"غاية الحياة"

"غاية الحياة"





ولطالما تخبطت طريقاً ناسياً غايتي...مهرولاً خلف مجانينَ بلا درايةِ...

وانتبهتُ و اذا بكِ اصبحتِ انتِ غايتي ودرايتي..

وانتِ زنبقة الربيع البيضاء لا مكان لكِ الا في حديقة على ضفاف كارون الحبيب ...فلا آتيكِ بغضب الأيام و لا اليأس و الظلام... بل بقنديل و ابتسامة و امل ...لن اجد على اوراقكِ غصة الزمان و لا دمعة المكان انما فوق جبينكِ تجلس الفراشات و تنسج الأحلام الجميلة الظريفة...و لن تفوحين باللغو والشكوى انما عطركِ الشعر و الغزل العربي الأصيل...

وانتِ اغنية عربية مغناة على لسان ناظم الغزالي في امسية بغدادية بمناسبة زفاف عروسين عربيين ...اسمع كلماتكِ و اتسرب اليكِ من بين الأزقة و الحدائق و الشوارع مثل سكران يهتدى بهدي الخمرة لتقوده منتشياً الى الحفلة الغنائية ...فأرقص على اوتارها الفَرِحة...في يدي اليمني خصر فتاة جميلة و في اليسرى كأس خمرة طيبةٍ...

و انتِ لوحة رُسمت بيد رسام عظيم تحمل على ثناياها جميع ملامح الحب و السعد و السرور و الاماني...فيها الخيل العربية الجامحة في رياح الربيع و نشوة الصباح سارحة على سواحل نهر النيل ...و فيها الفتيات يرجعن من المدارس سافرت الشعور و الصدور والنحور و العواطف كغزلان سهل عامر بالملائكة و الاثمار و الزهاد.. لا يوجد في قلوب ساكنيه الا الامل...و فيها مقهى دمشقية لا صوت فيها الا صوت الغناء و الشعر و الضحكِ و مكتوب على بابها "محظور حديث السياسة" ...

وانتِ القصر المبني بين البحر و غابة الأرز ...لا يوجد فيكِ الدمع الا ابتسامة تحدٍ و لا يوجد فيك احجام الا صار حركة و لا يوجد فيكِ حزن الا و تلبس الفرح و ان كان خفيف الوطأ و لا يوجد فيكِ اليأس الا و انتحر على مداخل الامل ...و لا توجد فيكِ اشياء كبيرة ...لا اثاث فاخر و لا ازياء غالية و لا خيول مطهمة و لا حفلات شرف صاخبة و لا موائد مفاطيح شاسعة مزدحمة ...كلما هنالك ظلال و جدول و عود و قهوة ساخنة...فتُش?ل اَبهى قصرٍ على الارض...

نعم يا عزيزتي لقد صرتِ انتِ غايتي و ما اجملكِ من غاية لا ارى فيها الا السهل اليسير ...فلا اشعر فيها بالحقد و الكراهية او النفعية و حب الذات و الغرور و الطموحات الجوفاء و لا البحث عن شهرة و لا الحزبية و الطائفية والعنصرية و لا السياسة و لا الآيدلوجية و لا حتى المُثل العلياء المتعالية ...و بأختصار شديدٍ مفيد انتِ لحظة تذوب فيكِ كل مساوئ البشرية جمعاء و تصير ابتسامة و موسيقى و انسانية...