صحابه الرسول
5 مشترك
صفحة 2 من اصل 2
صفحة 2 من اصل 2 • 1, 2
رد: صحابه الرسول
ذو الجناحين
جعفر بن أبي طالب
إنه جعفر بن أبي طالب - رضي الله عنه - شهيد مؤتة ، وابن عم رسول الله -صلى الله عليه وسلم - ، والشقيق الأكبر
لعلي - رضي الله عنه - ، أسلم مبكرًا ، وأسلمت معه في نفس اليوم زوجته أسماء بنت عُميْس ، وتحملا نصيبهما من الأذى
والاضطهاد في شجاعة وثبات.
كان أشبه الناس خَلْقًا وخُلُقًا بالرسول ، كنَّاه الرسول بأبي المساكين ، ولقبه بذي الجناحين ، وقال عنه حين قطعت
يداه : ( إن الله أبدله بيديه جناحين يطير بهما في الجنة حيث يشاء ) [الحاكم].
وكان جعفر - رضي الله عنه - يحب المساكين ويطعمهم ويقربهم منه ، ويحدثهم ويحدثونه ، يقول عنه أبو هريرة - رضي
الله عنه -: كان خير الناس للمساكين جعفر بن أبي طالب. ويقول عنه أيضًا : ما احتذى النعال ، ولا ركب المطايا ، ولا
وطئ التراب بعد رسول الله أفضل من جعفر بن أبي طالب.
ولما خاف الرسول على أصحابه اختار لهم الهجرة إلى الحبشة ، وقال لهم : ( لو خرجتم إلى أرض الحبشة ، فإن بها
ملكًا لا يظلم عنده أحد ) ، فخرج جعفر وأصحابه إلى الحبشة ، فلما علمت قريش ، أرسلت وراءهم عمرو بن العاص وعبد
الله بن أبي ربيعة - وكانا لم يسلما بعد - ، وأرسلت معهما هدايا عظيمة إلى النجاشي ملك الحبشة ؛ أملا في أن يدفع
إليهم جعفر وأصحابه فيرجعون بهم إلى مكة مرة ثانية ليردوهم عن دين الإسلام .
ووقف رسولا قريش عمرو وعبد الله أمام النجاشي فقالا له : أيها الملك ! إنه قد ضوى ( جاء ) إلى بلادك غلمان سفهاء ،
فارقوا دين قومهم ولم يدخلوا في دينك ( المسيحية ) ، بل جاءوا بدين ابتدعوه ، لا نعرفه نحن ولا أنت ، وقد بعثنا إليك
فيهم أشراف قومهم من آبائهم ، وأعمامهم ، وعشائرهم لتردهم إليهم. فلما انتهيا من كلامهما توجَّه النجاشي بوجهه
ناحية المسلمين وسألهم: ما هذا الدين الذي فارقتم فيه قومكم ، واستغنيتم به عن ديننا ؟
فقام جعفر وتحدث إلى الملك باسم الإسلام والمسلمين قائلاً : أيها الملك ، إنا كنا قومًا أهل جاهلية نعبد الأصنام
، ونأكل الميتة ، ونأتي الفواحش ، ونقطع الأرحام ، ونسيء الجوار ، ويأكل القوي منا الضعيف ، حتى بعث الله إلينا
رسولاً منا ، نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفافه ، فدعانا إلى عبادة الله وحده ، وخَلْعِ ( ترك ) ما كنا نعبد نحن وآباؤنا
من الحجارة والأوثان ، وأمرنا بصدق الحديث ، وأداء الأمانة ، وصلة الرحم ، وحسن الجوار ، والكف عن المحارم والدماء
، ونهانا عن الفواحش ، وقول الزور ، وأكل مال اليتيم ، فصدقناه وآمنا به ، فعذبنا قومنا وفتنونا عن ديننا ؛ ليردونا
إلى عبادة الأوثان ، فلما ظلمونا ، وضيقوا علينا ، وحالوا بيننا وبين ديننا ، خرجنا إلى بلادك ، ورغبنا في جوارك ،
ورجونا ألا نظلم عندك.
استمع النجاشي إلى كلمات جعفر ، فامتلأت نفسه روعة بها ، ثم سأله : هل معك شيء مما أنزل على رسولكم ؟ قال
جعفر : نعم ، فقال النجاشي : فاقرأه علي . فقرأ جعفر من سورة مريم ، فبكى النجاشي ، ثم توجه إلى عمرو وعبد
الله وقال لهما : إن هذا والذي جاء به عيسى ليخرج من مشكاة واحدة ( يقصد أن مصدر القرآن والإنجيل واحد ). انطلقا
فوالله لا أسلمهم إليكما.
فأخذ عمرو يفكر في حيلة جديدة ، فذهب في اليوم التالي إلى الملك وقال له : أيها الملك ، إنهم ليقولون في عيسى
قولاً عظيمًا ، فاضطرب الأساقفة لما سمعوا هذه العبارة وطالبوا بدعوة المسلمين ، فقال النجاشي : ماذا تقولون عن
عيسى ؟ فقال جعفر : نقول فيه ما جاءنا به نبينا : هو عبد الله ورسوله ، وكلمته ألقاها إلى مريم ، وروح منه. عند ذلك
أعلن النجاشي أن هذا هو ما قاله عيسى عن نفسه ، ثم قال للمسلمين : اذهبوا ، فأنتم آمنون بأرضي ، ومن سبكم أو
آذاكم فعليه ما يفعل ، ثم رد إلى قريش هداياهم.
وعاد جعفر والمسلمون من الحبشة بعد فتح خيبر مباشرة ، ففرح الرسول -صلى الله عليه وسلم - فرحًا كبيرًا وعانقه
وهو يقول : ( ما أدرى بأيهما أنا أشد فرحًا ؛ أبقدوم جعفر أم بفتح خيبر ؟ ) [الحاكم]. وبنى له الرسول دارًا بجوار
المسجد ليقيم فيها هو وزوجته أسماء بنت عميس وأولادهما الثلاثة ؛ محمد ، وعبد الله ، وعوف ، وآخى بينه وبين معاذ
بن جبل - رضي الله عنهما - .
وفي العام الثامن من الهجرة ، أرسل النبي جيشًا إلى الشام لقتال الروم ، وجعل الرسول ( زيد بن حارثة أميرًا على
الجيش وقال : ( عليكم بزيد بن حارثة ، فإن أصيب زيد، فجعفر بن أبي طالب ، فإن أصيب جعفر فعبد الله بن رواحة )
[أحمد والبخاري].
ودارت معركة رهيبة بين الفريقين عند مؤتة ، وقتل زيد بن حارثة ، فأخذ الراية جعفر ، ومضى يقاتل في شجاعة وإقدام
وسط صفوف الروم وهو يردد بصوت عالٍ :
يَا حَبَّذَا الجَنَّةُ وَاقْتِرَابُهَــــا طَيَّبَةٌ ، وَبَارِدٌ شَرَابُهَــــــا
وَالرُّومُ رومٌ قَدْ دَنَا عَذَابُهَــا كَافِرَةٌ بَعيِدَةٌ أنْسَابُهَــــــا
عليَّ إِذْ لاقيتها ضرابهـــا
وظل يقاتل حتى قطعت يمينه ، فحمل الراية بشماله فقطعت هي الأخرى ، فاحتضن الراية بعضديه حتى استشهد. يقول
ابن عمر : كنت مع جعفر في غزوة مؤتة ، فالتمسناه فوجدناه وبه بضع وتسعون جراحة ، ما بين ضربة بسيف ، وطعنة
برمح ، وعلم الرسول خبر استشهاده ، فذهب إلى بيت ابن عمه ، وطلب أطفال جعفر وقبلهم ، ودعا لأبيهم - رضي الله
عنه - .
جعفر بن أبي طالب
إنه جعفر بن أبي طالب - رضي الله عنه - شهيد مؤتة ، وابن عم رسول الله -صلى الله عليه وسلم - ، والشقيق الأكبر
لعلي - رضي الله عنه - ، أسلم مبكرًا ، وأسلمت معه في نفس اليوم زوجته أسماء بنت عُميْس ، وتحملا نصيبهما من الأذى
والاضطهاد في شجاعة وثبات.
كان أشبه الناس خَلْقًا وخُلُقًا بالرسول ، كنَّاه الرسول بأبي المساكين ، ولقبه بذي الجناحين ، وقال عنه حين قطعت
يداه : ( إن الله أبدله بيديه جناحين يطير بهما في الجنة حيث يشاء ) [الحاكم].
وكان جعفر - رضي الله عنه - يحب المساكين ويطعمهم ويقربهم منه ، ويحدثهم ويحدثونه ، يقول عنه أبو هريرة - رضي
الله عنه -: كان خير الناس للمساكين جعفر بن أبي طالب. ويقول عنه أيضًا : ما احتذى النعال ، ولا ركب المطايا ، ولا
وطئ التراب بعد رسول الله أفضل من جعفر بن أبي طالب.
ولما خاف الرسول على أصحابه اختار لهم الهجرة إلى الحبشة ، وقال لهم : ( لو خرجتم إلى أرض الحبشة ، فإن بها
ملكًا لا يظلم عنده أحد ) ، فخرج جعفر وأصحابه إلى الحبشة ، فلما علمت قريش ، أرسلت وراءهم عمرو بن العاص وعبد
الله بن أبي ربيعة - وكانا لم يسلما بعد - ، وأرسلت معهما هدايا عظيمة إلى النجاشي ملك الحبشة ؛ أملا في أن يدفع
إليهم جعفر وأصحابه فيرجعون بهم إلى مكة مرة ثانية ليردوهم عن دين الإسلام .
ووقف رسولا قريش عمرو وعبد الله أمام النجاشي فقالا له : أيها الملك ! إنه قد ضوى ( جاء ) إلى بلادك غلمان سفهاء ،
فارقوا دين قومهم ولم يدخلوا في دينك ( المسيحية ) ، بل جاءوا بدين ابتدعوه ، لا نعرفه نحن ولا أنت ، وقد بعثنا إليك
فيهم أشراف قومهم من آبائهم ، وأعمامهم ، وعشائرهم لتردهم إليهم. فلما انتهيا من كلامهما توجَّه النجاشي بوجهه
ناحية المسلمين وسألهم: ما هذا الدين الذي فارقتم فيه قومكم ، واستغنيتم به عن ديننا ؟
فقام جعفر وتحدث إلى الملك باسم الإسلام والمسلمين قائلاً : أيها الملك ، إنا كنا قومًا أهل جاهلية نعبد الأصنام
، ونأكل الميتة ، ونأتي الفواحش ، ونقطع الأرحام ، ونسيء الجوار ، ويأكل القوي منا الضعيف ، حتى بعث الله إلينا
رسولاً منا ، نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفافه ، فدعانا إلى عبادة الله وحده ، وخَلْعِ ( ترك ) ما كنا نعبد نحن وآباؤنا
من الحجارة والأوثان ، وأمرنا بصدق الحديث ، وأداء الأمانة ، وصلة الرحم ، وحسن الجوار ، والكف عن المحارم والدماء
، ونهانا عن الفواحش ، وقول الزور ، وأكل مال اليتيم ، فصدقناه وآمنا به ، فعذبنا قومنا وفتنونا عن ديننا ؛ ليردونا
إلى عبادة الأوثان ، فلما ظلمونا ، وضيقوا علينا ، وحالوا بيننا وبين ديننا ، خرجنا إلى بلادك ، ورغبنا في جوارك ،
ورجونا ألا نظلم عندك.
استمع النجاشي إلى كلمات جعفر ، فامتلأت نفسه روعة بها ، ثم سأله : هل معك شيء مما أنزل على رسولكم ؟ قال
جعفر : نعم ، فقال النجاشي : فاقرأه علي . فقرأ جعفر من سورة مريم ، فبكى النجاشي ، ثم توجه إلى عمرو وعبد
الله وقال لهما : إن هذا والذي جاء به عيسى ليخرج من مشكاة واحدة ( يقصد أن مصدر القرآن والإنجيل واحد ). انطلقا
فوالله لا أسلمهم إليكما.
فأخذ عمرو يفكر في حيلة جديدة ، فذهب في اليوم التالي إلى الملك وقال له : أيها الملك ، إنهم ليقولون في عيسى
قولاً عظيمًا ، فاضطرب الأساقفة لما سمعوا هذه العبارة وطالبوا بدعوة المسلمين ، فقال النجاشي : ماذا تقولون عن
عيسى ؟ فقال جعفر : نقول فيه ما جاءنا به نبينا : هو عبد الله ورسوله ، وكلمته ألقاها إلى مريم ، وروح منه. عند ذلك
أعلن النجاشي أن هذا هو ما قاله عيسى عن نفسه ، ثم قال للمسلمين : اذهبوا ، فأنتم آمنون بأرضي ، ومن سبكم أو
آذاكم فعليه ما يفعل ، ثم رد إلى قريش هداياهم.
وعاد جعفر والمسلمون من الحبشة بعد فتح خيبر مباشرة ، ففرح الرسول -صلى الله عليه وسلم - فرحًا كبيرًا وعانقه
وهو يقول : ( ما أدرى بأيهما أنا أشد فرحًا ؛ أبقدوم جعفر أم بفتح خيبر ؟ ) [الحاكم]. وبنى له الرسول دارًا بجوار
المسجد ليقيم فيها هو وزوجته أسماء بنت عميس وأولادهما الثلاثة ؛ محمد ، وعبد الله ، وعوف ، وآخى بينه وبين معاذ
بن جبل - رضي الله عنهما - .
وفي العام الثامن من الهجرة ، أرسل النبي جيشًا إلى الشام لقتال الروم ، وجعل الرسول ( زيد بن حارثة أميرًا على
الجيش وقال : ( عليكم بزيد بن حارثة ، فإن أصيب زيد، فجعفر بن أبي طالب ، فإن أصيب جعفر فعبد الله بن رواحة )
[أحمد والبخاري].
ودارت معركة رهيبة بين الفريقين عند مؤتة ، وقتل زيد بن حارثة ، فأخذ الراية جعفر ، ومضى يقاتل في شجاعة وإقدام
وسط صفوف الروم وهو يردد بصوت عالٍ :
يَا حَبَّذَا الجَنَّةُ وَاقْتِرَابُهَــــا طَيَّبَةٌ ، وَبَارِدٌ شَرَابُهَــــــا
وَالرُّومُ رومٌ قَدْ دَنَا عَذَابُهَــا كَافِرَةٌ بَعيِدَةٌ أنْسَابُهَــــــا
عليَّ إِذْ لاقيتها ضرابهـــا
وظل يقاتل حتى قطعت يمينه ، فحمل الراية بشماله فقطعت هي الأخرى ، فاحتضن الراية بعضديه حتى استشهد. يقول
ابن عمر : كنت مع جعفر في غزوة مؤتة ، فالتمسناه فوجدناه وبه بضع وتسعون جراحة ، ما بين ضربة بسيف ، وطعنة
برمح ، وعلم الرسول خبر استشهاده ، فذهب إلى بيت ابن عمه ، وطلب أطفال جعفر وقبلهم ، ودعا لأبيهم - رضي الله
عنه - .
رد: صحابه الرسول
أول من جهر بالقرآن
عبد الله بن مسعود
إنه الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - ، كان مولى لعقبة بن أبي معيط ، يرعى غنمه في شعاب
مكة، فمرَّ عليه النبي -صلى الله عليه وسلم - ومعه الصديق - رضي الله عنه - ذات يوم ، فقال له النبي : ( يا غلام هل من
لبن ؟ ) .
فقال عبد الله : نعم ، ولكني مؤتمن ، فقال له رسول الله : ( فهل من شاة حائل لم ينـز عليها الفحل ). فقال : نعم ، ثم
أعطاه شاة ليس في ضرعها لبن ، فمسح رسول الله ضرعها بيده الشريفة ، وهو يتمتم ببعض الكلمات ، فنزل اللبن
بإذن الله ، فحلبه الرسول بيده في إناء ، وشرب ، وسقى أبا بكر ، ثم قال النبي ( للضرع : ( اقلص ) ، فجف منه اللبن ،
فقال عبد الله في دهشة وتعجب : علمني من هذا القول الذي قلته. فنظر إليه رسول الله في رفق ومسح على رأسه ،
وصدره وقال له : ( إنك غُليِّم معلم ) ، ثم تركه وانصرف. [أحمد].
سرت أنوار الهداية في عروق ابن مسعود ، فعاد إلى سيده بالغنم ، ثم أسرع إلى مكة يبحث عن ذلك الرجل وصاحبه
حتى وجده ، وعرف أنه نبي مرسل ، فأعلن ابن مسعود إسلامه بين يديه ، وكان بذلك سادس ستة يدخلون في الإسلام
، وذات يوم ، اجتمع أصحاب النبي ، فقالوا : والله ما سمعت قريش هذا القرآن يجهر لها به قط ، فمن رجل يسمعهموه ؟
فقام عبد الله ، وقال : أنا. فقالوا له : إنا نخشاهم عليك ، إنما نريد رجلاً له عشيرة يمنعونه من القوم إن أرادوه. قال :
دعوني، فإن الله سيمنعني. ثم ذهب إلى الكعبة ، وكان في وقت الضحى ، فجلس ورفع صوته بالقرآن ، وقرأ
مسترسلا ً: { بسم الله الرحمن الرحيم. الرحمن . علم القرآن } [الرحمن: 1-2]، فنظر إليه أهل مكة في تعجب ودهشة ، فمن
يجرؤ على أن يفعل ذلك في ناديهم ؟ وأمام أعينهم ؟! فقالوا في دهشة : ماذا يقول ابن أم عبد ؟ !
