لوحات من الحياة

لوحة القلم الراقص
... ارقص أيها القلم .. ارقص بين البياض وحروف لم يعد لها قيمة .. ارقص على أشلاء إحزاني المشرعة على العيون .. هذه عيوني تنساب مطرا من حروف على ضربات القلب الكسير وهذا نزف من دمي يصب في حبرك وبينهم أنت ترقص بجنون تستلذ الألم بداخلي وتسخر من جراحي النازفة . أنا المجنون بحبك أنا المريض بك حد الوباء الذي لا يبرأ .. احلم أن أمد يدي المرتعشة لألمس روحك التي تسربت إلى روحي .. أراقصك مثلما اراقص امرأة جميلة على أضواء شموع تبكي الأحلام الراحلة.. و عيون العتمة تترنح على شرخ الألم الملون بقتامة دمي .. يا قلمي هذا نزفي وهذه جراحي ووحدنا أنا وأنت نرقص بين الدموع ونزف الجراح .. ارقص ايها القلم .. ارقص فلا زال القلب ينزف ..


لوحة الظل الضائع
امضي وحيدا على رصيف الحياة أتفرج على التفاهات التي يسميها البشر انجازات فأضحك على ضياع الزمن منهم .. الذي مضى بينهم هاربا وهم يصنعون التفاهة .. اضحك حد الجنون . ومثل الذي يرى انه سيد الجميع ولما انتهي إلى نفسي أجدني وحيدا تحت الشمس .. بحثت تحتها عن ظلي
فلم أجده .. حتى هو راح يبحث عن انجاز تافه ليصنع به مجدا زائفا .. ولما أعود إلى نفسي أجدني بلا انجاز .. أحاول صناعة شيء فأجدني عاجز حتى على إنتاج التفاهة لأعود إلى وحدتي صامتا لا اضحك .. لا احزن .. لا ابكي .. وامضي وحيدا تحت الشمس بلا ظل ..


لوحة القلب النائم والارواح الهائمة
أوصدوا في وجهي باب قلوبهم وتركوني على عتبات الفراغ أتسول دفء مشاعرهم أتلحف وشاح حب من جليد .. يا أيها الربيع الملون بلون الورد تعالى ابسط علي جناحيك في أحلامي انا طفل الحياة المعتمة مذ قطفوا منك آخر زهرة انتظر طلتك البهية لازلت ارتعش من صقيع المشاعر احن لتغريد أطيارك وضحكات ورودك .. متسول أحلام أنا .. راحل بين المحن والمحن أتلصص شق من نور يطل علي من خلف قلوب موصدة .. يا لهذه العتمة التي تغري بحلم هارب من قطع الجمال الراحل احلم في تلك العتمة بين الظلمة والظلمة ان الربيع جاءني معتم ظلامه ووروده بلون الليل الحالك والأطيار تعقد مع الصمت صفقة . ولازلت بعد الأحلام المعتمة ارتعش ببرد الوحدة .. أتسول مشاعر جميلة انتظر يوما لا يكل فيه نبضي عن قرع القلوب المعتمة بعد ألف حلم أفقت .. وجدت قلبي مشرعا أبوابه يطل النور من ثناياه والربيع يرقص طربا على نبضه والأطيار تشدوا بداخلي عذبة .. ألقيت برأسي على صدر الفراغ ونمت مثل الأطفال .. على نبضي اراقص وحدتي التي صارت امرأة هي عمر الجمال كله ..


لوحة النوم الخالد
استيقظت باكرا ولازال بالدنيا مس من عتمة .. تثاءبت طويلا . نظرت حولي فوجدتني محاط بجدران أربع .. أسرفت النظر علي اخطف نظرة لغبار من ضياء الشمس فلم أرى إلا العتمة أرهفت السمع ربما يجود علي القدر بتغريد أطيار عابرة .. فصفعني الصمت القابع معي خلف أبواب من حديد موصدة .. لم يكن الوقت ليلا ولا نهارا .. أنا خارج الزمان والمكان .. لم أكن من الأحياء ولا الأموات تثاءبت طويلا ونمت وتمنيت لو أني لن استيقظ من سباتي أبدا ..


لوحة اعصار الروح
صدى دقات القلب يثير ضجيجا صاخبا مزعجا وتلاحق أنفاسي شكلت رياحا عاتية في شتاء الروح .. دوى القلب مثل صدى الرعد وهاجت الروح مثل ريح صرصر لا تدع ولا تذر .. والمطر سيل منهمر من مدامع العيون حزينة .. والحزن حكاية أمل مات قبل أن يولد .. أيه لو يعلم البشر قيمة آهاتي لحملتهم مثل إعصار .. تلك الآلام تحرق القلب تدوي على رؤوسهم مثل الرعد .. وهذا العذاب يفيض عليهم دمعا فيجرفهم كلهم إلى الهاوية .. لكنه ليس إلا قلب ضعيف أثخنته الطعنات وصدر بارد تتردد فيه ريح أنفاس متقطعة ومآقي تكاد تجف لولا دمعتين عصيتين أهدرهما كتمان الحرمان . إيه يا إعصار الروح متى تثور ..؟


