ملك الفروسية والشعر

من طرف **نور الاسلام** الجمعة فبراير 22, 2008 5:54 pm

المعتمد بن عباد هو اخر ملوك بني عباد في الاندلس و هو احد ملوك الطوائف التي ظهرت في اعقاب انهيار الدولة الاموية وانقسام الدولة الي دويلات صغيرة بلغ عددها 21 دويلة ، ينتمي المعتمد الي اصل عربي عريق فهو من نسل المنذر بن ماء السماء((سلالة عربية الأصل يرجع بها النسب إلى قبيلة لخم إحدى قبائل العرب اليمانية التي قطنت العراق قبل الاسلام و أسست دولة المناذرة
)) اسمه محمد بن إسماعيل بن عباد، وجده عباد قاضي أشبيلية، ثم قوي نفوذه حتى صار ملكها ، ولد في 461 هـ ، ال له حكم اشبيلية التي حاضرة دولته وكانت تتباهى بجمال وسحر عمرانها وتميزه وهو في الثلاثين من عمره ، كان شابا فتيا وفارسا شجاعا وشاعرا مجيدا جمع في بلاطه الكثير من اهل الادب والشعر من امثال ابي بكر بن عمار وابن زيدون وبن جمديس الصقلي ، تزوج المعتمد من اعتماد الرميكية وهي كانت شاعرة كذلك تجمع الي جوار جمالها الفتان البراعة في الشعر والادب .
وبتوليه الحكم نهج المعتمد طريق ابوه وجده في موالاة الفونش ملك قشتاله ، ودفع له الجزية بناء على اتفاقية عقدها معه على ان يوفر له الفونش الحماية لاشبيلية من جيرانها المسلمين ، وفي مقابل موافقة المعتمد على قيام الفونش بعمليات عسكرية ضد طليطلة ، ومع سقوط طليطلة واقتراب الخطر من اشبيلية ، استفاق المعتمد على على شعور بالذنب و حقيقة خطورة وضعه وكان هذا بمثابة المفصل الاهم في الاحداث التي شكلت تلك المرحلة بعدما تخاذل عن نصرة طليطلة وكان يملك امكانية انقاذها ولكنه لم يفعل بسبب تلك المعاهدة المخزية وكتب اليه يهدده ويتوعده بمصير سيء وقرن كلامه بفعل حيث اجتاحت جيشوه اشبيلية وعاثت فيها فسادا .
وبدأ ألفونسو في تنفيذ خططه بالإيغال في إذلال الطوائف، وخاصة المعتمد بن عباد أكبر ملوك الطوائف وأشدهم بأساً، حيث أراد أن يمعن في إذلاله كأقوى أمراء الطوائف، فأرسل إليه رسالة يطلب فيها السماح لزوجته بالوضع في جامع قرطبة وفق تعليمات القسيسين، وقد أثارت هذه الرسالة ابن عباد حتى قيل: إنه قد قتل رسل الملك القشتالي وصلبهم على جدران قرطبة، مما أثار غضب ألفونسو السادس وصمم على الانتقام، وبدأت جيوشه في انتساف الأرض في بسائط إشبيلية وفي الأراضي الإسلامية.

من طرف **نور الاسلام** الجمعة فبراير 22, 2008 5:55 pm

من هنا نبعت الحاجة للاستعانة بالمرابطين الذين كانوا يملكون دولة قوية فرضت قوتها على المغرب يقيادة يوسف بن تاشفين حيث كانت تقيم دولتها على الجهاد والعدل والاحسان ولقد ابدى بعض ملوك الطوائف تخوفهم من الاستعانة بالمرابطين لأن لا يطمعوا في بلادهم فلا يخرجوا منها وهناك ان للمعتمد اليد الطولى في استجلابهم قلائلا مقولته الشهيرة لأن أكون راعي جمال في صحراء أفريقية خير من أن أكون راعي خنازير في بيداء قشتالة«. ، وهبت جيوش المرابطين لنجدة ملوك الاندلس بجيوش كبيرة بقيادة يوسف بن تاشفين من سبته في المغرب وواقعو الفونش السادس في موقعة شهيرة في مكان قريب من بطليموس سمي بالزلاقه في موقعة حملت نفس الاسم وذلك في 12 رجب 479 هـ ، انتهت بنصر المسلمين نصرا ساحقا وخروج الفونش مهزوما جريحا مع جنده الذين قتل اغلبهم وعندما ادرك المرابطين مدى الفرقه والفساد الذي يحيا في ظله ملوك الطوائف قرروا ان يستولوا على الاندلس وينزعوا ملك ملوكها خصوصا بعدما صدرت فتاوى من كبار العلماء في المغرب والاندلس تبيح ذلك ومنهم ابو حامد الغزالي ، وهكذا دخل جيش المرابطين الاندلس واسقطوا قرطبة وقتلو الفتح بن المعتمد وولده يزيد الراضي بالله وظل المعتمد يداقع عن حاضرته حتى اقتحموا اشبيلية عنوة وخرج يقاتلهم عند باب قصره غير وجل ولاهياب الي ان وقع اسيرا واستولى المرابطون على اشبيلية في العام 484 هـ .
واسر المعتمد واسرته ورحلو على متن سفينة من اشبيلية عبر نهر الوادي الكبير واصطفوا الناس على ضفاف النهر وهم يودعونهم باكين حزانى ووصلت سفينتهم الي المغرب واقاموا ايام في طنجة ثم اخذو الي مكناسه وقضوا هناك اشهرا ثم رحلوا الي منفاهم الاخير في اغمات وهي قرية صغيرة تقع قرب مراكش عاصمة دولة المرابطين.
واقام هناك في ظروف صعبة للغاية واشتغلن بناته في غزل الصوف وبيعه وساءه جدا ماوصل اليه من ذل وعوز وفقر ، واشتد الامر على زوجته اعتماد الرميكية ولم تقو على مغالبة المحنة فتوفيت قبل زوجها ودفنت باغمات على مقربة من سجن زوجها وطال اسر المعتمد فبلغ 4 سنوات الي ان انقذه الموت اخيرا في شوال عام 488 هـ ودفن الي جانب زوجته.
في سنة 1970 تم بناء ضريح المعتمد بن عباد الذي يحتضن بالإضافة إلى قبر الملك الشاعر، قبر زوجته اعتماد الرميكيةوابنه، والذي يتشكل من قبة مصغرة طبق الأصل للقبة المرابطية بمراكش تزينها بعض الأبيات الشعرية التي نظمها الأمير الشاعر المعتمد بن عباد في رثاء حاله .