ثم أنصتوا جيدًا إلى قوله ، وقالوا في غضب : إنه ليتلو بعض ما جاء به محمد ، ثم قاموا إليه ، وضربوه ضربًا شديدًا ،
وهو يستمر في قراءته حتى أجهده الضرب ، وبلغ منه الأذى مبلغًا عظيمًا ، فكفَّ عن القراءة ، فتركه أهل مكة وهم لا
يشكون في موته ، فقام إليه أصحابه ، وقد أثَّر الضرب في وجهه وجسده ، فقالوا له : هذا الذي خشينا عليك . فقال :
ما كان أعداء الله أهون عليَّ منهم الآن ، ولئن شئتم لأغادينهم بمثلها غدًا ( أي أفعل ذلك مرة أخرى ) ، قالوا : لا ، لقد
أسمعتهم ما يكرهون.
وهاجر ابن مسعود الهجرتين ، وآخى رسول الله بينه وبين الزبير بن العوام - رضي الله عنه - في المدينة ، وكان ابن
مسعود من أحرص المسلمين على الجهاد في سبيل الله ، شارك في جميع غزوات المسلمين ، ويوم بدر ذهب عبد الله إلى
رسول الله مبشرًا له ، وقال : يا رسول الله ، أني قتلت أبا جهل ، ففرح بذلك رسول الله ، ووهبه سيف أبي جهل
مكافأة له على ذلك.
وكان ابن مسعود أعلم أصحاب رسول الله بقراءة القرآن ، ومن أنداهم صوتًا به ، ولذا كان رسول الله يقول : (
استقرئوا القرآن من أربعة : من عبد الله بن مسعود ، وسالم مولى أبي حذيفة ، وأبي بن كعب ، ومعاذ بن جبل )
[البخاري].
وقال : ( من سره أن يقرأ القرآن غضًّا كما أنزل ، فليقرأه على قراءة ابن أم عبد ) [البزار].
وكان رسول الله يحب سماع القرآن منه ، فقال له ذات مرة : ( اقرأ عليّ َ) ، فقال عبد الله : أقرأ عليك وعليك أنزل ؟
قال : ( أني أحب أن أسمعه من غيري ) ، فقرأ ابن مسعود من سورة النساء حتى وصل إلى قوله تعالى : { فكيف إذا
جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدًا } [النساء: 14] ، فبكى رسول الله وقال : ( حسبك الآن ) [البخاري].
وكان ابن مسعود يقول : أخذت من فم رسول الله سبعين سورة. وكان يقول عن نفسه كذلك : أني لأعلم الصحابة بكتاب
الله ، وما أنا بخيرهم ، وما في كتاب الله سورة ولا آية إلا وأنا أعلم فيما نزلت ومتى نزلت.
وكان عبد الله بن عباس - رضي الله عنه - يقول : كان النبي يعرض القرآن على جبريل في كل عام مرة ، فلما كان العام
الذي مات فيه النبي عرضه عليه مرتين ، وحضر ذلك عبد الله بن مسعود ، فعلم ما نسخ من ذلك وما بدل.
وقال حذيفة - رضي الله عنه - : لقد علم المحفظون من أصحاب رسول الله ( أن عبد الله بن مسعود كان من أقربهم وسيلة
إلى الله يوم القيامة ، وأعلمهم بكتاب الله. وكان عبد الله شديد الحب لله ولرسوله ، وظل ملازمًا للنبي ، يسير معه حيث
سار ، يخدم النبي ، يلبسه نعله ، ويوقظه إذا نام ، ويستره إذا اغتسل.
وكان النبي يحبه ويقربه منه ، ويدنيه ويقول له : ( إذنك عليَّ أن يرفع الحجاب ، وأن تستمع سوادي ( أسراري ) حتى
أنهاك ) [مسلم]. فسمي عبد الله بن مسعود منذ ذلك اليوم بصاحب السواد والسواك ، وقد بشره رسول الله بالجنة ،
وكان يقول عنه : لو كنت مؤمرًا أحدًا ( أي مستخلفًا أحدًا ) من غير مشورة منهم لأمرت ( أي استخلفت ) عليهم ابن أم
عبد ) [الترمذي].
وقال : ( وتمسكوا بعهد ابن مسعود) _[الترمذي]، وروي عنه ( أنه قال: رضيت لأمتي ما رضي لها ابن أم عبد ) [الحاكم].
ويروى أن رسول الله أمر عبد الله بن مسعود أن يصعد شجرة فيأتيه بشيء منها ، فلما رأى أصحابه ساقيه ضحكوا ،
فقال : ( ما تضحكون ؟ لَرِجْلُ عبد الله أثقل في الميزان يوم القيامة من أحد ) [أحمد وابن سعد وأبو نعيم].
وفي خلافة الفاروق - رضي الله عنه - أرسل عمر إلى أهل الكوفة عمار بن ياسر وعبد الله بن مسعود - رضي الله
عنهما - ، وقال : عمار أمير ، وابن مسعود معلم ووزير ، ثم قال لأهل الكوفة : لقد آثرتكم بعبد الله بن مسعود على
نفسي. وجاء رجل من أهل الكوفة إلى عمر في موسم الحج ، فقال له: يا أمير المؤمنين ، جئتك من الكوفة ، وتركت بها
رجلاً يحكى المصحف عن ظهر قلب. فقال عمر : ويحك ؛ ومن هو ؟ فقال الرجل : هو عبد الله بن مسعود. فقال عمر :
والله ، ما أعلم من الناس أحدًا هو أحق بذلك منه.
وكان عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - عالما حكيمًا ، ومن أقواله المأثورة قوله : أيها الناس ، عليكم بالطاعة
والجماعة ، فإنها حبل الله الذي أمر به ، وإن ما تكرهون في الجماعة خير مما تحبون في الفرقة. وكان - رضي الله
عنه - يقول : أني لأمقت ( أكره ) الرجل إذ أراه فارغًا ، ليس في شيء من عمل الدنيا ولا عمل الآخرة.
وعندما مرض عبد الله بن مسعود مرض الموت ، دخل عليه أمير المؤمنين عثمان بن عفان - رضي الله عنه - يزوره ، وقال
له : أنأمر لك بطبيب ؟ فقال عبد الله : الطبيب أمرضني. فقال عثمان : نأمر لبناتك بمال ، وكان عنده تسع بنات ، فقال
عبد الله : لا ، أني علمتهن سورة ، ولقد سمعت رسول الله يقول : ( من قرأ سورة الواقعة لا تصيبه الفاقة أبدًا ) [ابن
عساكر].
ويلقى ابن مسعود ربه على ذلك الإيمان الصادق ، واليقين الثابت ، طامعًا فيما عند الله ، زاهدًا في نعيم الدنيا الزائف ،
فيموت - رضي الله عنه - سنة (32 هـ)، وعمره قد تجاوز (60) عامًا ويدفن بالبقيع. وقد روى ابن مسعود - رضي الله عنه -
كثيرًا من أحاديث رسول الله ، وروى عنه بعض الصحابة والتابعين - رضي الله عنهم - .
عبد الله بن مسعود
إنه الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - ، كان مولى لعقبة بن أبي معيط ، يرعى غنمه في شعاب
مكة، فمرَّ عليه النبي -صلى الله عليه وسلم - ومعه الصديق - رضي الله عنه - ذات يوم ، فقال له النبي : ( يا غلام هل من
لبن ؟ ) .
فقال عبد الله : نعم ، ولكني مؤتمن ، فقال له رسول الله : ( فهل من شاة حائل لم ينـز عليها الفحل ). فقال : نعم ، ثم
أعطاه شاة ليس في ضرعها لبن ، فمسح رسول الله ضرعها بيده الشريفة ، وهو يتمتم ببعض الكلمات ، فنزل اللبن
بإذن الله ، فحلبه الرسول بيده في إناء ، وشرب ، وسقى أبا بكر ، ثم قال النبي ( للضرع : ( اقلص ) ، فجف منه اللبن ،
فقال عبد الله في دهشة وتعجب : علمني من هذا القول الذي قلته. فنظر إليه رسول الله في رفق ومسح على رأسه ،
وصدره وقال له : ( إنك غُليِّم معلم ) ، ثم تركه وانصرف. [أحمد].
سرت أنوار الهداية في عروق ابن مسعود ، فعاد إلى سيده بالغنم ، ثم أسرع إلى مكة يبحث عن ذلك الرجل وصاحبه
حتى وجده ، وعرف أنه نبي مرسل ، فأعلن ابن مسعود إسلامه بين يديه ، وكان بذلك سادس ستة يدخلون في الإسلام
، وذات يوم ، اجتمع أصحاب النبي ، فقالوا : والله ما سمعت قريش هذا القرآن يجهر لها به قط ، فمن رجل يسمعهموه ؟
فقام عبد الله ، وقال : أنا. فقالوا له : إنا نخشاهم عليك ، إنما نريد رجلاً له عشيرة يمنعونه من القوم إن أرادوه. قال :
دعوني، فإن الله سيمنعني. ثم ذهب إلى الكعبة ، وكان في وقت الضحى ، فجلس ورفع صوته بالقرآن ، وقرأ
مسترسلا ً: { بسم الله الرحمن الرحيم. الرحمن . علم القرآن } [الرحمن: 1-2]، فنظر إليه أهل مكة في تعجب ودهشة ، فمن
يجرؤ على أن يفعل ذلك في ناديهم ؟ وأمام أعينهم ؟! فقالوا في دهشة : ماذا يقول ابن أم عبد ؟ !
ثم أنصتوا جيدًا إلى قوله ، وقالوا في غضب : إنه ليتلو بعض ما جاء به محمد ، ثم قاموا إليه ، وضربوه ضربًا شديدًا ،
وهو يستمر في قراءته حتى أجهده الضرب ، وبلغ منه الأذى مبلغًا عظيمًا ، فكفَّ عن القراءة ، فتركه أهل مكة وهم لا
يشكون في موته ، فقام إليه أصحابه ، وقد أثَّر الضرب في وجهه وجسده ، فقالوا له : هذا الذي خشينا عليك . فقال :
ما كان أعداء الله أهون عليَّ منهم الآن ، ولئن شئتم لأغادينهم بمثلها غدًا ( أي أفعل ذلك مرة أخرى ) ، قالوا : لا ، لقد
أسمعتهم ما يكرهون.
وهاجر ابن مسعود الهجرتين ، وآخى رسول الله بينه وبين الزبير بن العوام - رضي الله عنه - في المدينة ، وكان ابن
مسعود من أحرص المسلمين على الجهاد في سبيل الله ، شارك في جميع غزوات المسلمين ، ويوم بدر ذهب عبد الله إلى
رسول الله مبشرًا له ، وقال : يا رسول الله ، أني قتلت أبا جهل ، ففرح بذلك رسول الله ، ووهبه سيف أبي جهل
مكافأة له على ذلك.
وكان ابن مسعود أعلم أصحاب رسول الله بقراءة القرآن ، ومن أنداهم صوتًا به ، ولذا كان رسول الله يقول : (
استقرئوا القرآن من أربعة : من عبد الله بن مسعود ، وسالم مولى أبي حذيفة ، وأبي بن كعب ، ومعاذ بن جبل )
[البخاري].
وقال : ( من سره أن يقرأ القرآن غضًّا كما أنزل ، فليقرأه على قراءة ابن أم عبد ) [البزار].
وكان رسول الله يحب سماع القرآن منه ، فقال له ذات مرة : ( اقرأ عليّ َ) ، فقال عبد الله : أقرأ عليك وعليك أنزل ؟
قال : ( أني أحب أن أسمعه من غيري ) ، فقرأ ابن مسعود من سورة النساء حتى وصل إلى قوله تعالى : { فكيف إذا
جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدًا } [النساء: 14] ، فبكى رسول الله وقال : ( حسبك الآن ) [البخاري].
وكان ابن مسعود يقول : أخذت من فم رسول الله سبعين سورة. وكان يقول عن نفسه كذلك : أني لأعلم الصحابة بكتاب
الله ، وما أنا بخيرهم ، وما في كتاب الله سورة ولا آية إلا وأنا أعلم فيما نزلت ومتى نزلت.
وكان عبد الله بن عباس - رضي الله عنه - يقول : كان النبي يعرض القرآن على جبريل في كل عام مرة ، فلما كان العام
الذي مات فيه النبي عرضه عليه مرتين ، وحضر ذلك عبد الله بن مسعود ، فعلم ما نسخ من ذلك وما بدل.
وقال حذيفة - رضي الله عنه - : لقد علم المحفظون من أصحاب رسول الله ( أن عبد الله بن مسعود كان من أقربهم وسيلة
إلى الله يوم القيامة ، وأعلمهم بكتاب الله. وكان عبد الله شديد الحب لله ولرسوله ، وظل ملازمًا للنبي ، يسير معه حيث
سار ، يخدم النبي ، يلبسه نعله ، ويوقظه إذا نام ، ويستره إذا اغتسل.
وكان النبي يحبه ويقربه منه ، ويدنيه ويقول له : ( إذنك عليَّ أن يرفع الحجاب ، وأن تستمع سوادي ( أسراري ) حتى
أنهاك ) [مسلم]. فسمي عبد الله بن مسعود منذ ذلك اليوم بصاحب السواد والسواك ، وقد بشره رسول الله بالجنة ،
وكان يقول عنه : لو كنت مؤمرًا أحدًا ( أي مستخلفًا أحدًا ) من غير مشورة منهم لأمرت ( أي استخلفت ) عليهم ابن أم
عبد ) [الترمذي].
وقال : ( وتمسكوا بعهد ابن مسعود) _[الترمذي]، وروي عنه ( أنه قال: رضيت لأمتي ما رضي لها ابن أم عبد ) [الحاكم].
ويروى أن رسول الله أمر عبد الله بن مسعود أن يصعد شجرة فيأتيه بشيء منها ، فلما رأى أصحابه ساقيه ضحكوا ،
فقال : ( ما تضحكون ؟ لَرِجْلُ عبد الله أثقل في الميزان يوم القيامة من أحد ) [أحمد وابن سعد وأبو نعيم].
وفي خلافة الفاروق - رضي الله عنه - أرسل عمر إلى أهل الكوفة عمار بن ياسر وعبد الله بن مسعود - رضي الله
عنهما - ، وقال : عمار أمير ، وابن مسعود معلم ووزير ، ثم قال لأهل الكوفة : لقد آثرتكم بعبد الله بن مسعود على
نفسي. وجاء رجل من أهل الكوفة إلى عمر في موسم الحج ، فقال له: يا أمير المؤمنين ، جئتك من الكوفة ، وتركت بها
رجلاً يحكى المصحف عن ظهر قلب. فقال عمر : ويحك ؛ ومن هو ؟ فقال الرجل : هو عبد الله بن مسعود. فقال عمر :
والله ، ما أعلم من الناس أحدًا هو أحق بذلك منه.
وكان عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - عالما حكيمًا ، ومن أقواله المأثورة قوله : أيها الناس ، عليكم بالطاعة
والجماعة ، فإنها حبل الله الذي أمر به ، وإن ما تكرهون في الجماعة خير مما تحبون في الفرقة. وكان - رضي الله
عنه - يقول : أني لأمقت ( أكره ) الرجل إذ أراه فارغًا ، ليس في شيء من عمل الدنيا ولا عمل الآخرة.
وعندما مرض عبد الله بن مسعود مرض الموت ، دخل عليه أمير المؤمنين عثمان بن عفان - رضي الله عنه - يزوره ، وقال
له : أنأمر لك بطبيب ؟ فقال عبد الله : الطبيب أمرضني. فقال عثمان : نأمر لبناتك بمال ، وكان عنده تسع بنات ، فقال
عبد الله : لا ، أني علمتهن سورة ، ولقد سمعت رسول الله يقول : ( من قرأ سورة الواقعة لا تصيبه الفاقة أبدًا ) [ابن
عساكر].
ويلقى ابن مسعود ربه على ذلك الإيمان الصادق ، واليقين الثابت ، طامعًا فيما عند الله ، زاهدًا في نعيم الدنيا الزائف ،
فيموت - رضي الله عنه - سنة (32 هـ)، وعمره قد تجاوز (60) عامًا ويدفن بالبقيع. وقد روى ابن مسعود - رضي الله عنه -
كثيرًا من أحاديث رسول الله ، وروى عنه بعض الصحابة والتابعين - رضي الله عنهم - .
رد: صحابه الرسول
سابق الروم
دصهيب الرومي
إنه الصحابي الجليل صهيب بن سنان الرومى ، وقد كان صهيب في بداية حياته غلامًا صغيرًا يعيش في العراق في قصر
أبيه الذي ولاه كسرى ملك الفرس حاكمًا على الأُبُلَّة ( إحدى بلاد العراق ) ، وكان من نسل أولاد النمر بن قاسط من
العرب ، وقد هاجروا إلى العراق منذ زمنٍ بعيد ، وعاش سعيدًا ينعم بثراء أبيه وغناه عدة سنوات.
وذات يوم ، أغار الروم على الأبلة بلد أبيه ، فأسروا أهلها ، وأخذوه عبدًا ، وعاش العبد العربي وسط الروم ، فتعلم
لغتهم ، ونشأ على طباعهم ، ثم باعه سيده لرجل من مكة يدعى عبد الله بن جدعان ، فتعلم من سيده الجديد فنون
التجارة ، حتى أصبح ماهرًا فيها ، ولما رأى عبد الله بن جدعان منه الشجاعة والذكاء والإخلاص في العمل ، أنعم عليه
فأعتقه .