لوحة بالأبيض والأسود
بين اللون الأبيض والأسود حكاية خلوتي وأيضا عبادتي .. لم أكن يوما رجلا رماديا مثل التافهين .. كنت دائما أبيضا أو أسود لا أعرف العبث بين الألوان فلا أرسم لوحة حياتي الا بالأبيض و الأسود
.. ربما يشمئز الآخرين من ألوان لوحتي الواضحة الغارقة في التفاصيل الدقيقة وتشيح عنها الوجوه أحيانا لأنها عارية فاضحة ولأنها انعكاس لشرور الذين يمضون أمامها وينظرون إليها من زوايا عيونهم الضيقة .. رجل مثلي بلا صديق .. بلا حبيب .. بلا رفيق لن يكون رماديا , لن أكون كذلك ولو ذرعت طول الحياة وعرضها أرافق ظلي وأكاتف وحدتي وأراقص أحلام شاردة ..
وان حدث يوما وان أجبرت على أن ألغي لونا من ألوان حياتي فسألغي الأبيض منه لأرسم الحياة بلونها الأسود وليرى الجميع قلوبهم في لوحتي ..


لوحة خطوط الحياة
هذه لوحتي تمتد أمامي بيضاء ناصعة وهي ذي فرشاتي تعبث بها أناملي أتخيل فيها خطوط تنزل من أعلاها وتصعد من أسفلها . أرى فيها وجوه باسمة وأخرى عابسة .. وأخرى حزينة .. الوجوه مجرد خطوط والقسمات فيها مجرد خطوط رياضية بيكاسو رسم أشكالا هندسية على شكل بشر مجرد خطوط وتفاصيل هندسية .. الحياة كلها خطوط .. مستقيمة.. منحرفة .. منحنية ..
لازالت الفرشاة تتمايل بين أناملي تنتظر .
لوحتي لازالت عذراء بيضاء ناصعة لم يمسسها انس ولا جان مثل كاعب تفيض جمالا وحسنا .
أغلقت الزمن على نفسي وأوقفت الأشياء من حولي .. امتدت أناملي بفرشاتها نحو اللوحة وطبعت عليها قطرة وانسابت القطرة عبر البياض لتتحول إلى دمعة سوداء تنساب على خد لوحتي البيضاء تبكي على الوجوه الضاحكة .. لم يكن الضحك سوى طيفا مر برقا من أمامي .. أما ما جسدته لوحتي فدمعة تبكي البشر .


لوحة الزمن الموقوف
قبل أني يأتوا بي إلى هنا كانت الحياة تمضي كعادتها والأيام تتساقط من شجرة الدنيا .. وكان الربيع يجيء في كل عام .. لكن بين جدران اربع خارج الزمان والمكان اختلفت الحياة والموت في شأني رفضتني الحياة وترفع علي الموت .. مضى يوم .. أسبوع .. شهر .. شهران ولازال التاريخ كما هو لم يتغير وكأن الأرض توقفت عن الدوران .. وبقي الألم وحده يكبر في صمت بحجم الأرض يكبر بحجم السماء مثل شرخ زلزال يقسمني نصفين .. نصف يتلقفه العذاب ونصف تبتلعه الظلمة والوحدة .


لوحة الـأ حزان
الوحدة عاصفة صماء تحطم جميع الأغصان اليابسة في شجرة حياتنا ولكنها تزيد جذورنا ثباتا في القلب الحي للأرض الحية .. جبران . خ . جبران


تعاظم حزني حتى صار مثل الأودية والجبال والأنهار .. وتضاءلت الحياة في عيوني حتى وضعتها في كفي وسحقتها بين أصابعي وصيرتها حبات من غبار ونفختها في الهواء فتناثرت في الأجواء وصارت هباء ...
تعاظم حزني فانفجرت منه الأنهار والوديان وتناثرت منه حمم البراكين .. تعاظم حزني فوصل عنان السماء فأرسلت منه مطرا سخيا ملأ صحراء قلبي فصيرها بحرا متلاطم موجه . نظرت
إلى روحي فرايتها لازلت حزينة .


لوحـــة الشاطئ الغريب
على هذه الشواطئ أمشي أبدا .
بين الرمل والزبد
إن المد سيمحو أثار أقدامي
وستذهب الريح بالزبد
أما البحر والشاطئ فيظلان إلى الأبد
.. / جبران . خ . جبران


مضيت حافيا على الشاطئ أجر أقدامي تتبعني أثارها على الرمال .. تمتد هناك مذ ولدت .. تلك آثاري . تلك أحلامي , على شاطئ الحياة الجميل رسمتها بدم قلبي ورعيتها بنور عيني وزرعتها بذرة في سويداء القلب .. بعد ألف عام وعام صارت وردة جميلة .. التفت خلفي فوجدت الموج قد محا أثار أقدامي وقطف الخريف ورد أحلامي فمضيت هكذا بلا حلم مثل غريب .