من طرف **نور الاسلام** الجمعة فبراير 22, 2008 5:57 pm

من شعره وهو في الاسر :
غريب بأرض المغربين أسير
سيبكي عليه منبر وسرير
وتندبه البيض الصوارم والقنا
وينهل دمع بينهن غزير
اذ قيل في اغمات قد مات جوده
فما يرتجى للجود بعد نشور
مضى زمن والملك مستأنس به
واصبح عنه اليوم وهو نفور
فيا ليت شعري هل ابيتن ليلة
امامي وخلفي روضة ونمير
بمنبتة الزيتون مورثة العلا
تغني قيان او ترن طيور
أتراه عسيرا ام يسيرا مناله
الا كل ما شاء الاله يسير
ومن شعرة ::

وأظله عـــــــــيــد وهو في السجن فقدم إليه نفر بناته فرأين سوء حاله في السجن والقيد، فقال رحمه الله يصف هذا المشهد الذي يقطع نياط القلوب:

فيما مضى كنت بالأعياد مسرورا

فجاءك العيد في أغمات مأسورا

ترى بناتك في الأطمار جائعة

يغزلن للناس ما يملكن قطميرا

برزن نحوك للتسليم خاشعة

أبصارهن حسيرات مكاسيرا

يطأن في التراب والأقدام حافية

كأنها لم تطأ مسكاً وكافورا

من بات بعدك في ملك يسر به

فإنما بات الأحلام مغرورا

من طرف **نور الاسلام** الجمعة فبراير 22, 2008 5:57 pm

وقد زاره في السجن شاعر ممن كانوا يمدحونه أيام ملكه وألقى على مسامعه قصيدة في مدحه فبحث عن مكافأة يقدمها له فلم يجد سوى عشرين دينارا فأرفقها بأبيات اعتذار وقدمها للشاعر لكن الشاعر ردها تقديرا لظروفه وكان مما ورد في أبيات القصيدة:

بكى آل عباد ولا كمحمد

وأبنائه صوب الغمامة إذ همى

صاحبهمو كنا به نحمد السرى

فلما عدمناهم سرينا على عمى

وكنا رعينا العز حول حماهم

فقد أجدب المرعى وقد أقفر الحمى

كأن لم يكن فيها أنيس ولا التقى

بها الوفد جمعاً والخميس عرمرما

تضيق عليَّ الأرض حتى كأنني

خلقت وإياها سواراً ومعصما

بكاك الحيا والريح شقت جيوبها

عليك وناح الرعد باسمك معلما

سينجيك من نجىّ من الجب يوسفا

ويؤويك من آوى المسيح ابن مريما

من طرف **نور الاسلام** الجمعة فبراير 22, 2008 5:58 pm

وهذا ما كتب على قبر المعتمد رحمة الله والى جانبة زوجته الوفية اعتماد الرميكية

قبرَ الغريــب سقاك الرائـــحُ الغــادِي
حقـــــا ظفــــرتَ بأشلاء ابــن عبـــّادِ
بالحِلْم، بالعلـم، بالنُّعمــى إذا اتصـلت
بالخِصب إن أجدبوا، بالرّيّ للصّـادِي
بالطّاعنِ،الضاربِ،الرّامي إذا اقتتلوا
بالمــوت أحمرَ، بالضّرغامة الـعـادِي
بالدهر في نِقـــــَم، بالبحـــر في نِعــَم
بالبدر في ظُُلمٍ، بالصّدر في النّــــادِي
نعــــم، هو الحــــق وافانـــي بـه قـدرٌ
مـــن السمـــاء، فوافانـــي لميعــــــادِ
ولم أكن قبـــل ذاك النّعـــش أعلمــــُه
أنّ الجبــــال تَهــــادى فوق أعـــــوادِ
كفاك، فارفُق بما استودعت من كـرم
روّاك كـلّ قَطــــوب البـــرق رعــــــّادِ
يبكــي أخـــاه الذي غيّبــــتَ وابلـَـــــه
تحت الصفيح، بدمع رائـــح غـــــادِي
حتى يجودك دمــعُ الطــّلّ منهمــــــرا
من أعين الزهــر لم تبخل بإسعــــــادِ
ولا تــــزل صلــــوات الله دائمـــــــــة
علــى دفينــــك لا تُحصـــى بتعــــــدادِ
....ضريح المعتمد بن عباد...