وعندما أشرقت في مكة شمس الإسلام ، كان صهيب ممن أسرع لتلبية نداء الحق ، فذهب إلى دار الأرقم ، وأعلن إسلامه
أمام رسول الله ، ولم يَسْلَم صهيب من تعذيب مشركي مكة ، فتحمل ذلك في صبر وجلد ؛ ابتغاء مرضاة الله وحبًّا لرسوله -
صلى الله عليه وسلم - ، وهاجر النبي بعد أصحابه إلى المدينة ، ولم يكن صهيب قد هاجر بعد ، فخرج ليلحق بهم ،
فتعرض له أهل مكة يمنعونه من الهجرة ؛ لأنهم رأوا أن ثراء صهيب ليس من حقه ، لأنه جاء إلى بلادهم حينما كان عبدًا
فقيرًا ، فلا يحق له أنه يخرج من بلادهم بماله وثرائه ، وصغر المال في عين صهيب ، وهان عليه كل ما يملك في سبيل
الحفاظ على دينه ، فساومهم على أن يتركوه ، ويأخذوا ماله ، ثم أخبرهم بمكان المال ، وقد صدقهم في ذلك ، فهو لا
يعرف الكذب أو الخيانة .
وكان صهيب تاجرًا ذكيًّا ، فتاجر بماله ونفسه في سبيل مرضاة ربه ، فربح بيعه ، وعظم أجره ، واستحق أن يكون أول
ثمار الروم في الإسلام ، واستحقَّ ما روي عن رسول الله أنه قال : ( صهيب سابق الروم ) [ابن سعد]. وشارك صُهيب في
جميع غزوات الرسول ، فها هو ذا يقول : لم يشهد رسول الله مشهدًا قط إلا كنت حاضره ، ولم يبايع بيعة قط إلا كنت
حاضرها ، ولم يسر سرية قط إلا كنت حاضرها ، ولا غزا غزوة قط إلا كنت فيها عن يمينه أو شماله ، وما خافوا أمامهم
قط إلا كنت أمامهم ، ولا ما وراءهم إلا كنت وراءهم ، وما جعلت رسول الله بيني وبين العدو قط حتى تُوُفِّي .
وواصل جهاده مع الصديق ثم مع الفاروق عمر - رضي الله عنهما - ، وكان بطلا شجاعًا ، وكان كريمًا جوادًا ، يطعم
الطعام ، وينفق المال ، قال له عمر - رضي الله عنه - يومًا : لولا ثلاث خصال فيك يا صهيب ، ما قدمت عليك أحدًا ، أراك
تنتسب عربيًّا ولسانك أعجمي ، وتُكنى بأبي يحيي ، وتبذر مالك . فأجابه صهيب : أما تبذيري مالي فما أنفقه إلا في
حقه ، وأما اكتنائي بأبي يحيى ، فإن رسول الله كناني بأبي يحيى فلن أتركها ، وأما انتمائي إلى العرب ، فإن
الروم سبتني صغيرًا ، فأخذت لسانهم ( لغتهم ) ، وأنا رجل من النمر بن قاسط .[ابن سعد].
وكان عمر - رضي الله عنه - يعرف لصهيب فضله ومكانته ، فعندما طُعن - رضي الله عنه - أوصى بأن يصلي صهيب
بالناس إلى أن يتفق أهل الشورى على أحد الستة الذين اختارهم قبل موته للخلافة ؛ ليختاروا منهم واحدًا ، وكان صهيب
طيب الخلق ، ذا مداعبة وظُرف ، فقد رُوي أنه أتى المسجد يومًا وكانت إحدى عينيه مريضة ، فوجد الرسول وأصحابه
جالسين في المسجد ، وأمامهم رطب ، فجلس يأكل معهم ، فقال له النبي مداعبًا : ( تأكل التمر وبك رمد ؟ ) فقال
صهيب : يا رسول الله ، أني أمضغ من ناحية أخرى ( أي : آكل على ناحية عيني الصحيحة ) . [ابن ماجه] ، فتبسم
رسول الله .
وظل صهيب يجاهد في سبيل الله حتى كانت الفتنة الكبرى ، فاعتزل الناس ، واجتنب الفتنة ، وأقبل على العبادة حتى
مات - رضي الله عنه - بالمدينة سنة (38هـ)، وعمره آنذاك (73) سنة ، ودفن بالبقيع . وقد روى صهيب - رضي الله عنه -
عن النبي أحاديث كثيرة ، وروى عنه بعض الصحابة والتابعين - رضوان الله عليهم أجمعين
دصهيب الرومي
إنه الصحابي الجليل صهيب بن سنان الرومى ، وقد كان صهيب في بداية حياته غلامًا صغيرًا يعيش في العراق في قصر
أبيه الذي ولاه كسرى ملك الفرس حاكمًا على الأُبُلَّة ( إحدى بلاد العراق ) ، وكان من نسل أولاد النمر بن قاسط من
العرب ، وقد هاجروا إلى العراق منذ زمنٍ بعيد ، وعاش سعيدًا ينعم بثراء أبيه وغناه عدة سنوات.
وذات يوم ، أغار الروم على الأبلة بلد أبيه ، فأسروا أهلها ، وأخذوه عبدًا ، وعاش العبد العربي وسط الروم ، فتعلم
لغتهم ، ونشأ على طباعهم ، ثم باعه سيده لرجل من مكة يدعى عبد الله بن جدعان ، فتعلم من سيده الجديد فنون
التجارة ، حتى أصبح ماهرًا فيها ، ولما رأى عبد الله بن جدعان منه الشجاعة والذكاء والإخلاص في العمل ، أنعم عليه
فأعتقه .
وعندما أشرقت في مكة شمس الإسلام ، كان صهيب ممن أسرع لتلبية نداء الحق ، فذهب إلى دار الأرقم ، وأعلن إسلامه
أمام رسول الله ، ولم يَسْلَم صهيب من تعذيب مشركي مكة ، فتحمل ذلك في صبر وجلد ؛ ابتغاء مرضاة الله وحبًّا لرسوله -
صلى الله عليه وسلم - ، وهاجر النبي بعد أصحابه إلى المدينة ، ولم يكن صهيب قد هاجر بعد ، فخرج ليلحق بهم ،
فتعرض له أهل مكة يمنعونه من الهجرة ؛ لأنهم رأوا أن ثراء صهيب ليس من حقه ، لأنه جاء إلى بلادهم حينما كان عبدًا
فقيرًا ، فلا يحق له أنه يخرج من بلادهم بماله وثرائه ، وصغر المال في عين صهيب ، وهان عليه كل ما يملك في سبيل
الحفاظ على دينه ، فساومهم على أن يتركوه ، ويأخذوا ماله ، ثم أخبرهم بمكان المال ، وقد صدقهم في ذلك ، فهو لا
يعرف الكذب أو الخيانة .
وكان صهيب تاجرًا ذكيًّا ، فتاجر بماله ونفسه في سبيل مرضاة ربه ، فربح بيعه ، وعظم أجره ، واستحق أن يكون أول
ثمار الروم في الإسلام ، واستحقَّ ما روي عن رسول الله أنه قال : ( صهيب سابق الروم ) [ابن سعد]. وشارك صُهيب في
جميع غزوات الرسول ، فها هو ذا يقول : لم يشهد رسول الله مشهدًا قط إلا كنت حاضره ، ولم يبايع بيعة قط إلا كنت
حاضرها ، ولم يسر سرية قط إلا كنت حاضرها ، ولا غزا غزوة قط إلا كنت فيها عن يمينه أو شماله ، وما خافوا أمامهم
قط إلا كنت أمامهم ، ولا ما وراءهم إلا كنت وراءهم ، وما جعلت رسول الله بيني وبين العدو قط حتى تُوُفِّي .
وواصل جهاده مع الصديق ثم مع الفاروق عمر - رضي الله عنهما - ، وكان بطلا شجاعًا ، وكان كريمًا جوادًا ، يطعم
الطعام ، وينفق المال ، قال له عمر - رضي الله عنه - يومًا : لولا ثلاث خصال فيك يا صهيب ، ما قدمت عليك أحدًا ، أراك
تنتسب عربيًّا ولسانك أعجمي ، وتُكنى بأبي يحيي ، وتبذر مالك . فأجابه صهيب : أما تبذيري مالي فما أنفقه إلا في
حقه ، وأما اكتنائي بأبي يحيى ، فإن رسول الله كناني بأبي يحيى فلن أتركها ، وأما انتمائي إلى العرب ، فإن
الروم سبتني صغيرًا ، فأخذت لسانهم ( لغتهم ) ، وأنا رجل من النمر بن قاسط .[ابن سعد].
وكان عمر - رضي الله عنه - يعرف لصهيب فضله ومكانته ، فعندما طُعن - رضي الله عنه - أوصى بأن يصلي صهيب
بالناس إلى أن يتفق أهل الشورى على أحد الستة الذين اختارهم قبل موته للخلافة ؛ ليختاروا منهم واحدًا ، وكان صهيب
طيب الخلق ، ذا مداعبة وظُرف ، فقد رُوي أنه أتى المسجد يومًا وكانت إحدى عينيه مريضة ، فوجد الرسول وأصحابه
جالسين في المسجد ، وأمامهم رطب ، فجلس يأكل معهم ، فقال له النبي مداعبًا : ( تأكل التمر وبك رمد ؟ ) فقال
صهيب : يا رسول الله ، أني أمضغ من ناحية أخرى ( أي : آكل على ناحية عيني الصحيحة ) . [ابن ماجه] ، فتبسم
رسول الله .
وظل صهيب يجاهد في سبيل الله حتى كانت الفتنة الكبرى ، فاعتزل الناس ، واجتنب الفتنة ، وأقبل على العبادة حتى
مات - رضي الله عنه - بالمدينة سنة (38هـ)، وعمره آنذاك (73) سنة ، ودفن بالبقيع . وقد روى صهيب - رضي الله عنه -
عن النبي أحاديث كثيرة ، وروى عنه بعض الصحابة والتابعين - رضوان الله عليهم أجمعين
رد: صحابه الرسول
سيف الله المسلول
خالد بن الوليد
إنه خالد بن الوليد - رضي الله عنه - ، القائد العبقري الذي لا تزال خططه الحربية في معاركه مثار إعجاب الشرق
والغرب ، وكان خالد قبل أن يسلم يحارب الإسلام والمسلمين ، وقاد جيش المشركين يوم أحد ، واستطاع أن يحوِّل نصر
المسلمين إلى هزيمة بعد أن هاجمهم من الخلف ، عندما تخلى الرماة عن مواقعهم ، وظل خالد على شركه حتى كان عام
الحديبية ، فأرسل إليه أخوه الوليد بن الوليد كتابًا ، جاء فيه : بسم الله الرحمن الرحيم ، أما بعد : فأني لم أر أعجب من
ذهاب رأيك عن الإسلام ، وعقلك عقلك !! ومثل الإسلام لا يجهله أحد ، وقد سألني رسول الله عنك ، فقال : ( أين خالد
؟ ) فقلت : يأتي الله به ، فقال رسول الله : ( مثله جهل الإسلام ، ولو كان جعل نكايته وجده مع المسلمين كان خيرًا له ) .
فاستدرك يا أخي ما فاتك ، فقد فاتك مواطن صالحة.
فلما قرأ خالد كتاب أخيه ، انشرح صدره للإسلام ، فخرج فلقى عثمان بن طلحة ، فحدثه أنه يريد الذهاب إلى المدينة ،
فشجعه عثمان على ذلك ، وخرجا معًا ، فقابلهما عمرو بن العاص ، وعرفا منه أنه يريد الإسلام أيضًا ، فتصاحبوا
جميعًا إلى المدينة ؛ وكان ذلك في نهاية السنة السابعة من الهجرة ، فلما قدموا على النبي رحب بهم ، فأعلنوا
إسلامهم ، فقال - صلى الله عليه وسلم - لخالد : ( قد كنت أرى لك عقلاً رجوت ألا يسلمك إلا إلى خير ) [ابن سعد]. فقال
خالد : استغفر لي كل ما أوضعت فيه من صد عن سبيل الله .
فقال : ( إن الإسلام يجب ( يزيل ) ما كان قبله ، اللهم اغفر لخالد بن الوليد كل ما أوضع منه من صد عن سبيلك ) [ابن
سعد]. ومنذ ذلك اليوم وخالد يدافع عن راية الله ، ويجاهد في كل مكان لإعلاء كلمة الحق ، وخرج مع جيش المسلمين
المتجه إلى مؤتة تحت إمارة زيد بن حارثة ، ويوصى الرسول : ( إن قتل زيد فجعفر ، وإن قتل جعفر فعبد الله بن
رواحة ) [البخاري] ، فلما قتل الثلاثة وأصبح الجيش بلا أمير ، جعل المسلمون خالدًا أميرهم ، واستطاع خالد أن يسحب
جيش المسلمين وينجو به.
وفي فتح مكة ، أرسله رسول الله إلى بيت العزى ، وكان بيتًا عظيمًا لقريش ولقبائل أخرى ، فهدمه خالد وهو يقول :
يَا عِزّ كُفْرَانَكَ لا سُبْحَانَكْ أني رَأيْتُ اللَّهَ قَــدْ أَهَانَكْ
ويوم حنين ، كان خالد في مقدمة جيش المسلمين ، وجرح في هذه المعركة ، فأتاه رسول الله ليطمئن عليه ويعوده ،
ويقـال : إنـه نـفـث في جرحه فشفي بإذن الله. واستمر خالد في جهاده وقيادته لجيش المسلمين بعد وفاة الرسول ،
فحارب المرتدين ومانعي الزكاة ، ومدعي النبوة، ورفع راية الإسلام ليفتح بها بلاد العراق وبلاد الشام ، فقد كان
الجهاد هو كل حياته ، وكان يقول : ما من ليلة يهدى إليَّ فيها عروس أنا لها محب أحب إلي من ليلة شديدة البرد كثيرة
الجليد في سرية أصبح فيها العدو. [أبو يعلي].
وكان خالد مخلصا في جهاده ، ففي حرب الروم قام في جنده خطيبًا ، وقال بعد أن حمد الله : إن هذا يوم من أيام الله ،
لا ينبغي فيه الفخر ولا البغي ، أخلصوا جهادكم وأريدوا الله بعملكم. وكان خالد بن الوليد دائمًا يطمع في إسلام من
يحاربه ، فكان يدعوهم إلى الإسلام أولاً، فهو يحب للناس الإيمان ولا يرضي لهم دخول النار ، فإن أبوا فالجزية ثم
الحرب.
وكان اسم خالد يسبقه في كل مواجهة له مع أعداء الإسلام ، وكان الجميع يتعجبون من عبقريته ، وقوة بأسه في
الحرب ، ففي معركة اليرموك خرج ( جرجة ) أحد قادة الروم من صفوف جنده ، وطلب من خالد الحديث معه ، فخرج إليه
خالد ، فقال جرجة: أخبرني فاصدقني ولا تكذبني ، فإن الحر لا يكذب ، ولا تخادعني فإن الكريم لا يخادع ، هل أنزل
الله على نبيكم سيفًا من السماء فأعطاه لك فلا تسله على أحد إلا هزمتهم ؟ فقال خالد : لا .
فسأله جرجة : فبم سميت سيف الله ؟ فردَّ عليه خالد قائلا ً: إن الله بعث فينا نبيه محمدًا فدعانا للإسلام فرفضنا دعوته ،
وعذبناه ، وحاربناه ، ثم هدانا الله فأسلمنا ، فقال الرسول : ( أنت سيف من سيوف الله ، سلَّه الله على المشركين ) ،
ودعا لي بالنصر ، فسميت سيف الله بذلك ، فأنا من أشد المسلمين على المشركين. ثم سأله جرجة عن دعوته ، وعن
فضل من يدخل في الإسلام ، وبعد حوار طويل بينهما شرح الله صدر جرجة للإسلام ، فأسلم وتوضَّأ وصلى ركعتين مع
خالد بن الوليد ، ثم حارب مع صفوف الإيمان ، فأنعم الله عليه بالشهادة في سبيله عز وجل .
وعندما تولى الفاروق عمر الخلافة ، عزل خالد من القيادة ، وولَّى قيادة الجيش أبا عبيدة بن الجراح ، فحارب خالد تحت
راية الحق جنديًّا مخلصًا مطيعًا لقائده لا يدخر جهدًا ولا رأيًّا في صالح الدين ونصرة الحق ، فكان نِعمَ القائد
ونعم الجندي.
وظل خالد يجاهد في سبيل ربه حتى مرض مرض الموت ، فكان يبكي على فراش الموت ، ويقول : لقد حضرت كذا وكذا
زحفًا ، وما في جسدي شبر إلا وفيه ضربة سيف أو طعنة برمح أو رمية بسهم ، وها أنا أموت على فراشي حتف أنفي
كما يموت البعير ، فلا نامت أعين الجبناء. وتوفي - رضي الله عنه - بحمص من أرض الشام سنة (21 هـ).
خالد بن الوليد
إنه خالد بن الوليد - رضي الله عنه - ، القائد العبقري الذي لا تزال خططه الحربية في معاركه مثار إعجاب الشرق
والغرب ، وكان خالد قبل أن يسلم يحارب الإسلام والمسلمين ، وقاد جيش المشركين يوم أحد ، واستطاع أن يحوِّل نصر
المسلمين إلى هزيمة بعد أن هاجمهم من الخلف ، عندما تخلى الرماة عن مواقعهم ، وظل خالد على شركه حتى كان عام
الحديبية ، فأرسل إليه أخوه الوليد بن الوليد كتابًا ، جاء فيه : بسم الله الرحمن الرحيم ، أما بعد : فأني لم أر أعجب من
ذهاب رأيك عن الإسلام ، وعقلك عقلك !! ومثل الإسلام لا يجهله أحد ، وقد سألني رسول الله عنك ، فقال : ( أين خالد
؟ ) فقلت : يأتي الله به ، فقال رسول الله : ( مثله جهل الإسلام ، ولو كان جعل نكايته وجده مع المسلمين كان خيرًا له ) .
فاستدرك يا أخي ما فاتك ، فقد فاتك مواطن صالحة.