لوحة أمواج السراب
ذلك الموج الهادر يرفعني إلى الفضاء ومثل التافهين أحسب الموج العالي رفعة تدوم , فصنعت على صهوة الموج أحلامي الضخام ونسجت على قمته واضطرابه خيالات وأماني جميلة وأوهام كبيرة . والموج يعلو .. ومعه الأحلام تعلو . والموج يكبر ومعه الأمنيات الجميلة تكبر .. وعلى حين غفلة خر بي من أعالي السماء ولطمني بأديم الأرض .
ببطء فتحت عيوني فرأيت تلك الأحلام والأطياف الجميلة مجرد حطام وشتات وأشلاء وركام ونظرت إلى الموج أمامي فوجدته وديعا صغيرا بعدما صير أحلامي مجرد سراب .. مجرد خراب .


لوحة البحر الضاحك
حبات رمل الشاطئ تحضن أثار أقدامي فترسم لها قالب يتبع قالب .. ويرسم خطواتي خطوة بعد خطوة وهناك على مد البصر تمتد خطواتي وقوالب أقدام شيدتها رمال الشاطئ أنظر اليها من مكاني وارجع إلى الماضي البعيد من أول خطوة خطوتها نسجتها على حبات الرمل .. ويعصف الريح ويهيج البحر ليعود كل شيء سراب والشاطئ صفحة بيضاء ينتظر أسطر من خطوات يمحوها ويضحك على كاتبها .



لوحة الأحلام العارية
استلقيت على الشاطئ واستلقت معي أحلامي نظرت إليها فرأيتها حورية بحر جميلة .. كانت عارية يمتد شعرها طويلا .. طويلا . حالك مثل عتمة ,, عينيها واسعتين يغرق فيهما البحر تطل الحياة منهما .. وثغرها أريج الربيع الجميل .. حاولت أن أعانقها فتسربت إلى البحر واختفت بين لججه المتلاطمة . نظرت إلى أحلامي فوجدتها سراب . والسراب صار ضباب وانقشع الضباب وأفيق على العدم .


لوحة الخوف الملون
الصمت .. السكون .. السراب .. وأحلام مهدورة وسطوة الألم هذا ما تبقى لي , كل شيء اختفى في لمح البصر .. بين خفقة قلب ورعشة هدب تسرب الكون في العدم وصار عدم .. بحثت عن كل شيء فلم أجد شيء .. رهبة السكون والصمت والزمن الموقوف يثير في نفسي فزعا , أتخيلني في حلم , لكنه ليس حلم بل حقيقة مجنونة .. أليس جنونا أن أفتح عيوني المثقلة بالألم لأرى الأشياء فلا أرى شيء .. أليس جنونا أن أرهف سمعي لأصوات الفتها فلا أسمع إلا طنين الصمت يصفعني . أين البشر ...؟ اين مضيتم ..؟ أين أنا .؟ ومن أنا . ولما أنا ..؟


لوحة من خارج الزمان والمكان
الساعة فراغ في الزمن
التاريخ : ثقب منسي
المكان : هناك .. هناك وراء الشمس
في الساعة فراغ بعد منتصف السكون في يوم منسي من شهر ضاع من سنة مفقودة ’ جلست القرفصاء حيث كنت هناك وراء الشمس حيث اللاشيء واللا مكان و اللازمان
وكل شيء موقوف , حيث الصمت والسكون . فتحت عيوني المثقلة بحلم مثل الذي نام ألف سنة ’ تلمست الأشياء فتسربت أناملي في السراب تلامس الفراغ , حاولت استرجاع ما مضى فلم أذكر سوى الفراغ وشعرت أن الذكريات تسقط في قاع الفراغ .. لم اعد أرى شيء فكل شيء ابتلعه الظلام , لم أعد أذكر طلاسم وجهي وتضاريس جسدي . ولا حتى غرفت أنا من أكون .. نظرت من حولي فلم أجد إلا الفراغ وابتلعني الصمت وخيم السكون وأطفئوا عني الظلام .


لوحة أشلاء قلب مبعثرة
ذاكرة الحب لا تموت في القلب النابض بالمحبة .
وحده الحب يصرخ بفجيعته في عتمة الظلام وتهيج به الذكرى وينسج لي من الزمن المنسي أحلاما جميلة ويرمم أشلاء روحي المشروخة ويعود بي إلى محطات حب خطفتها يوما من مقادير الزمن , عند هذه الذكريات تصير دقات القلب مثل ضربات مدافع تدوي في سكون الظلام ’ وحين ينحني الجسد الهزيل ليلملم أشلاء قلب طاعن في الألم تظهر أثار الطعنة في الظهر وتصبح الظلمة حالكة الحمرة .. واسألني بيني وبين نفسي كم قوي الساعد الذي غدر ... كم قوي الساعد الذي غدر .. . وتصبح هذه الكلمات أغنية لقلب مثقل بالحزن .. وعلى أنغامها أنام .. أنام . . أنام .. كم قوي الساعد الذي طعن .. أنام . أنام .. ويعزف الحزن على وتر من شجن .. وأنام .. أنام .. كطفل يحلم بأن يستيقظ غدا على حلم