من خواطرى .. حوار العرائس

من طرف MASTER الإثنين فبراير 11, 2008 9:39 am

حــــوار العرائـــــــــس

كانت الساعة تشير إلى الثانية بعد منتصف ليلة صيف نسماتها رقيقة تبعث الراحة فى نفوس العائلات وأولادهم العائدين من مسرح العرائس وكان قد اسدل للتو ستائره عن عمل مسرحى جميل شيق بهر الاطفال وامتع آبائهم ، انسدلت الستائر وأخذ الفنانون المحركون لعرائس الماريونت فى ترتيب ووضع كل دمية فى مكانها كأنهم يوضعونها فى اسرتهم للنوم بعد يوم شاق من التدريب والعمل على المسرح . بعد اتمام أخر عمل للفنانون والعاملون بالمسرح اتجه كل منهم إلى حال سبيله واخذت انوار المكان تنطفئ واحد تلو الاخر إلى أن اخذ أخر الخارجين دلفتى ابواب المكان وراءه واغلقة وتأكد منه وانصرف مع تأكيده لحارس المكان بالانتباه فى حراسته وسهره ليلته .

عم الظلام داخل مبنى المسرح إلا من بعض المصابيح الخفيفة التى تمنع الظلمة من سيطرتها . وبدأت حركات خفيفة تحدث فى أرجاء حجرة تخزين العرائس ... لا تخف ليس بدخيل ... إنها حياة العرائس ، عرائس الماريونيت وقد بدأت حياتها نفسها بدأت تتحرك فى أرجاء المكان كأنها تعيش حياتها الذاتية الخاصة بها هى ، وليست كما يريدها صاحب الرواية أو قصة العمل الذى يقومون به ، بدأوا لعبهم ورواحهم ومجيئهم فى أرجاء المكان وتعالت ضحكاتهم ومداعباتهم وايضا عملهم وكأنهم يعيدون ترتيبه حسب رغبتهم ، ألا أنه فى ركن أحد ردهات المكان جلس احد الماريونيت فى حالة غريبة عن باقى المجموعة وفجأة صاح بصوته العالى " أنا زهقـــت " خيم الصمت على الجميع وكلهم وجهوا نظراتهم إلى صاحب الصيحة وفُتحت أفواههم دهشة لما قاله ، لم يتذمر احدا هنا من قبل ، لم يقل احد مثل هذه الكلمة الغريبة على اسماعهم " زهقــت " كلمة غريبة حقا ونحن من ندخل الفرحة فى قلوب الاطفال والكبار " ايه الجنان ده " قالها كبيرهم واقدمهم صنعة .
" ياسيدى زهقت ، عاوز اقطع احبالى ، كل يوم زى التانى ... كل يوم بنقول ونعيد كلامنا وكل يوم البنى آدميين يخرجوا ويسبونا هنا كل يوم نستنى لما اخر واحد يمشى عشان نعيش حياتنا ... حاجة تزهق " ... " طب أهدا وقول انت عاوز ايه " كان هذا كلام كبيرهم وهو يحاول تهدئته وأخذ يربت على خشب كتفه وهو يقول " هذه حياتنا وهكذا نعيش لاسعاد الاخرين مفيش بينا متذمر ، فما بك زميلى ؟ " ليه مخرجش زى الناس واعيش حياتهم ؟ " قالها ونظر إليهم فى استعطاف وحال نفسه يقول اتركونى ، تعالت صيحات الجميع واستنكارهم لما يقول .. إنه قد جن !!! توجهت إليه إحدى عرائس الماريونيت " عزيزى اننا هنا افضل حالا ، نحن لا نعلم ما يدور بالخارج " وهنا ارتفع صوت أخر " انا بسمع محركونا وهم بيتكلموا مع بعضهم ... أنا بسمع آهاتهم من كلِماتهم وشكواهم ، أكيد هنالك ما يعكر صفو حياتهم .... أكيد "

فصاح فيهم المتذمر " سيبونى لحالى ارجوكم ، هفكك نفسى ، عاوز اعيش حياتهم " نظروا إليه وقد ازدادت دهشتهم وانعقد لسانهم من هذا التبجح على حياتهم .

فترة صمت طالت والجميع وجه نظراته إلى الأرض مطأطأً لرأسه وقد زادها ثقلا هذا الموضوع الغريب من احد زملائهم .

فجأة تكلم من كان يعتبروه حكيمهم " اتريد حقا حياة الآدميين "

تحول الجميع بنظراتهم إليه منتظرين رأيه وهم يعرفون تماما انه لا يتحدث إلا إذا كان هنالك ما يتوجب عليه قوله .... انتظر الجميع رد هذا الاحمق الغريب الافكار الذى يهددهم بفك نفسه وعدم العمل مرة ثانية .

طال صمت المتذمر .... ظن الجميع أنه قد تراجع عن افكاره ولكنه للأسف كان قد أخذ قرارة ورد بالإيجاب .
فقال حكيمهم " إذن ما عليك إلا إغماض عينيك والتمنى ... والله يفعل ما يريد "

نظر الجميع إلى زميلهم وذهبت إليه إحدى الماريونيت وأمسكت بيده كأنها تقول " ابقى معنا " ولكنه بدأ فى إغماض عينيه وبدأت صور اصدقائه فى عينية بالتلاشى و ..............

شهقات وصيحات خافته بدت من عرائس الماريونت " يا الله لقد اختفى " فقال حكيمهم " لا تحزنوا فهذه رغبته " وفى نفسه كان يقول " لقد اختار حياة بنى آدم ... يا خسارتاه لقد ضــــــــــــاع " ......

بقلم .... Master