فلما قرأ خالد كتاب أخيه ، انشرح صدره للإسلام ، فخرج فلقى عثمان بن طلحة ، فحدثه أنه يريد الذهاب إلى المدينة ،
فشجعه عثمان على ذلك ، وخرجا معًا ، فقابلهما عمرو بن العاص ، وعرفا منه أنه يريد الإسلام أيضًا ، فتصاحبوا
جميعًا إلى المدينة ؛ وكان ذلك في نهاية السنة السابعة من الهجرة ، فلما قدموا على النبي رحب بهم ، فأعلنوا
إسلامهم ، فقال - صلى الله عليه وسلم - لخالد : ( قد كنت أرى لك عقلاً رجوت ألا يسلمك إلا إلى خير ) [ابن سعد]. فقال
خالد : استغفر لي كل ما أوضعت فيه من صد عن سبيل الله .
فقال : ( إن الإسلام يجب ( يزيل ) ما كان قبله ، اللهم اغفر لخالد بن الوليد كل ما أوضع منه من صد عن سبيلك ) [ابن
سعد]. ومنذ ذلك اليوم وخالد يدافع عن راية الله ، ويجاهد في كل مكان لإعلاء كلمة الحق ، وخرج مع جيش المسلمين
المتجه إلى مؤتة تحت إمارة زيد بن حارثة ، ويوصى الرسول : ( إن قتل زيد فجعفر ، وإن قتل جعفر فعبد الله بن
رواحة ) [البخاري] ، فلما قتل الثلاثة وأصبح الجيش بلا أمير ، جعل المسلمون خالدًا أميرهم ، واستطاع خالد أن يسحب
جيش المسلمين وينجو به.
وفي فتح مكة ، أرسله رسول الله إلى بيت العزى ، وكان بيتًا عظيمًا لقريش ولقبائل أخرى ، فهدمه خالد وهو يقول :
يَا عِزّ كُفْرَانَكَ لا سُبْحَانَكْ أني رَأيْتُ اللَّهَ قَــدْ أَهَانَكْ
ويوم حنين ، كان خالد في مقدمة جيش المسلمين ، وجرح في هذه المعركة ، فأتاه رسول الله ليطمئن عليه ويعوده ،
ويقـال : إنـه نـفـث في جرحه فشفي بإذن الله. واستمر خالد في جهاده وقيادته لجيش المسلمين بعد وفاة الرسول ،
فحارب المرتدين ومانعي الزكاة ، ومدعي النبوة، ورفع راية الإسلام ليفتح بها بلاد العراق وبلاد الشام ، فقد كان
الجهاد هو كل حياته ، وكان يقول : ما من ليلة يهدى إليَّ فيها عروس أنا لها محب أحب إلي من ليلة شديدة البرد كثيرة
الجليد في سرية أصبح فيها العدو. [أبو يعلي].
وكان خالد مخلصا في جهاده ، ففي حرب الروم قام في جنده خطيبًا ، وقال بعد أن حمد الله : إن هذا يوم من أيام الله ،
لا ينبغي فيه الفخر ولا البغي ، أخلصوا جهادكم وأريدوا الله بعملكم. وكان خالد بن الوليد دائمًا يطمع في إسلام من
يحاربه ، فكان يدعوهم إلى الإسلام أولاً، فهو يحب للناس الإيمان ولا يرضي لهم دخول النار ، فإن أبوا فالجزية ثم
الحرب.
وكان اسم خالد يسبقه في كل مواجهة له مع أعداء الإسلام ، وكان الجميع يتعجبون من عبقريته ، وقوة بأسه في
الحرب ، ففي معركة اليرموك خرج ( جرجة ) أحد قادة الروم من صفوف جنده ، وطلب من خالد الحديث معه ، فخرج إليه
خالد ، فقال جرجة: أخبرني فاصدقني ولا تكذبني ، فإن الحر لا يكذب ، ولا تخادعني فإن الكريم لا يخادع ، هل أنزل
الله على نبيكم سيفًا من السماء فأعطاه لك فلا تسله على أحد إلا هزمتهم ؟ فقال خالد : لا .
فسأله جرجة : فبم سميت سيف الله ؟ فردَّ عليه خالد قائلا ً: إن الله بعث فينا نبيه محمدًا فدعانا للإسلام فرفضنا دعوته ،
وعذبناه ، وحاربناه ، ثم هدانا الله فأسلمنا ، فقال الرسول : ( أنت سيف من سيوف الله ، سلَّه الله على المشركين ) ،
ودعا لي بالنصر ، فسميت سيف الله بذلك ، فأنا من أشد المسلمين على المشركين. ثم سأله جرجة عن دعوته ، وعن
فضل من يدخل في الإسلام ، وبعد حوار طويل بينهما شرح الله صدر جرجة للإسلام ، فأسلم وتوضَّأ وصلى ركعتين مع
خالد بن الوليد ، ثم حارب مع صفوف الإيمان ، فأنعم الله عليه بالشهادة في سبيله عز وجل .
وعندما تولى الفاروق عمر الخلافة ، عزل خالد من القيادة ، وولَّى قيادة الجيش أبا عبيدة بن الجراح ، فحارب خالد تحت
راية الحق جنديًّا مخلصًا مطيعًا لقائده لا يدخر جهدًا ولا رأيًّا في صالح الدين ونصرة الحق ، فكان نِعمَ القائد
ونعم الجندي.
وظل خالد يجاهد في سبيل ربه حتى مرض مرض الموت ، فكان يبكي على فراش الموت ، ويقول : لقد حضرت كذا وكذا
زحفًا ، وما في جسدي شبر إلا وفيه ضربة سيف أو طعنة برمح أو رمية بسهم ، وها أنا أموت على فراشي حتف أنفي
كما يموت البعير ، فلا نامت أعين الجبناء. وتوفي - رضي الله عنه - بحمص من أرض الشام سنة (21 هـ).
رد: صحابه الرسول
أول من أظهر إسلامه
خباب بن الأرت
إنه الصحابي خباب بن الأرت - رضي الله عنه - ، وكان خباب قد ولد في قبيلة تميم ، وأُسر في مكة ، فاشترته أم أنمار بنت
سباع ، وكان صانِعًا للسيوف ، يبيعها ويأكل من عمل يده ، فلما سمع عن الإسلام أسرع إلى النبي ليسمع منه عن هذا الدين
الجديد ، فشرح الله صدره ، ثم أعلن إسلامه ليصبح من أوائل المسلمين.
وتعرض خباب لشتى ألوان العذاب ، لكنه تحمل وصبر في سبيل الله ، فقد كانوا يضعون الحديد المحمي على جسده فما يطفئ
النار إلا الدهن الموجود في ظهره ، وقد سأله عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - يومًا عما لقى من المشركين ، فقال
خباب : يا أمير المؤمنين ، انظر إلى ظهري ، فنظر عمر، فقال : ما رأيت كاليوم ، قال خباب : لقد أوقدت لي نار ، وسحبت
عليها فما أطفأها إلا ودك ظهري (أي دهن الظهر).
وذات يوم كثر التعذيب على خباب وإخوانه المسلمين المستضعفين ، فذهب مع بعض أصحابه إلى رسول الله ، وكان متكئًا في
ظل الكعبة ، وقالوا: يا رسول الله ، ألا تستنصر لنا ، ألا تدعو لنا ؟ فقال لهم رسول الله : ( قد كان من قبلكم يؤخذ الرجل
فيحفر له في الأرض فيجعل فيها ، فيجاء بالمنشار فيوضع على رأسه فيجعل نصفين ، ويمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه
وعظمه ، فما يصده ذلك عن دينه ، والله ليتمَّنَّ هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله
والذئب على غنمه ، ولكنكم تستعجلون ) [البخاري]. فزاد كلام النبي ( خبابًا وأصحابه إيمانًا بنصر الله ، وإصرارًا على
دعوتهم ، فصبروا واحتسبوا ما يحدث لهم عند الله - عز وجل - .
وكانت أم أنمار تأخذ الحديد الملتهب ثم تضعه فوق رأس خباب الذي كان يتلوى من شدة الألم ، ولكن الله أخذ بحق خباب من
هذه المرأة المشركة حيث أصيبت بسعار جعلها تعوي مثل الكلاب ، ولا علاج لها إلا أن تكوى رأسها بالنار ، فكان الجزاء من
جنس العمل.
وأحب خباب إسلامه حبًّا شديدًا ، جعله يضحي من أجله بأغلى ما يملك من نفس ومال ، فقد ذهب إلى العاص بن وائل أحد
المشركين الكافرين ليطلب منه ثمن السيوف التي صنعها له قبل ذلك ، فيقول له العاص: لا أعطيك شيئًا حتى تكفر بدين
محمد ، فرد عليه خباب: لا ، والله لا أكفر بمحمد حتى تموت ثم تبعث ، فقال له العاص مستهزءًا وساخرًا: فأني إذا مت ثم
بعثت ، جئتني يوم القيامة ، ولي هناك مال وولد فأعطيك ؟! فأخبر خباب النبي بذلك ، فأنزل الله قرآنا كريمًا يذم فيه هذا
المشرك ، قال تعالى : { أفرأيت الذي كفر بآياتنا وقال لآوتين مالاً } [مريم: 77]_ [ابن سعد والبخاري].
وأحب خباب العلم ، وحرص على سماع القرآن ونشره بين إخوانه المسلمين ، ففي أيام الدعوة الأولى كان خباب يدرس
القرآن مع سعيد بن زيد وزوجته فاطمة بنت الخطاب ، عندما دخل عليهم عمر بن الخطاب.
وجاءت الهجرة ، فأسرع خباب ملبيًّا أمر النبي ، فهاجر إلى المدينة ، وهناك آخى الرسول بينه وبين تميم مولى
خراس بن الصمة - رضي الله عنهما - ، وشارك خباب في جميع غزوات الرسول ، وأظهر فيها شجاعة وفروسية ، وظلَّ
محبًّا للجهاد في سبيل الله ، وشارك خباب في الفتوحات أيام أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب - رضي الله عنهما - .
ثم نزل خباب في الكوفة وبنى لنفسه بيتا متواضعًا عاش فيه حياة زاهدة ، وبالرغم من هذه الحياة البسيطة ، كان يعتقد أنه أخذ
من الدنيا الكثير ، فكان يبكى على بسط الدنيا له ، وكان يضع ماله كله في مكان معروف في داره لكي يأخذ منه كل محتاج من
أصحابه الذين يدخلون عليه ، وفي مرضه الذي مات فيه دخل عليه بعض الصحابة، فقالوا له : أبشر يا أبا عبد الله ، ترد على
محمد الحوض ، فأشار خباب إلى أعلى بيته وأسفله قائلاً: كيف بهذا ؟! وقد قال رسول الله : ( أنه يكفي أحدكم مثل زاد
الراكب ) [ابن ماجه]، ولقد رأيتني مع رسول الله ما أملك درهمًا ، وإن في جانب بيتي ( الآن) لأربعين ألف درهم.
وطلب خباب كفنه ، فلما رآه بكى ، وقال: لكن حمزة - رضي الله عنه - لم يوجد له كفن إلا بردة ملحاء إذا جعلت على رأسه
قلصت (انضمت) عن قدميه ، وإذا جعلت على قدميه قلصت عن رأسه ، حتى مدت على رأسه ، وجعل على قدميه الإذخر.
ودخل عليه بعض أصحابه فقال لهم: إن في هذا التابوت (الصندوق) ثمانين ألف درهم ، والله ما شددت لها من خيط ولا
منعتها من سائل ، ثم بكى ، فقالوا: ما يبكيك ؟ قال: أبكى أن أصحابي مضوا ولم تنقصهم الدنيا شيئًا ، وإنا بقينا بعدهم حتى لم
نجد لها موضعًا إلا التراب. وفي عام (37 هـ) صعدت روح خباب إلى بارئها ودفن بالكوفة، ولما عاد علي بن أبي طالب -
رضي الله عنه - من معركة صفين ، مر بقبر خباب ؛ فقال: رحم الله خبابًا، أسلم راغبًا، وهاجر طائعًا، وعاش مجاهدًا ،
وابتلى في جسمه أحوالاً .
خباب بن الأرت
إنه الصحابي خباب بن الأرت - رضي الله عنه - ، وكان خباب قد ولد في قبيلة تميم ، وأُسر في مكة ، فاشترته أم أنمار بنت
سباع ، وكان صانِعًا للسيوف ، يبيعها ويأكل من عمل يده ، فلما سمع عن الإسلام أسرع إلى النبي ليسمع منه عن هذا الدين
الجديد ، فشرح الله صدره ، ثم أعلن إسلامه ليصبح من أوائل المسلمين.
وتعرض خباب لشتى ألوان العذاب ، لكنه تحمل وصبر في سبيل الله ، فقد كانوا يضعون الحديد المحمي على جسده فما يطفئ
النار إلا الدهن الموجود في ظهره ، وقد سأله عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - يومًا عما لقى من المشركين ، فقال
خباب : يا أمير المؤمنين ، انظر إلى ظهري ، فنظر عمر، فقال : ما رأيت كاليوم ، قال خباب : لقد أوقدت لي نار ، وسحبت
عليها فما أطفأها إلا ودك ظهري (أي دهن الظهر).
وذات يوم كثر التعذيب على خباب وإخوانه المسلمين المستضعفين ، فذهب مع بعض أصحابه إلى رسول الله ، وكان متكئًا في
ظل الكعبة ، وقالوا: يا رسول الله ، ألا تستنصر لنا ، ألا تدعو لنا ؟ فقال لهم رسول الله : ( قد كان من قبلكم يؤخذ الرجل
فيحفر له في الأرض فيجعل فيها ، فيجاء بالمنشار فيوضع على رأسه فيجعل نصفين ، ويمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه
وعظمه ، فما يصده ذلك عن دينه ، والله ليتمَّنَّ هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله
والذئب على غنمه ، ولكنكم تستعجلون ) [البخاري]. فزاد كلام النبي ( خبابًا وأصحابه إيمانًا بنصر الله ، وإصرارًا على
دعوتهم ، فصبروا واحتسبوا ما يحدث لهم عند الله - عز وجل - .
وكانت أم أنمار تأخذ الحديد الملتهب ثم تضعه فوق رأس خباب الذي كان يتلوى من شدة الألم ، ولكن الله أخذ بحق خباب من
هذه المرأة المشركة حيث أصيبت بسعار جعلها تعوي مثل الكلاب ، ولا علاج لها إلا أن تكوى رأسها بالنار ، فكان الجزاء من
جنس العمل.
وأحب خباب إسلامه حبًّا شديدًا ، جعله يضحي من أجله بأغلى ما يملك من نفس ومال ، فقد ذهب إلى العاص بن وائل أحد
المشركين الكافرين ليطلب منه ثمن السيوف التي صنعها له قبل ذلك ، فيقول له العاص: لا أعطيك شيئًا حتى تكفر بدين
محمد ، فرد عليه خباب: لا ، والله لا أكفر بمحمد حتى تموت ثم تبعث ، فقال له العاص مستهزءًا وساخرًا: فأني إذا مت ثم
بعثت ، جئتني يوم القيامة ، ولي هناك مال وولد فأعطيك ؟! فأخبر خباب النبي بذلك ، فأنزل الله قرآنا كريمًا يذم فيه هذا
المشرك ، قال تعالى : { أفرأيت الذي كفر بآياتنا وقال لآوتين مالاً } [مريم: 77]_ [ابن سعد والبخاري].
وأحب خباب العلم ، وحرص على سماع القرآن ونشره بين إخوانه المسلمين ، ففي أيام الدعوة الأولى كان خباب يدرس
القرآن مع سعيد بن زيد وزوجته فاطمة بنت الخطاب ، عندما دخل عليهم عمر بن الخطاب.
وجاءت الهجرة ، فأسرع خباب ملبيًّا أمر النبي ، فهاجر إلى المدينة ، وهناك آخى الرسول بينه وبين تميم مولى
خراس بن الصمة - رضي الله عنهما - ، وشارك خباب في جميع غزوات الرسول ، وأظهر فيها شجاعة وفروسية ، وظلَّ
محبًّا للجهاد في سبيل الله ، وشارك خباب في الفتوحات أيام أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب - رضي الله عنهما - .
ثم نزل خباب في الكوفة وبنى لنفسه بيتا متواضعًا عاش فيه حياة زاهدة ، وبالرغم من هذه الحياة البسيطة ، كان يعتقد أنه أخذ
من الدنيا الكثير ، فكان يبكى على بسط الدنيا له ، وكان يضع ماله كله في مكان معروف في داره لكي يأخذ منه كل محتاج من
أصحابه الذين يدخلون عليه ، وفي مرضه الذي مات فيه دخل عليه بعض الصحابة، فقالوا له : أبشر يا أبا عبد الله ، ترد على
محمد الحوض ، فأشار خباب إلى أعلى بيته وأسفله قائلاً: كيف بهذا ؟! وقد قال رسول الله : ( أنه يكفي أحدكم مثل زاد
الراكب ) [ابن ماجه]، ولقد رأيتني مع رسول الله ما أملك درهمًا ، وإن في جانب بيتي ( الآن) لأربعين ألف درهم.
وطلب خباب كفنه ، فلما رآه بكى ، وقال: لكن حمزة - رضي الله عنه - لم يوجد له كفن إلا بردة ملحاء إذا جعلت على رأسه
قلصت (انضمت) عن قدميه ، وإذا جعلت على قدميه قلصت عن رأسه ، حتى مدت على رأسه ، وجعل على قدميه الإذخر.
