامة صلاح
أسامة صلاح
فنان راقى جدا
فنان راقى جدا

عدد الرسائل : 3595
العمر : 56
البلد : اسكندرية
اللقب : ابو سيف
تاريخ التسجيل : 11/09/2007

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى