"ولادة مشاعري"

"ولادة مشاعري"





ولدت مشاعري من رحم عشقكِ...

صرت اعشق الدنيا بسوادها و بياضها ... بضحكاتها و عبراتها ... بأولياءها و اعداءها...

في كل الساعات انا مغموس بزيت الله ... و في سكينة و طمئنينة ...مثل يختٍ في بحيرة زرقاء في يوم ربيعي ناعم الشمس لطيف الريح اسير بين اشجار غابة الزيزفون و الصفصاف و التين...ليس في قلبي لا حزن و لا فرح لا عبرة و لا قهقة ...انا صامد مثل نواة في بطن درّاقة معطرة ناضجة في اعلا غصن محصنة بعيدان لا تلوى امام هبوب او تحت هطول...

من بعيد ازرع القُبل على جباه الناس...فالكل احبائي ...انا اِمرءٌ بلا خصم و لا حقد و لا غش...اتوق الى كل الوجوه ؛ الباكية منها و الضاحكة و المتكفهرة و المتفتحة...و اوزع نظرات الحنين على المارة من اطفال غارقة في لهو الصغائر الى كبار مدفونين قسرا في لحود الحياة ...كم هي جميلة ابتسامات الشبان المغترين بزهو الايام ...كم هو عظيم جمال الفتيات اللواتي يزيين الوجوه المتبرعمة في فجر الحياة...

لقد ولدت خمس حواسي من جديد...و غدوت اشتم ما لم اشمه قبلكِ من روائح في كل الامكنة ...فكم من طيب كنت لم اشعر به محتقراً اياه ...الآن كل الأشياء تفوح برائحة زكية مطيّبة مرغوب فيها ؛ اقلامي.. دفاتري.. منضدتي.. الجدران.. الابواب ...امسيت مسلحاً بالعطور كأنني شجرة تثمرة روائح ...كأنني عطار...

اليوم اصبحت ارى ما لم ارَ قبلكِ ..كأن العيون كانت عمياء بلا نور...فتسلل الضوء اليها كما انتِ توغلت فؤادي...ثم اكتست الاشياء الوان لا عهد لي بها ...فتعددت و تكتثرت بحيث لم اعد حتى اعرف اسماءها ..لكنني اعرف اني سكران برؤيتها ...انا ثمل بالأزرق و الأخضر و الأحمر...انا قوسُ قزح ذو الف لون ...

اليوم صرت اسمع اصواتاً جديدة و استغرب ؛ اين مصدرها ؟ اين كانت قبل مجيئكِ؟ فصارت الاصوات تأتي من اقصى الارض و اقربها و من مشارقها و مغاربها...و بأحلى التغريد و الهديل و الخرير و الدندنة و العود و الناي و الغيثار و المزمار و الغناء و السمفونية و الأُبرا ...فسمعت ام كلثوم ..و عبدالحليم ...و ناظم الغزالي و الموصلي...واغاني الهنود و الاتراك و الاكراد و الانجليز و الفرانسيين ...

و صارت اذناي اكبرسمفونية في العالم اجمع...

اليوم لمست ما لم المس من قبل ...فكأنني كنت حجراً لا يأثر بها الحرير و لا الشوك ..لكن و بفضل يديكِ...صرت اِهاب الارض كلها ...فأحسست كل الحركات و السكنات في النور و الظلمات ...

قبل ان تهلين تفاحة لبنانية على شفتي و في فمي...كنت لا اعرف اي مذاق او طعم لمأكل او فاكهة او تابل...و بفضل طعم قبلاتكِ اجتمعت مذاقات الاطعمة الشهية جمعاء في فمي و سرت في شرايني و تحولتُ الى سفرة ممتدة من الشرق الى الغرب لا جالس عليها الا عاشق واحد و هو انا....

نعم يا حبيبتي بفضل مشاعرك النامية المتكاملة وُجِدت عندي المشاعر الرفيعة و تقربت من الله لأكون مركز الشعور كله كحقل مغناطيسي یجذب اليه كل ذبذبة صادرة من كائن في السموات و في الأرض... فشكراً لكِ اني اشعر بأبوبة الكون و امومتهِ....