ودخل عليه بعض أصحابه فقال لهم: إن في هذا التابوت (الصندوق) ثمانين ألف درهم ، والله ما شددت لها من خيط ولا
منعتها من سائل ، ثم بكى ، فقالوا: ما يبكيك ؟ قال: أبكى أن أصحابي مضوا ولم تنقصهم الدنيا شيئًا ، وإنا بقينا بعدهم حتى لم
نجد لها موضعًا إلا التراب. وفي عام (37 هـ) صعدت روح خباب إلى بارئها ودفن بالكوفة، ولما عاد علي بن أبي طالب -
رضي الله عنه - من معركة صفين ، مر بقبر خباب ؛ فقال: رحم الله خبابًا، أسلم راغبًا، وهاجر طائعًا، وعاش مجاهدًا ،
وابتلى في جسمه أحوالاً .
رد: صحابه الرسول
شهيد السماء
سعد بن معاذ
إنه الصحابي الجليل سعد بن معاذ - رضي الله عنه - ، سيد الأوس ، أسلم بعد بيعة العقبة الأولى ، وحضر بيعة العقبة الثانية.
ولإسلام سعد قصة طريفة ، فقد بعث النبي مصعب بن عمير - رضي الله عنه - ليدعو أهل المدينة إلى الإسلام ، ويُعلِّم من
أسلم منهم القرآن وأحكام الدين ، وجلس مصعب ومعه الصحابي أسعد بن زرارة في حديقة بالمدينة، وحضر معهما رجال ممن
أسلموا ، فلما سمع بذلك سعد بن معاذ وأسيد بن حضير ، وكانا سيديّ قومهما ، ولم يكونا أسلما بعد ، قال سعد لأسيد بن
حضير: انطلق إلى هذين الرجلين اللذين قد أتيا ديارنا ليسفها ضعفاءنا ، فازجرهما ، وانههما عن أن يأتيا ديارنا ، فأخذ أسيد
حربته ثم أقبل عليهما ، فلما رآه أسعد بن زراة قال لمصعب: هذا سيد قومه قد جاءك ، فاصدق الله فيه.
ووقف أسيد يسبهما ، فقال له مصعب: أو تجلس فتسمع ، فإن رضيت أمرًا قبلته ، وإن كرهته كففنا عنك ما تكره، فجلس أسيد
، واستمع إلى مصعب ، واقتنع بإسلامه ، فأسلم ، ثم قال لهما: إن ورائي رجلاً إن اتبعكما لم يتخلف عنه أحد
من قومه ، وسأرسله إليكما الآن سعد بن معاذ ، ثم أخذ أسيد حربته وانصرف إلى سعد وقومه وهم جلوس، فقال له: إن بني
حارثة قد خرجوا إلى أسعد بن زرارة ليقتلوه ، وكان أسعد ابن خالة سعد ، فقام سعد غاضبًا فأسرع وأخذ الحربة في يده. فلما
رآهما جالسين مطمئنين ، عرف أن أسيدًا إنما قال له ذلك ليأتي به إلى هذا المكان ، فأخذ يشتمهما ، فقال أسعد لمصعب: أي
مصعب ، جاءك والله سيدٌ من ورائه قومه إن يتبعك لا يتخلف عنك منهم أحد.
فقال مصعب لسعد: أو تقعد فتسمع ؟ فإن رضيت أمرًا ، ورغبت فيه قبلته ، وإن كرهته ، عزلنا عنك ما تكره. قال سعد:
أنصفت ، ثم وضع الحربة ، وجلس. فعرض عليه الإسلام، وقرأ عليه القرآن كما فعل مع أسيد ، فلمح مصعب وأسعد الإسلام
في وجه سعد بن معاذ قبل أن يتكلم ؛ فقد أشرق وجهه وتهلل ، ثم قال لهما: كيف تصنعون إذا أسلمتم ودخلتم في هذا الدين ؟
قال: تغتسل فتطهر وتطهر ثوبيك ، ثم تشهد شهادة الحق ، ثم تصلى ركعتين.
ففعل سعد ذلك ، ثم أخذ حربته ورجع إلى قومه ، فلما رآه قومه قالوا: نحلف بالله لقد رجع إليكم سعد بغير الوجه الذي ذهب
به، فقال لهم سعد: يا بني عبد الأشهل ، كيف تعلمون أمري فيكم ؟ قالوا: سيدنا وأفضلنا رأيًّا. قال: فإن كلام رجالكم ونسائكم
عليَّ حرام ، حتى تؤمنوا بالله وبرسوله ، فما أمسى في دار بني عبد الأشهل رجل ولا امرأة إلا ودخل في الإسلام. وبعد
انتشار الإسلام في ربوع المدينة ، أذن الله سبحانه لنبيه بالهجرة إلى المدينة ، فكان سعد خير معين لإخوانه المهاجرين إلى
المدينة.
وجاءت السنة الثانية من الهجرة ، والتي شهدت أحداث غزوة بدر، وطلب النبي المشورة قبل الحرب ، فقام أبو بكر وتحدث ثم
قام ، فتحدث عمر ، ثم قام المقداد بن عمرو ، وقالوا وأحسنوا الكلام ، ولكنهم من المهاجرين ، فقال الرسول : ( أشيروا علي
أيها الناس ) ، فقال سعد بن معاذ زعيم الأنصار: والله لكأنك تريدنا يا رسول الله ؟ قال: أجل ، فقال سعد: لقد آمنا بك
وصدقناك ، وشهدنا أن ما جئت به هو الحق، وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا ، فامض يا رسول الله لما أردت ، فنحن
معك ، فوالذي بعثك بالحق لو استعرضت بنا هذا البحر ، فخضته لخضناه معك ، ما تخلف منا رجل واحد ، وما نكره أن تلقى
بنا عدونا غدًا ، إنا لصُبُر في الحرب ، صُدُق في اللقاء ، لعل الله يريك منا ما تقرَّ به عينك ، فسر بنا على بركة الله.
فسُرَّ رسول الله عندما سمع كلام سعد ، ثم قال: ( سيروا وأبشروا ، فإن الله تعالى قد وعدني إحدى الطائفتين ، والله لكأني
الآن أنظر إلى مصارع القوم ) [ابن هشام].
وقبل أن تبدأ المعركة قال سعد بن معاذ: يا نبي الله، ألا نبني لك عريشًا تكون فيه ، ونعد عندك ركائبك ، ثم نلقى عدونا ، فإن
أعزنا الله وأظهرنا على عدونا ؛ كان ذلك ما أحببنا ، وإن كانت الأخرى ، جلست على ركائبك ، فلحقت بمن وراءنا ، فأثنى
عليه رسول الله خيرًا ، ودعا له بخير ، ثم بني لرسول الله عريشًا ، فجلس فيه يدعو الله أن ينصر الإسلام. [ابن هشام].
وأبلى المسلمون في غزوة بدر بلاء حسنًا، وكان لهم النصر.
ويروى أن سعد بن معاذ كان يقول: ثلاث أنا فيهن رجل كما ينبغي ، وما سوى ذلك فأنا رجل من الناس ، ما سمعت من
رسول الله حديثًا قط إلا علمت أنه حق من الله عز وجل ، ولا كنت في صلاة قط فشغلت نفسي بغيرها حتى أقضيها ، ولا كنت
في جنازة قط ، فحدثت نفسي بغير ما تقول ، ويقال لها ، حتى أنصرف عنها. وكان سعيد بن المسيب يقول: هذه الخصال ما
كنت أحسبها إلا في نبي.
وتأتى غزوة أحد ، ويظهر سعد فيها حماسة شديدة وشجاعة عظيمة ، وظل يدافع عن النبي حتى عاد المشركون إلى مكة.
وفي غزوة الخندق ، تحالف المشركون وتجمعوا من كل مكان يحاصرون المدينة ، واستغلَّ بنو غطفان الموقف ، فبعثوا إلى
رسول الله كتابًا يعرضون فيه أن يتركوا القتال في مقابل أن يحصلوا على ثلث ثمار المدينة ، فاستشار الرسول صحابته في
هذا.
فقال سعد: يا رسول الله ، قد كنا نحن وهؤلاء القوم على الشرك ، وكانوا لا يطمعون أن يأكلوا منا ثمرة واحدة ، أفحين
أكرمنا الله بالإسلام ، نعطيهم أموالنا ! والله ما لنا بهذه من حاجة ، والله لا نعطيهم إلا السيف حتى يحكم الله بيننا وبينهم ،
فرضي الرسول والصحابة بذلك.
وأصيب سعد بن معاذ في غزوة الخندق بسهم حين رماه ابن العرقة وقال: خذها وأنا ابن العرقة ، فقال سعد: عرق الله وجهك
في النار. ثم دعا سعد ربه فقال: اللهم إن كنت أبقيت من حرب قريش شيئًا ، فأبقني لها ، فإنه لا قوم أحب إلى من أن أجاهدهم
فيك من قوم آذوا نبيك ، وكذبوه وأخرجوه. اللهم إن كنت وضعت الحرب بيننا وبينهم ، فاجعلها لي شهادة ، ولا تمتني حتى تقر
عيني من قريظة. [أحمد وابن هشام].
وانتهت غزوة الخندق بهزيمة المشركين ، وبعد الغزوة ذهب الرسول هو وصحابته لحصار بني قريظة الذين تآمروا مع
المشركين على المسلمين ، وخانوا عهد الرسول ، وغدروا بالمسلمين ، وجعل الرسول سعد بن معاذ هو الذي يحكم فيهم ،
فأقبل سعد يحملونه وهو مصاب ، وقال: لقد آن لسعد أن لا تأخذه في الله لومة لائم. ثم التفت إلى النبي ( وقال: إني أحكم
فيهم أن تقتل الرجال ، وتقسم الأموال ، وتسبى ذراريهم ونساؤهم، فقال الرسول : ( لقد حكمت فيهم بحكم الله ) [ابن عبدالبر].
ثم يموت سعد بن معاذ - رضي الله عنه - ، ويلقى ربه شهيدًا من أثر السهم ، وأخبر الرسول صحابته أن عرش الرحمن قد
اهتز لموت سعد ، وجاء جبريل إلى رسول الله وقال له: من هذا الميت الذي فتحت له أبواب السماء واستبشر به أهلها ؟
وأسرع النبي وأصحابه إلى بيت سعد ليغسلوه ويكفنوه ، فلما فرغوا من تجهيزه والصلاة عليه، حمله الصحابة فوجدوه خفيفًا
جدًّا ، مع أنه كان ضخمًا طويلاً، ولما سئل الرسول عن ذلك قال: ( إن الملائكة كانت تحمله ) [ابن عبد البر] ، وقال :
( شهده سبعون ألفًا من الملائكة ) [ابن عبد البر].
وجلس الرسول على قبره ، فقال: (سبحان الله) مرتين ، فسبح القوم ثم قال: (الله أكبر) فكبروا ، وقال النبي : ( لو نجا
أحد من ضغطة القبر ، لنجا منها سعد بن معاذ ) [ابن عبد البر]. وكانت وفاته - رضي الله عنه - سنة (5هـ) ، وهو ابن سبع
وثلاثين سنة ، ودفن بالبقيع
سعد بن معاذ
إنه الصحابي الجليل سعد بن معاذ - رضي الله عنه - ، سيد الأوس ، أسلم بعد بيعة العقبة الأولى ، وحضر بيعة العقبة الثانية.
ولإسلام سعد قصة طريفة ، فقد بعث النبي مصعب بن عمير - رضي الله عنه - ليدعو أهل المدينة إلى الإسلام ، ويُعلِّم من
أسلم منهم القرآن وأحكام الدين ، وجلس مصعب ومعه الصحابي أسعد بن زرارة في حديقة بالمدينة، وحضر معهما رجال ممن
أسلموا ، فلما سمع بذلك سعد بن معاذ وأسيد بن حضير ، وكانا سيديّ قومهما ، ولم يكونا أسلما بعد ، قال سعد لأسيد بن
حضير: انطلق إلى هذين الرجلين اللذين قد أتيا ديارنا ليسفها ضعفاءنا ، فازجرهما ، وانههما عن أن يأتيا ديارنا ، فأخذ أسيد
حربته ثم أقبل عليهما ، فلما رآه أسعد بن زراة قال لمصعب: هذا سيد قومه قد جاءك ، فاصدق الله فيه.
ووقف أسيد يسبهما ، فقال له مصعب: أو تجلس فتسمع ، فإن رضيت أمرًا قبلته ، وإن كرهته كففنا عنك ما تكره، فجلس أسيد
، واستمع إلى مصعب ، واقتنع بإسلامه ، فأسلم ، ثم قال لهما: إن ورائي رجلاً إن اتبعكما لم يتخلف عنه أحد
من قومه ، وسأرسله إليكما الآن سعد بن معاذ ، ثم أخذ أسيد حربته وانصرف إلى سعد وقومه وهم جلوس، فقال له: إن بني
حارثة قد خرجوا إلى أسعد بن زرارة ليقتلوه ، وكان أسعد ابن خالة سعد ، فقام سعد غاضبًا فأسرع وأخذ الحربة في يده. فلما
رآهما جالسين مطمئنين ، عرف أن أسيدًا إنما قال له ذلك ليأتي به إلى هذا المكان ، فأخذ يشتمهما ، فقال أسعد لمصعب: أي
مصعب ، جاءك والله سيدٌ من ورائه قومه إن يتبعك لا يتخلف عنك منهم أحد.
فقال مصعب لسعد: أو تقعد فتسمع ؟ فإن رضيت أمرًا ، ورغبت فيه قبلته ، وإن كرهته ، عزلنا عنك ما تكره. قال سعد:
أنصفت ، ثم وضع الحربة ، وجلس. فعرض عليه الإسلام، وقرأ عليه القرآن كما فعل مع أسيد ، فلمح مصعب وأسعد الإسلام
في وجه سعد بن معاذ قبل أن يتكلم ؛ فقد أشرق وجهه وتهلل ، ثم قال لهما: كيف تصنعون إذا أسلمتم ودخلتم في هذا الدين ؟
قال: تغتسل فتطهر وتطهر ثوبيك ، ثم تشهد شهادة الحق ، ثم تصلى ركعتين.
ففعل سعد ذلك ، ثم أخذ حربته ورجع إلى قومه ، فلما رآه قومه قالوا: نحلف بالله لقد رجع إليكم سعد بغير الوجه الذي ذهب
به، فقال لهم سعد: يا بني عبد الأشهل ، كيف تعلمون أمري فيكم ؟ قالوا: سيدنا وأفضلنا رأيًّا. قال: فإن كلام رجالكم ونسائكم
عليَّ حرام ، حتى تؤمنوا بالله وبرسوله ، فما أمسى في دار بني عبد الأشهل رجل ولا امرأة إلا ودخل في الإسلام. وبعد
انتشار الإسلام في ربوع المدينة ، أذن الله سبحانه لنبيه بالهجرة إلى المدينة ، فكان سعد خير معين لإخوانه المهاجرين إلى
المدينة.
وجاءت السنة الثانية من الهجرة ، والتي شهدت أحداث غزوة بدر، وطلب النبي المشورة قبل الحرب ، فقام أبو بكر وتحدث ثم
قام ، فتحدث عمر ، ثم قام المقداد بن عمرو ، وقالوا وأحسنوا الكلام ، ولكنهم من المهاجرين ، فقال الرسول : ( أشيروا علي
أيها الناس ) ، فقال سعد بن معاذ زعيم الأنصار: والله لكأنك تريدنا يا رسول الله ؟ قال: أجل ، فقال سعد: لقد آمنا بك
وصدقناك ، وشهدنا أن ما جئت به هو الحق، وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا ، فامض يا رسول الله لما أردت ، فنحن
معك ، فوالذي بعثك بالحق لو استعرضت بنا هذا البحر ، فخضته لخضناه معك ، ما تخلف منا رجل واحد ، وما نكره أن تلقى
بنا عدونا غدًا ، إنا لصُبُر في الحرب ، صُدُق في اللقاء ، لعل الله يريك منا ما تقرَّ به عينك ، فسر بنا على بركة الله.
فسُرَّ رسول الله عندما سمع كلام سعد ، ثم قال: ( سيروا وأبشروا ، فإن الله تعالى قد وعدني إحدى الطائفتين ، والله لكأني
الآن أنظر إلى مصارع القوم ) [ابن هشام].
وقبل أن تبدأ المعركة قال سعد بن معاذ: يا نبي الله، ألا نبني لك عريشًا تكون فيه ، ونعد عندك ركائبك ، ثم نلقى عدونا ، فإن
أعزنا الله وأظهرنا على عدونا ؛ كان ذلك ما أحببنا ، وإن كانت الأخرى ، جلست على ركائبك ، فلحقت بمن وراءنا ، فأثنى
عليه رسول الله خيرًا ، ودعا له بخير ، ثم بني لرسول الله عريشًا ، فجلس فيه يدعو الله أن ينصر الإسلام. [ابن هشام].
وأبلى المسلمون في غزوة بدر بلاء حسنًا، وكان لهم النصر.
ويروى أن سعد بن معاذ كان يقول: ثلاث أنا فيهن رجل كما ينبغي ، وما سوى ذلك فأنا رجل من الناس ، ما سمعت من
رسول الله حديثًا قط إلا علمت أنه حق من الله عز وجل ، ولا كنت في صلاة قط فشغلت نفسي بغيرها حتى أقضيها ، ولا كنت
في جنازة قط ، فحدثت نفسي بغير ما تقول ، ويقال لها ، حتى أنصرف عنها. وكان سعيد بن المسيب يقول: هذه الخصال ما
كنت أحسبها إلا في نبي.
وتأتى غزوة أحد ، ويظهر سعد فيها حماسة شديدة وشجاعة عظيمة ، وظل يدافع عن النبي حتى عاد المشركون إلى مكة.
وفي غزوة الخندق ، تحالف المشركون وتجمعوا من كل مكان يحاصرون المدينة ، واستغلَّ بنو غطفان الموقف ، فبعثوا إلى
رسول الله كتابًا يعرضون فيه أن يتركوا القتال في مقابل أن يحصلوا على ثلث ثمار المدينة ، فاستشار الرسول صحابته في
هذا.
فقال سعد: يا رسول الله ، قد كنا نحن وهؤلاء القوم على الشرك ، وكانوا لا يطمعون أن يأكلوا منا ثمرة واحدة ، أفحين
أكرمنا الله بالإسلام ، نعطيهم أموالنا ! والله ما لنا بهذه من حاجة ، والله لا نعطيهم إلا السيف حتى يحكم الله بيننا وبينهم ،
فرضي الرسول والصحابة بذلك.
وأصيب سعد بن معاذ في غزوة الخندق بسهم حين رماه ابن العرقة وقال: خذها وأنا ابن العرقة ، فقال سعد: عرق الله وجهك
في النار. ثم دعا سعد ربه فقال: اللهم إن كنت أبقيت من حرب قريش شيئًا ، فأبقني لها ، فإنه لا قوم أحب إلى من أن أجاهدهم
فيك من قوم آذوا نبيك ، وكذبوه وأخرجوه. اللهم إن كنت وضعت الحرب بيننا وبينهم ، فاجعلها لي شهادة ، ولا تمتني حتى تقر
عيني من قريظة. [أحمد وابن هشام].
وانتهت غزوة الخندق بهزيمة المشركين ، وبعد الغزوة ذهب الرسول هو وصحابته لحصار بني قريظة الذين تآمروا مع
المشركين على المسلمين ، وخانوا عهد الرسول ، وغدروا بالمسلمين ، وجعل الرسول سعد بن معاذ هو الذي يحكم فيهم ،
فأقبل سعد يحملونه وهو مصاب ، وقال: لقد آن لسعد أن لا تأخذه في الله لومة لائم. ثم التفت إلى النبي ( وقال: إني أحكم
فيهم أن تقتل الرجال ، وتقسم الأموال ، وتسبى ذراريهم ونساؤهم، فقال الرسول : ( لقد حكمت فيهم بحكم الله ) [ابن عبدالبر].
ثم يموت سعد بن معاذ - رضي الله عنه - ، ويلقى ربه شهيدًا من أثر السهم ، وأخبر الرسول صحابته أن عرش الرحمن قد
اهتز لموت سعد ، وجاء جبريل إلى رسول الله وقال له: من هذا الميت الذي فتحت له أبواب السماء واستبشر به أهلها ؟
وأسرع النبي وأصحابه إلى بيت سعد ليغسلوه ويكفنوه ، فلما فرغوا من تجهيزه والصلاة عليه، حمله الصحابة فوجدوه خفيفًا
جدًّا ، مع أنه كان ضخمًا طويلاً، ولما سئل الرسول عن ذلك قال: ( إن الملائكة كانت تحمله ) [ابن عبد البر] ، وقال :
( شهده سبعون ألفًا من الملائكة ) [ابن عبد البر].
وجلس الرسول على قبره ، فقال: (سبحان الله) مرتين ، فسبح القوم ثم قال: (الله أكبر) فكبروا ، وقال النبي : ( لو نجا
أحد من ضغطة القبر ، لنجا منها سعد بن معاذ ) [ابن عبد البر]. وكانت وفاته - رضي الله عنه - سنة (5هـ) ، وهو ابن سبع
وثلاثين سنة ، ودفن بالبقيع
رد: صحابه الرسول
شبيه إبراهيم
معاذ بن جبل
إنه أبو عبد الرحمن معاذ بن جبل - رضي الله عنه - ، أحد السبعين رجلا الذين شهدوا بيعة العقبة الثانية من الأنصار ، وقد
أسلم وهو ابن ثماني عشرة سنة ، وقد تفقه معاذ في دين الله ، فوصفه الرسول بأنه ( أعلم الناس بالحلال والحرام )
[الترمذى].
وكان الصحابة - رضوان الله عليهم - يجتمعون حوله ليتعلموا منه أمور الحلال والحرام ، وقال عنه أمير المؤمنين عمر بن
الخطاب: عجزت النساء أن يلدن مثله ، ولولاه لهلك عمر.
ومدحه عبد الله بن مسعود فقال عنه: كان أمة قانتًا لله حنيفًا ولم يك من المشركين ، حتى ظن السامع أنه يقصد إبراهيم عليه
السلام ، فقال له ابن مسعود: ما نسيت ، هل تدرى ما الأمَّة ؟ وما القانت ؟ فقال: الله أعلم ، فقال الأمة الذي يعلم الخير ،
والقانت المطيع لله وللرسول [أبو نعيم والحاكم].
وكان معاذ أحد الذين يفتون على عهد رسول الله ، وهم: عمر ، وعثمان ، وعلي من المهاجرين ، وأبي بن كعب ومعاذ ،
وزيد من الأنصار. بل قدمه عمر في الفقه ، فقال: من أراد الفقه ؛ فليأت معاذ بن جبل. وكان أصحاب رسول الله إذا تحدثوا
وفيهم معاذ نظروا إليه هيبة له واحتراما [أبو نعيم].
وقال عمر بن الخطاب يومًا لأصحابه: لو استخلفت معاذَا - رضي الله عنه - فسألني ربى عز وجل ما حملك على ذلك ؟
لقلت: سمعت نبيك يقول : ( يأتي معاذ بن جبل بين يدي العلماء برتوة (مسافة كبيرة ) )[أحمد].
وقد بعثه رسول الله إلى اليمن قاضيًا ، وقال له: ( كيف تقضي إذا عرض لك قضاء ) ، قــال: أقضـي بكتاب الله. قال:
( فإن لم تجد في كتاب الله ) ، قال: فبسنة رسول الله ، قال: ( فإن لم تجد في سنة رسول الله ولا في كتاب الله ؟ ) قال:
اجتهد رأيي ، فضرب رسول الله صدره ، وقال: ( الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لما يرضي رسول الله ) [الترمذي
وأبو داود وأحمد].
وقابله النبي ذات يوم ، وقال له: ( يا معاذ ، إني لأحبك في الله ) قال معاذ: وأنا والله يا رسول الله ، أحبك في الله. فقال :
( أفلا أعلمك كلمات تقولهن دبر كل صلاة : رب أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك ). [أبو داود والنسائي والحاكم].
وكان - رضي الله عنه - أحد الصحابة الذين يحفظون القرآن ، وممن جمعوا القرآن على عهد رسول الله ، حتى قال عنه
النبي : ( استقرئوا القرآن من أربعة : من عبد الله بن مسعود ، وسالم مولى أبي حذيفة ، وأبي بن كعب ، ومعاذ بن جبل )
[متفق عليه].
يقول أبو مسلم الخولاني : دخلت مسجد حمص فإذا فيه ما يقرب من ثلاثين شيخًا من أصحاب رسول الله ، وإذا فيهم شاب
أجحل العينين (من الاكتحال) ، براق الثنايا ، ساكت لا يتكلم ، فإذا اختلف القوم في شيء أقبلوا عليه فسألوه ، فقلت لجليسي:
من هذا ؟ قال: معاذ بن جبل - رضي الله عنه - ، فوقع في نفسي حبه ، فكنت معهم حتى تفرقوا.
وكان معاذ يحث أصحابه دائما على طلب العلم فيقول: تعلموا العلم فإن تعلمه لله تعالى خشية ، وطلبه عبادة ، ومذاكرته
تسبيح ، والبحث عنه جهاد ، وتعليمه لمن لا يعلم صدقه ، وبذله لأهله قربة ، لأنه معالم الحلال والحرام.
وكان معاذ حريصا على تمام سنة المصطفى ، متمسكًا بها ، وكان يقول: من سره أن يأتي الله عز وجل آمنا فليأت هذه
الصلوات الخمس ؛ حيث ينادي بهن ، فإنهن من سنن الهدى ، ومما سنه لكم نبيكم ، ولا يقل إن لي مصلى في بيتي فأصلى
فيه ، فإنكم إن فعلتم ذلك تركتم سنة نبيكم ، ولو تركتم سنة نبيكم ( (لضللتم).
وكان كريمًا ، كثير الإنفاق ، فيروى أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - بعث إليه بأربعمائة دينار مع غلامه ، وقال للغلام
، انتظر حتى ترى ما يصنع ؟ فذهب بها الغلام وقال لمعاذ: يقول لك أمير المؤمنين اجعل هذه في بعض حاجتك ، فقال معاذ:
رحم الله وصله ، تعالى يا جارية اذهبي إلى بيت فلان بكذا ، واذهبي إلى بيت فلان بكذا ، فاطلعت امرأة معاذ وقالت: نحن
والله مساكين فأعطنا ، ولم يبق في الصرة إلا ديناران فأعطاهما إياها ، ورجع الغلام إلى عمر فأخبره بما حدث ، فسر عمر
بذلك. [ابن سعد وأبو نعيم].
وكان كثير التهجد يصلي بالليل والناس نيام ، وكان يقول في تهجده: اللهم نامت العيون وغارت النجوم ، وأنت حي قيوم ،
اللهم طلبي للجنة بطىء ، وهربي من النار ضعيف ، اللهم اجعل لي عندك هدى ترده إلى يوم القيامة ، إنك لا تخلف الميعاد.
ولما حضرته الوفاة قال لمن حوله من أهله: أنظروا أأصبحنا أم لا ؟ فقالوا: لا ثم كرر ذلك، وهم يقولون: لا. حتى قيل له
أصبحنا فقال: أعوذ بالله من ليلة صباحها إلى النار ، مرحبًا بالموت مرحبًا ، زائر مغب (أي خير) وحبيب جاء على فاقة
(حاجة) ، اللهم إني قد كنت أخافك فأنا اليوم أرجوك ، اللهم إنك تعلم أني لم أكن أحب الدنيا ، وطول البقاء فيها لجري
الأنهار ، ولا لغرس الأشجار ، ولكن لظمأ الهواجر (يقصد الصوم) ، ومكابدة الساعات (أي قيام الليل) ، ومزاحمة العلماء
بالركب عن حلق الذكر. ومات معاذ سنة (18هـ) على الأصح عمره 38سنة.
معاذ بن جبل
إنه أبو عبد الرحمن معاذ بن جبل - رضي الله عنه - ، أحد السبعين رجلا الذين شهدوا بيعة العقبة الثانية من الأنصار ، وقد
أسلم وهو ابن ثماني عشرة سنة ، وقد تفقه معاذ في دين الله ، فوصفه الرسول بأنه ( أعلم الناس بالحلال والحرام )
[الترمذى].
وكان الصحابة - رضوان الله عليهم - يجتمعون حوله ليتعلموا منه أمور الحلال والحرام ، وقال عنه أمير المؤمنين عمر بن
الخطاب: عجزت النساء أن يلدن مثله ، ولولاه لهلك عمر.
ومدحه عبد الله بن مسعود فقال عنه: كان أمة قانتًا لله حنيفًا ولم يك من المشركين ، حتى ظن السامع أنه يقصد إبراهيم عليه
السلام ، فقال له ابن مسعود: ما نسيت ، هل تدرى ما الأمَّة ؟ وما القانت ؟ فقال: الله أعلم ، فقال الأمة الذي يعلم الخير ،
والقانت المطيع لله وللرسول [أبو نعيم والحاكم].
وكان معاذ أحد الذين يفتون على عهد رسول الله ، وهم: عمر ، وعثمان ، وعلي من المهاجرين ، وأبي بن كعب ومعاذ ،
وزيد من الأنصار. بل قدمه عمر في الفقه ، فقال: من أراد الفقه ؛ فليأت معاذ بن جبل. وكان أصحاب رسول الله إذا تحدثوا
وفيهم معاذ نظروا إليه هيبة له واحتراما [أبو نعيم].
وقال عمر بن الخطاب يومًا لأصحابه: لو استخلفت معاذَا - رضي الله عنه - فسألني ربى عز وجل ما حملك على ذلك ؟
لقلت: سمعت نبيك يقول : ( يأتي معاذ بن جبل بين يدي العلماء برتوة (مسافة كبيرة ) )[أحمد].
وقد بعثه رسول الله إلى اليمن قاضيًا ، وقال له: ( كيف تقضي إذا عرض لك قضاء ) ، قــال: أقضـي بكتاب الله. قال:
( فإن لم تجد في كتاب الله ) ، قال: فبسنة رسول الله ، قال: ( فإن لم تجد في سنة رسول الله ولا في كتاب الله ؟ ) قال:
اجتهد رأيي ، فضرب رسول الله صدره ، وقال: ( الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لما يرضي رسول الله ) [الترمذي
وأبو داود وأحمد].
وقابله النبي ذات يوم ، وقال له: ( يا معاذ ، إني لأحبك في الله ) قال معاذ: وأنا والله يا رسول الله ، أحبك في الله. فقال :
( أفلا أعلمك كلمات تقولهن دبر كل صلاة : رب أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك ). [أبو داود والنسائي والحاكم].
وكان - رضي الله عنه - أحد الصحابة الذين يحفظون القرآن ، وممن جمعوا القرآن على عهد رسول الله ، حتى قال عنه
النبي : ( استقرئوا القرآن من أربعة : من عبد الله بن مسعود ، وسالم مولى أبي حذيفة ، وأبي بن كعب ، ومعاذ بن جبل )
[متفق عليه].
يقول أبو مسلم الخولاني : دخلت مسجد حمص فإذا فيه ما يقرب من ثلاثين شيخًا من أصحاب رسول الله ، وإذا فيهم شاب
أجحل العينين (من الاكتحال) ، براق الثنايا ، ساكت لا يتكلم ، فإذا اختلف القوم في شيء أقبلوا عليه فسألوه ، فقلت لجليسي:
من هذا ؟ قال: معاذ بن جبل - رضي الله عنه - ، فوقع في نفسي حبه ، فكنت معهم حتى تفرقوا.
وكان معاذ يحث أصحابه دائما على طلب العلم فيقول: تعلموا العلم فإن تعلمه لله تعالى خشية ، وطلبه عبادة ، ومذاكرته
تسبيح ، والبحث عنه جهاد ، وتعليمه لمن لا يعلم صدقه ، وبذله لأهله قربة ، لأنه معالم الحلال والحرام.
وكان معاذ حريصا على تمام سنة المصطفى ، متمسكًا بها ، وكان يقول: من سره أن يأتي الله عز وجل آمنا فليأت هذه
الصلوات الخمس ؛ حيث ينادي بهن ، فإنهن من سنن الهدى ، ومما سنه لكم نبيكم ، ولا يقل إن لي مصلى في بيتي فأصلى
فيه ، فإنكم إن فعلتم ذلك تركتم سنة نبيكم ، ولو تركتم سنة نبيكم ( (لضللتم).
وكان كريمًا ، كثير الإنفاق ، فيروى أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - بعث إليه بأربعمائة دينار مع غلامه ، وقال للغلام
، انتظر حتى ترى ما يصنع ؟ فذهب بها الغلام وقال لمعاذ: يقول لك أمير المؤمنين اجعل هذه في بعض حاجتك ، فقال معاذ:
رحم الله وصله ، تعالى يا جارية اذهبي إلى بيت فلان بكذا ، واذهبي إلى بيت فلان بكذا ، فاطلعت امرأة معاذ وقالت: نحن
والله مساكين فأعطنا ، ولم يبق في الصرة إلا ديناران فأعطاهما إياها ، ورجع الغلام إلى عمر فأخبره بما حدث ، فسر عمر
بذلك. [ابن سعد وأبو نعيم].
وكان كثير التهجد يصلي بالليل والناس نيام ، وكان يقول في تهجده: اللهم نامت العيون وغارت النجوم ، وأنت حي قيوم ،
اللهم طلبي للجنة بطىء ، وهربي من النار ضعيف ، اللهم اجعل لي عندك هدى ترده إلى يوم القيامة ، إنك لا تخلف الميعاد.
ولما حضرته الوفاة قال لمن حوله من أهله: أنظروا أأصبحنا أم لا ؟ فقالوا: لا ثم كرر ذلك، وهم يقولون: لا. حتى قيل له
أصبحنا فقال: أعوذ بالله من ليلة صباحها إلى النار ، مرحبًا بالموت مرحبًا ، زائر مغب (أي خير) وحبيب جاء على فاقة
(حاجة) ، اللهم إني قد كنت أخافك فأنا اليوم أرجوك ، اللهم إنك تعلم أني لم أكن أحب الدنيا ، وطول البقاء فيها لجري
الأنهار ، ولا لغرس الأشجار ، ولكن لظمأ الهواجر (يقصد الصوم) ، ومكابدة الساعات (أي قيام الليل) ، ومزاحمة العلماء
بالركب عن حلق الذكر. ومات معاذ سنة (18هـ) على الأصح عمره 38سنة.
رد: صحابه الرسول
ابن الإسلام
سلمان الفارسي
إنه الصحابي الجليل سلمان الفارسي ، أو سلمان الخير ، أو الباحث عن الحقيقة ، وكان - رضي الله عنه - إذا سئل مَنْ أنت ؟
قال: أنا ابن الإسلام ، من بني آدم ، وقد اشتهر بكثرة العبادة ، وكثرة مجالسته للنبي - صلى الله عليه وسلم - ، فلم يفارقه إلا
لحاجة ، وكان النبي يحبه حبًّا شديدًا ، وسماه أبو هريرة صاحب الكتابين (يعني الإنجيل والفرقان) ، وسمَّاه علي بن أبي
طالب لقمان الحكيم ، وقد آخى النبي بينه وبين أبي الدرداء.
يقول سلمان - رضي الله عنه - عن نفسه: ( كنت رجلاً من أهل أصبهان من قرية يقال لها جيّ ، وكان أبي دُهْقانها (رئيسها)
، وكنت من أحب عباد الله إليه ، وقد اجتهدت في المجوسية حتى كنت قاطن النار (ملازمها) الذي يوقدها لا يتركها تخبو
ساعة.
وكان لأبي ضَيْعَة (أرض) ، أرسلني إليها يومًا فخرجت فمررت بكنيسة للنصارى ، فسمعتهم يصلُّون ، فدخلت عليهم أنظر ما
يصنعون ، فأعجبني ما رأيت من صلاتهم ، وقلت لنفسي: هذا خير من ديننا الذي نحن عليه فما برحتهم (تركتهم) حتى غابت
الشمس ، ولا ذهبت إلى ضيعة أبي ، ولا رجعت إليه حتى بعث في أثري من يبحث عني ، وسألت النصارى حين أعجبني
أمرهم وصلاتهم عن أصل دينهم، فقالوا: في الشام ، وقلت لأبي حين عُدت إليه: إني مررت على قوم يُصلّون في كنيسة لهم
فأعجبتني صلاتهم ، ورأيت أن دينهم خير من ديننا ، فحاورني وحاورته ، ثم جعل في رجلي حديدًا وحبسني.
وأرسلت إلى النصارى أخبرهم أني دخلت في دينهم ، وسألتهم إذا قدم عليهم ركب من الشام أن يخبروني قبل عودتهم إليها ؛
لأرحل معهم ، وقد فعلوا فحطمت الحديد ، وخرجت ، وانطلقت معهم إلى الشام ، وهناك سألت عن عالمهم فقيل لي : هو
الأسقف (رئيس من رؤساء النصارى) صاحب الكنيسة ، فأتيته وأخبرته خبري ، فأقمت معه أخدم وأصلي وأتعلم ، وكان هذا
الأسقف رجل سوء في دينه ، إذ كان يجمع الصدقات من الناس ليوزعها على الفقراء ، ولكنه كان يكتنـزها لنفسه.
فلما مات جاءوا بآخر فجعلوه مكانه ، فما رأيت رجلاً على دينهم خيرًا منه ، ولا أعظم رغبة في الآخرة وزهدًا في الدنيا ،
ودأبًا على العبادة ، فأحببته حبًّا ما علمت أنني أحببت أحدًا مثله قبله ، فلما حضره قدره (الموت) ، قلت له: إنه قد حضرك
من أمر الله ما ترى ، فبم تأمرني ؟ وإلى مَنْ توصى بي ؟ قال: أي بني ، ما أعرف من الناس على مثل ما أنا عليه إلا رجلاً
بالموصل.
فلما توفي أتيت صاحب الموصل ، فأخبرته الخبر ، وأقمت معه ما شاء الله أن أقيم ، ثم حضرته الوفاة ، فسألته فدلني على
عابد في نصيبين ، فأتيته وأخبرته خبري ، ثم أقمت معه ما شاء الله أن أقيم، فلما حضرته الوفاة سألته ، فأمرني أن ألحق برجل
في عمورية من بلاد الروم ، فرحلت إليه وأقمت معه ، واصطنعت لمعاشي بقرات وغنيمات ، ثم حضرته الوفاة ، فقلت له:
إلى من توصي بي ؟ فقال لي: يا بني ما أعرف أحدًا على مثل ما كنا عليه ، آمرك أن تأتيه ، ولكنه قد أظلك (أتى عليك)
زمان نبي يبعث بدين إبراهيم حنيفًا ، يهاجر إلى أرض ذات نخل بين حرتين ، فإن استطعت أن تخلص (تذهب) إليه فافعل ،
وإن له آيات لا تخفى ، فهو لا يأكل الصدقة ، ويقبل الهدية ، وإن بين كتفيه خاتم النبوة ، إذا رأيته عرفته.
ومرَّ بي ركب ذات يوم ، فسألتهم عن بلادهم فعلمت أنهم من جزيرة العرب ، فقلت لهم : أعطيكم بقراتي هذه وغنمي على أن
تحملوني معكم إلى أرضكم ؟ قالوا: نعم. واصطحبوني معهم حتى قدموا بي وادي القرى ، وهناك ظلموني وباعوني إلى
رجل من يهود ، وأقمت عنده حتى قدم عليه يومًا رجل من يهود بني قريظة ، فابتاعني منه ، ثم خرج بي حتى قدمت المدينة ،
فوالله ما هو إلا أن رأيتها حتى أيقنت أنها البلد التي وُصِفَتْ لي.
وأقمت معه أعمل له في نخله ، وإني لفي رأس نخلة يومًا ، وصاحبي جالس تحتها ، إذ أقبل رجل من بني عمه فقال يخاطبه:
قاتل الله بني قيلة (الأوس والخزرج) ، إنهم ليقاصفون (يجتمعون) على رجل بقباء قادم من مكة يزعمون أنه نبي ، فوالله ما
هو إلا أن قالها حتى أخذتني العُرَوَاءُ (ريح باردة) ، فرجفت النخلة حتى كدت أسقط فوق صاحبي ، ثم نزلت سريعًا أقول ما
هذا الخبر ؟ فرفع سيدي يده ولكزني لكزة شديدة ، ثم قال: مالك ولهذا ؟ أقبل على عملك ، فأقبلت على عملي.
ولما أمسيت جمعت ما كان عندي ثم خرجت حتى جئت رسول الله بقُباء ، فدخلت عليه ومعه نفر من أصحابه ، فقلت له: إنكم
أهل حاجة وغربة ، وقد كان عندي طعام نذرته للصدقة ، فلما ذُكر لي مكانكم رأيتكم أحق الناس به فجئتكم به ، ثم وضعته ،
فقال الرسول لأصحابه: كلوا باسم الله ، وأمسك هو فلم يبسط إليه يدًا ، فقلت في نفسي: هذه والله واحدة، إنه لا يأكل الصدقة.
ثم رجعت، وعدت إلى الرسول ( في الغداة أحمل طعامًا، وقلت له عليه السلام: إني رأيتك لا تأكل الصدقة ، وقد كان عندي
شيء أحب أن أكرمك به هدية ، ووضعته بين يده ، فقال لأصحابه: كلوا باسم الله ، وأكل معهم ، قلت لنفسي: هذه والله
الثانية ، إنه يأكل الهدية ، ثم رجعت فمكثت ما شاء الله، ثم أتيته فوجدته في البقيع قد تبع جنازة ، وحوله أصحابه وعليه شملتان
(الشملة: كساء من الصوف) مؤتزرًا بواحدة ، ومرتديًا الأخرى ، فسلّمت عليه ، ثم عدلت لأنظر أعلى ظهره ، فعرف أني
أريد ذلك ، فألقى بردته عن كاهله ، فإذا العلامة بين كتفيه خاتم النبوة ، كما وصفه لي صاحبي ، فأكببت عليه أقبله وأبكي.
ثم دعاني عليه الصلاة والسلام فجلست بين يديه ، وحدثته كما أحدثكم الآن ، ثم أسلمت ، وحال الرقُّ بيني وبين شهود
(حضور) بدر وأحد ، وفي ذات يوم قال الرسول : (كاتب سيدك حتى يعتقك) ، فكاتبته ، وأمر الرسول الصحابة كي
يعاونوني وحرر الله رقبتي ، وعشت حُرًّا مسلمًا ، وشهدت مع رسول الله غزوة الخندق والمشاهد كلها. [أحمد والطبراني].
وكان سلمان هو الذي أشار بحفر الخندق حول المدينة عندما أرادت الأحزاب الهجوم على المدينة ، وعندما وصل أهل مكة
المدينة ، ووجدوا الخندق ، قال أبو سفيان: هذه مكيدة ما كانت العرب تكيدها. ووقف الأنصار يومها يقولون: سلمان منا ،
ووقف المهاجرون يقولون: بل سلمان منا ، وعندها ناداهم الرسول قائلاً: (سلمان منا آل البيت) [ابن سعد].
ومما يحكى عن زهده أنه كان أميرًا على المدائن في خلافة الفاروق عمر ، وكان عطاؤه من بيت المال خمسة آلاف دينار ، لا
ينال منه درهمًا واحدًا ، ويتصدق به على الفقراء والمحتاجين ، ويقول: (أشتري خوصًا بدرهم فأعمله، ثم أبيعه بثلاثة دراهم ،
فأعيد درهمًا فيه ، وأنفق درهمًا على عيالي ، وأتصدق بالثالث ، ولو أن عمر بن الخطاب نهاني عن ذلك ما انتهيتُ) [أبو
نعيم].
ويروى أنه كان أميرًا على سرية ، فمرَّ عليه فتية من الأعداء وهو يركب حمارًا ، ورجلاه تتدليان من عليه ، وعليه ثياب
بسيطة مهلهلة ، فسخروا منه ، وقالوا للمسلمين في سخرية وازدراء: هذا أميركم ؟ فقيل لسلمان: يا أبا عبد الله ألا ترى هؤلاء
وما يقولون ؟ فقال سلمان: دعهم فإن الخير والشر فيما بعد اليوم.[ابن سعد].
ومما رُوي في تواضعه أنه كان سائرًا في طريق ، فناداه رجل قادم من الشام ليحمل عن متاعه ، فحمل سلمان متاع الرجل ،
وفي الطريق قابل جماعة من الناس فسلم عليهم ، فأجابوا واقفين: وعلى الأمير السلام ، وأسرع أحدهم نحوه ليحمل عنه
قائلا: عنك أيها الأمير ، فعلم الشامي أنه سلمان الفارسي أمير المدائن ، فأَسْقَطَ ما كان في يديه ، واقترب ينتزع الحمل ، ولكن
سلمان هزَّ رأسه رافضًا وهو يقول: لا، حتى أبلغك منزلك. [ابن سعد].
ودخل صاحب له بيته، فإذا هو يعجن فسأله: أين الخادم ؟ فقال سلمان: لقد بعثناها في حاجة ، فكرهنا أن نجمع عليها عملين.
وحين أراد سلمان بناء بيت له سأل البنَّاء: كيف ستبنيه ؟ وكان البنَّاء ذكيًّا يعرف زهد سلمان وورعه، فأجابه قائلاً: لا تخف،
إنها بناية تستظل بها من الحر ، وتسكن فيها من البرد ، إذا وقفت فيها أصابت رأسك ، وإذا اضطجعت (نمت) فيها أصابت
رجلك. فقال له سلمان: نعم، هكذا فاصنع. وتوفي - رضي الله عنه - في خلافة عثمان بن عفان سنة (35هـ)
سلمان الفارسي
إنه الصحابي الجليل سلمان الفارسي ، أو سلمان الخير ، أو الباحث عن الحقيقة ، وكان - رضي الله عنه - إذا سئل مَنْ أنت ؟
قال: أنا ابن الإسلام ، من بني آدم ، وقد اشتهر بكثرة العبادة ، وكثرة مجالسته للنبي - صلى الله عليه وسلم - ، فلم يفارقه إلا
لحاجة ، وكان النبي يحبه حبًّا شديدًا ، وسماه أبو هريرة صاحب الكتابين (يعني الإنجيل والفرقان) ، وسمَّاه علي بن أبي
طالب لقمان الحكيم ، وقد آخى النبي بينه وبين أبي الدرداء.
يقول سلمان - رضي الله عنه - عن نفسه: ( كنت رجلاً من أهل أصبهان من قرية يقال لها جيّ ، وكان أبي دُهْقانها (رئيسها)
، وكنت من أحب عباد الله إليه ، وقد اجتهدت في المجوسية حتى كنت قاطن النار (ملازمها) الذي يوقدها لا يتركها تخبو
ساعة.
وكان لأبي ضَيْعَة (أرض) ، أرسلني إليها يومًا فخرجت فمررت بكنيسة للنصارى ، فسمعتهم يصلُّون ، فدخلت عليهم أنظر ما
يصنعون ، فأعجبني ما رأيت من صلاتهم ، وقلت لنفسي: هذا خير من ديننا الذي نحن عليه فما برحتهم (تركتهم) حتى غابت
الشمس ، ولا ذهبت إلى ضيعة أبي ، ولا رجعت إليه حتى بعث في أثري من يبحث عني ، وسألت النصارى حين أعجبني
أمرهم وصلاتهم عن أصل دينهم، فقالوا: في الشام ، وقلت لأبي حين عُدت إليه: إني مررت على قوم يُصلّون في كنيسة لهم
فأعجبتني صلاتهم ، ورأيت أن دينهم خير من ديننا ، فحاورني وحاورته ، ثم جعل في رجلي حديدًا وحبسني.
وأرسلت إلى النصارى أخبرهم أني دخلت في دينهم ، وسألتهم إذا قدم عليهم ركب من الشام أن يخبروني قبل عودتهم إليها ؛
لأرحل معهم ، وقد فعلوا فحطمت الحديد ، وخرجت ، وانطلقت معهم إلى الشام ، وهناك سألت عن عالمهم فقيل لي : هو
الأسقف (رئيس من رؤساء النصارى) صاحب الكنيسة ، فأتيته وأخبرته خبري ، فأقمت معه أخدم وأصلي وأتعلم ، وكان هذا
الأسقف رجل سوء في دينه ، إذ كان يجمع الصدقات من الناس ليوزعها على الفقراء ، ولكنه كان يكتنـزها لنفسه.
فلما مات جاءوا بآخر فجعلوه مكانه ، فما رأيت رجلاً على دينهم خيرًا منه ، ولا أعظم رغبة في الآخرة وزهدًا في الدنيا ،
ودأبًا على العبادة ، فأحببته حبًّا ما علمت أنني أحببت أحدًا مثله قبله ، فلما حضره قدره (الموت) ، قلت له: إنه قد حضرك
من أمر الله ما ترى ، فبم تأمرني ؟ وإلى مَنْ توصى بي ؟ قال: أي بني ، ما أعرف من الناس على مثل ما أنا عليه إلا رجلاً
بالموصل.
فلما توفي أتيت صاحب الموصل ، فأخبرته الخبر ، وأقمت معه ما شاء الله أن أقيم ، ثم حضرته الوفاة ، فسألته فدلني على
عابد في نصيبين ، فأتيته وأخبرته خبري ، ثم أقمت معه ما شاء الله أن أقيم، فلما حضرته الوفاة سألته ، فأمرني أن ألحق برجل
في عمورية من بلاد الروم ، فرحلت إليه وأقمت معه ، واصطنعت لمعاشي بقرات وغنيمات ، ثم حضرته الوفاة ، فقلت له:
إلى من توصي بي ؟ فقال لي: يا بني ما أعرف أحدًا على مثل ما كنا عليه ، آمرك أن تأتيه ، ولكنه قد أظلك (أتى عليك)
زمان نبي يبعث بدين إبراهيم حنيفًا ، يهاجر إلى أرض ذات نخل بين حرتين ، فإن استطعت أن تخلص (تذهب) إليه فافعل ،
وإن له آيات لا تخفى ، فهو لا يأكل الصدقة ، ويقبل الهدية ، وإن بين كتفيه خاتم النبوة ، إذا رأيته عرفته.
ومرَّ بي ركب ذات يوم ، فسألتهم عن بلادهم فعلمت أنهم من جزيرة العرب ، فقلت لهم : أعطيكم بقراتي هذه وغنمي على أن
تحملوني معكم إلى أرضكم ؟ قالوا: نعم. واصطحبوني معهم حتى قدموا بي وادي القرى ، وهناك ظلموني وباعوني إلى
رجل من يهود ، وأقمت عنده حتى قدم عليه يومًا رجل من يهود بني قريظة ، فابتاعني منه ، ثم خرج بي حتى قدمت المدينة ،
فوالله ما هو إلا أن رأيتها حتى أيقنت أنها البلد التي وُصِفَتْ لي.
وأقمت معه أعمل له في نخله ، وإني لفي رأس نخلة يومًا ، وصاحبي جالس تحتها ، إذ أقبل رجل من بني عمه فقال يخاطبه:
قاتل الله بني قيلة (الأوس والخزرج) ، إنهم ليقاصفون (يجتمعون) على رجل بقباء قادم من مكة يزعمون أنه نبي ، فوالله ما
هو إلا أن قالها حتى أخذتني العُرَوَاءُ (ريح باردة) ، فرجفت النخلة حتى كدت أسقط فوق صاحبي ، ثم نزلت سريعًا أقول ما
هذا الخبر ؟ فرفع سيدي يده ولكزني لكزة شديدة ، ثم قال: مالك ولهذا ؟ أقبل على عملك ، فأقبلت على عملي.
ولما أمسيت جمعت ما كان عندي ثم خرجت حتى جئت رسول الله بقُباء ، فدخلت عليه ومعه نفر من أصحابه ، فقلت له: إنكم
أهل حاجة وغربة ، وقد كان عندي طعام نذرته للصدقة ، فلما ذُكر لي مكانكم رأيتكم أحق الناس به فجئتكم به ، ثم وضعته ،
فقال الرسول لأصحابه: كلوا باسم الله ، وأمسك هو فلم يبسط إليه يدًا ، فقلت في نفسي: هذه والله واحدة، إنه لا يأكل الصدقة.
ثم رجعت، وعدت إلى الرسول ( في الغداة أحمل طعامًا، وقلت له عليه السلام: إني رأيتك لا تأكل الصدقة ، وقد كان عندي
شيء أحب أن أكرمك به هدية ، ووضعته بين يده ، فقال لأصحابه: كلوا باسم الله ، وأكل معهم ، قلت لنفسي: هذه والله
الثانية ، إنه يأكل الهدية ، ثم رجعت فمكثت ما شاء الله، ثم أتيته فوجدته في البقيع قد تبع جنازة ، وحوله أصحابه وعليه شملتان
(الشملة: كساء من الصوف) مؤتزرًا بواحدة ، ومرتديًا الأخرى ، فسلّمت عليه ، ثم عدلت لأنظر أعلى ظهره ، فعرف أني
أريد ذلك ، فألقى بردته عن كاهله ، فإذا العلامة بين كتفيه خاتم النبوة ، كما وصفه لي صاحبي ، فأكببت عليه أقبله وأبكي.
ثم دعاني عليه الصلاة والسلام فجلست بين يديه ، وحدثته كما أحدثكم الآن ، ثم أسلمت ، وحال الرقُّ بيني وبين شهود
(حضور) بدر وأحد ، وفي ذات يوم قال الرسول : (كاتب سيدك حتى يعتقك) ، فكاتبته ، وأمر الرسول الصحابة كي
يعاونوني وحرر الله رقبتي ، وعشت حُرًّا مسلمًا ، وشهدت مع رسول الله غزوة الخندق والمشاهد كلها. [أحمد والطبراني].
وكان سلمان هو الذي أشار بحفر الخندق حول المدينة عندما أرادت الأحزاب الهجوم على المدينة ، وعندما وصل أهل مكة
المدينة ، ووجدوا الخندق ، قال أبو سفيان: هذه مكيدة ما كانت العرب تكيدها. ووقف الأنصار يومها يقولون: سلمان منا ،
ووقف المهاجرون يقولون: بل سلمان منا ، وعندها ناداهم الرسول قائلاً: (سلمان منا آل البيت) [ابن سعد].
ومما يحكى عن زهده أنه كان أميرًا على المدائن في خلافة الفاروق عمر ، وكان عطاؤه من بيت المال خمسة آلاف دينار ، لا
ينال منه درهمًا واحدًا ، ويتصدق به على الفقراء والمحتاجين ، ويقول: (أشتري خوصًا بدرهم فأعمله، ثم أبيعه بثلاثة دراهم ،
فأعيد درهمًا فيه ، وأنفق درهمًا على عيالي ، وأتصدق بالثالث ، ولو أن عمر بن الخطاب نهاني عن ذلك ما انتهيتُ) [أبو
نعيم].
ويروى أنه كان أميرًا على سرية ، فمرَّ عليه فتية من الأعداء وهو يركب حمارًا ، ورجلاه تتدليان من عليه ، وعليه ثياب
بسيطة مهلهلة ، فسخروا منه ، وقالوا للمسلمين في سخرية وازدراء: هذا أميركم ؟ فقيل لسلمان: يا أبا عبد الله ألا ترى هؤلاء
وما يقولون ؟ فقال سلمان: دعهم فإن الخير والشر فيما بعد اليوم.[ابن سعد].
ومما رُوي في تواضعه أنه كان سائرًا في طريق ، فناداه رجل قادم من الشام ليحمل عن متاعه ، فحمل سلمان متاع الرجل ،
وفي الطريق قابل جماعة من الناس فسلم عليهم ، فأجابوا واقفين: وعلى الأمير السلام ، وأسرع أحدهم نحوه ليحمل عنه
قائلا: عنك أيها الأمير ، فعلم الشامي أنه سلمان الفارسي أمير المدائن ، فأَسْقَطَ ما كان في يديه ، واقترب ينتزع الحمل ، ولكن
سلمان هزَّ رأسه رافضًا وهو يقول: لا، حتى أبلغك منزلك. [ابن سعد].
ودخل صاحب له بيته، فإذا هو يعجن فسأله: أين الخادم ؟ فقال سلمان: لقد بعثناها في حاجة ، فكرهنا أن نجمع عليها عملين.
وحين أراد سلمان بناء بيت له سأل البنَّاء: كيف ستبنيه ؟ وكان البنَّاء ذكيًّا يعرف زهد سلمان وورعه، فأجابه قائلاً: لا تخف،
إنها بناية تستظل بها من الحر ، وتسكن فيها من البرد ، إذا وقفت فيها أصابت رأسك ، وإذا اضطجعت (نمت) فيها أصابت
رجلك. فقال له سلمان: نعم، هكذا فاصنع. وتوفي - رضي الله عنه - في خلافة عثمان بن عفان سنة (35هـ)
رد: صحابه الرسول
عبد الله بن رواحة
النبي صلى الله عليه وسلم نعى زيدا وجعفرا وابن رواحة للناس قبل أن يأتيهم خبرهم ، فقال : ( أخذ الراية زيد فأصيب ، ثم أخذها جعفر فأصيب ، ثم أخذ بن رواحة فأصيب ) . وعيناه تذرفان : ( حتى أخذها سيف من سيوف الله ، حتى فتح الله عليهم ) .
الراوي: أنس بن مالك - خلاصة الدرجة: صحيح - المحدث: البخاري - المصدر: الجامع الصحيح - الصفحة أو الرقم: 3757
خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ( أخذ الراية زيد فأصيب ، ثم أخذها جعفر فأصيب ، ثم أخذها عبد الله بن رواحة فأصيب ، ثم أخذها خالد بن الوليد عن غير إمرة ففتح عليه ، وما يسرني ، أو قال : ما يسرهم ، أنهم عندنا ) . وقال : وإن عينيه لتذرفان .
الراوي: أنس بن مالك - خلاصة الدرجة: صحيح - المحدث: البخاري - المصدر: الجامع الصحيح - الصفحة أو الرقم: 3063
بعث رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – جيش الأمراء وقال : عليكم زيد بن حارثة ، فإن أصيب زيد فجعفر فإن أصيب جعفر فعبد الله بن رواحة الأنصاري . فوثب جعفر فقال : بأبي أنت يا رسول الله وأمي ، ما كنت أرهب أن تستعمل علي زيدا قال : امضوا فإنك لا تدري أي ذلك خير قال : فانطلق الجيش فلبثوا ما شاء الله . ثم إن رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – صعد المنبر وأمر أن ينادي جامعة ، فقال رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – : ناب خبر أو ثاب خبر ، شك عبد الرحمن ألا أخبركم عن جيشكم هذا الغازي أنهم انطلقوا حتى لقوا العدو ، فأصيب زيد شهيدا فاستغفروا له . فاستغفر له الناس . ثم أخذ اللواء جعفر بن أبي طالب ، فشد على القوم حتى قتل شهيدا أشهد له بالشهادة . فاستغفروا ، ثم أخذ اللواء عبد الله بن رواحة ، فأثبت قدميه حتى أصيب شهيدا فاستغفروا له . ثم أخذ اللواء خالد بن الوليد ، ولم يكن من الأمراء . هو أمر نفسه فرفع رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – أصبعيه وقال : اللهم هو سيف من سيوفك فانصره وقال عبد الرحمن : مرة فانتصر به فيومئذ سمي خالد سيف الله المسلول, ثم قال النبي – صلى الله عليه وعلى آله وسلم - : انفروا فأمدوا إخوانكم, ولا يتخلفن أحد فنفر الناس في حر شديد مشاة وركبانا .
الراوي: أبو قتادة الأنصاري الحارث بن ربعي - خلاصة الدرجة: صحيح - المحدث: الوادعي - المصدر: الصحيح المسند - الصفحة أو الرقم: 289
لقد رأيتنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره في يوم شديد الحر . حتى إن الرجل ليضع يده على رأسه من شدة الحر وما منا أحدا صائم ، إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعبدالله بن رواحة .
الراوي: أبو الدرداء - خلاصة الدرجة: صحيح - المحدث: مسلم - المصدر: المسند الصحيح - الصفحة أو الرقم: 1122
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن رواحة لو حركت بنا الركاب فقال : لو نزلت تولى, فقال له عمر : اسمع و أطع ,فقال عبد الله بن رواحة : اللهم لولا أنت ما اهتدينا*ولا تصدقنا ولا صلينا* فأنزل سكينة علينا*وثبت الأقدام إن لاقينا, فقال صلى الله عليه وسلم : اللهم ارحمه فقال عمر : وجبت
الراوي: عمر - خلاصة الدرجة: صحيح - المحدث: ابن حجر العسقلاني - المصدر: الفتوحات الربانية - الصفحة أو الرقم: 5/148
النبي صلى الله عليه وسلم نعى زيدا وجعفرا وابن رواحة للناس قبل أن يأتيهم خبرهم ، فقال : ( أخذ الراية زيد فأصيب ، ثم أخذها جعفر فأصيب ، ثم أخذ بن رواحة فأصيب ) . وعيناه تذرفان : ( حتى أخذها سيف من سيوف الله ، حتى فتح الله عليهم ) .
الراوي: أنس بن مالك - خلاصة الدرجة: صحيح - المحدث: البخاري - المصدر: الجامع الصحيح - الصفحة أو الرقم: 3757
خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ( أخذ الراية زيد فأصيب ، ثم أخذها جعفر فأصيب ، ثم أخذها عبد الله بن رواحة فأصيب ، ثم أخذها خالد بن الوليد عن غير إمرة ففتح عليه ، وما يسرني ، أو قال : ما يسرهم ، أنهم عندنا ) . وقال : وإن عينيه لتذرفان .
الراوي: أنس بن مالك - خلاصة الدرجة: صحيح - المحدث: البخاري - المصدر: الجامع الصحيح - الصفحة أو الرقم: 3063
بعث رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – جيش الأمراء وقال : عليكم زيد بن حارثة ، فإن أصيب زيد فجعفر فإن أصيب جعفر فعبد الله بن رواحة الأنصاري . فوثب جعفر فقال : بأبي أنت يا رسول الله وأمي ، ما كنت أرهب أن تستعمل علي زيدا قال : امضوا فإنك لا تدري أي ذلك خير قال : فانطلق الجيش فلبثوا ما شاء الله . ثم إن رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – صعد المنبر وأمر أن ينادي جامعة ، فقال رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – : ناب خبر أو ثاب خبر ، شك عبد الرحمن ألا أخبركم عن جيشكم هذا الغازي أنهم انطلقوا حتى لقوا العدو ، فأصيب زيد شهيدا فاستغفروا له . فاستغفر له الناس . ثم أخذ اللواء جعفر بن أبي طالب ، فشد على القوم حتى قتل شهيدا أشهد له بالشهادة . فاستغفروا ، ثم أخذ اللواء عبد الله بن رواحة ، فأثبت قدميه حتى أصيب شهيدا فاستغفروا له . ثم أخذ اللواء خالد بن الوليد ، ولم يكن من الأمراء . هو أمر نفسه فرفع رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – أصبعيه وقال : اللهم هو سيف من سيوفك فانصره وقال عبد الرحمن : مرة فانتصر به فيومئذ سمي خالد سيف الله المسلول, ثم قال النبي – صلى الله عليه وعلى آله وسلم - : انفروا فأمدوا إخوانكم, ولا يتخلفن أحد فنفر الناس في حر شديد مشاة وركبانا .
الراوي: أبو قتادة الأنصاري الحارث بن ربعي - خلاصة الدرجة: صحيح - المحدث: الوادعي - المصدر: الصحيح المسند - الصفحة أو الرقم: 289
لقد رأيتنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره في يوم شديد الحر . حتى إن الرجل ليضع يده على رأسه من شدة الحر وما منا أحدا صائم ، إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعبدالله بن رواحة .
الراوي: أبو الدرداء - خلاصة الدرجة: صحيح - المحدث: مسلم - المصدر: المسند الصحيح - الصفحة أو الرقم: 1122
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن رواحة لو حركت بنا الركاب فقال : لو نزلت تولى, فقال له عمر : اسمع و أطع ,فقال عبد الله بن رواحة : اللهم لولا أنت ما اهتدينا*ولا تصدقنا ولا صلينا* فأنزل سكينة علينا*وثبت الأقدام إن لاقينا, فقال صلى الله عليه وسلم : اللهم ارحمه فقال عمر : وجبت
الراوي: عمر - خلاصة الدرجة: صحيح - المحدث: ابن حجر العسقلاني - المصدر: الفتوحات الربانية - الصفحة أو الرقم: 5/148
asad- فنان الى الأبد
- عدد الرسائل : 958
اللقب : أسد المنتدى
تاريخ التسجيل : 09/08/2007
رد: صحابه الرسول
الشاعر الشهيد - عبد الله بن رواحة
المصدر:
http://islam.aljayyash.net/encyclopedia/book-9-31
إنه الصحابي الجليل عبد الله بن رواحة الخزرجي الأنصاري -رضي الله عنه- وكان يكنى أبا محمد. وقد حضر بيعتي العقبة الأولى والثانية، وشهد بدرًا وأحدًا والخندق، وكان أحد شعراء النبي الثلاثة،
وكان عبد الله عابدًا محبًا لمجالس العلم والذِّكر، فيروى أنه كان إذا لقى رجلا من أصحابه قال له: تعال نؤمن بربنا ساعة. وذات مرة سمعه أحد الصحابة يقول ذلك، فذهب إلى النبي (، وقال: يا رسول الله، ألا ترى ابن رواحة، يرغب عن إيمانك إلى إيمان ساعة؟! فقال له النبي (: (رحم الله ابن رواحة إنه يحب المجالس التي تتباهى بها الملائكة) [أحمد].
وكان كثير الخوف والخشية من الله، وكان يبكي كثيرًا، ويقول: إن الله تعالى قال: {وإن منكم إلا واردها} [مريم: 17]، فلا أدري أأنجو منها أم لا؟
وعُرفَ عبد الله بن رواحة بكثرة الصيام حتى في الأيام الشديدة الحر، يقول أبو الدرداء -رضي الله عنه- خرجنا مع النبي ( في بعض أسفاره في يوم حار حتى وضع الرجل يده على رأسه من شدة الحر، وما فينا صائم إلا النبي ( وابن رواحة.
ولما نزل قول الله تعالى: {والشعراء يتبعهم الغاوون. ألم تر أنهم في كل واد يهيمون. وأنهم يقولون ما لا يفعلون} [224-226] أخذ عبد الله في البكاء لأنه كان شاعرًا يقول الشعر، ويدافع به عن الإسلام والمسلمين، وقال لنفسه: قد علم الله أني منهم، وكان معه كعب بن مالك، وحسان بن ثابت، وهم شعراء الرسول ( الثلاثة، فنزل قول الله تعالى: {إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيرًا وانتصروا من بعد ما ظلموا} [_الشعراء: 227]. ففرح عبد الله بذلك، واستمر في نصرة المسلمين بشعره.
وكما نصر عبد الله الإسلام في ميدان الكلمة، فقد نصره باقتدار في ميدان الحرب والجهاد بشجاعته وفروسيته.
وكان ابن رواحة أمينًا عادلاً، وقد أرسله النبي ( إلى يهود خيبر؛ ليأخذ الخراج والجزية مما في أراضيهم، فحاولوا إعطاءه رشوة؛ ليخفف عنهم الخراج، فقال لهم: يا أعداء الله، تطعموني السحت؟ والله لقد جئتكم من عند أحب الناس إليَّ، ولأنتم أبغض إليَّ من القردة والخنازير، ولا يحملني بغضي إياكم وحبي إياه على أن لا أعدل عليكم (أي أتعامل معكم بالعدل).
وفي شهر جمادى الأولى من السنة الثامنة للهجرة، علم الرسول ( أن الروم قد حشدوا جيوشهم استعدادًا للهجوم على المسلمين، فأرسل النبي ( جيشًا إلى حدود الشام عدده ثلاثة آلاف مقاتل؛ ليؤمِّن الحدود الإسلامية من أطماع الروم، وجعل زيد بن حارثة أميرًا على الجيش، وقال لهم: (إن قتل زيد فجعفر، وإن قتل جعفر فعبد الله بن رَواحة) [البخاري].
فلما وصل جيش المسلمين إلي حدود الشام، علموا أن عدد جيش الروم مائتا ألف فارس، فقالوا: نكتب إلى النبي ( ليرسل إلينا مددًا من الرجال، أو يأمرنا أن نرجع أو أي أمر آخر، فقال لهم ابن رواحة: يا قوم، والله إن التي تكرهون هي التي خرجتم تطلبون، إنها الشهادة، وما نقاتل الناس بعدد ولا قوة ولا كثرة، إنما نقاتلهم بهذا الدين الذي أكرمنا الله به. فانطلقوا فإنما هي إحدى الحسنيين، إما ظهور (نصر) وإما شهادة.
فكبر المسلمون وواصلوا مسيرتهم حتى نزلوا قرية بالشام تسمى مؤتة، وفيها دارت الحرب، وقاتل المسلمون أعداءهم قتالاً شديدًا، وأخذ زيد بن حارثة يقاتل ومعه راية المسلمين، فاستشهد زيد، فأخذ الراية جعفر بن أبي طالب، وراح يقاتل في شجاعة حتى استشهد، فأخذ عبد الله الراية، فأحس في نفسه بعض التردد، ولكنه سرعان ما تشجع، وراح يقاتل في شجاعة ويقول:
أَقْسَمْتُ يَا نَفْسُ لَتَنْزِلِنَّـه طَائِعَةً أَوْ لَتُكْرهِنَّـــــــه
فَطَالَمَا قَدْ كُنْتِ مُطْمَئِنَّـة مَالِي أَرَاكِ تَكْرَهِينَ الجَنَّــــةْ
يَا نَفْسُ إلا تُقْتَلِى تَمُوتـي وَمَا تَمَنَّيْتِ فَقَدْ أُعْطِيـــــت
إِنْ تَفْعَلِى فَعْلَهُمَا هُدِيـتِ وَإِنْ تَأَخَّرْتِ فَقَد شُقِيــــتِ
ونال عبد الله الشهادة، ولحق بصاحبيه زيد وجعفر
asad- فنان الى الأبد
- عدد الرسائل : 958
اللقب : أسد المنتدى
تاريخ التسجيل : 09/08/2007
رد: صحابه الرسول
عبدالله بن رواحة - يا نفس، الا تقتلي تموتي
مقتبس بتصرف من:
http://www.algohrh.com/islam/man47.htm
عندما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجلس مستخفيا من كفار قريش مع الوفد القادم من المدينة هناك عند مشترف مكة، يبايع اثني عشر نقيبا من الأنصار بيعة العقبة الأولى، كان هناك عبدالله بن رواحة واحدا من هؤلاء النقباء، حملة الاسلام الى المدينة، والذين مهدّت بيعتهم هذه للهجرة التي كانت بدورها منطلقا رائعا لدين الله، والاسلام..
وعندما كان الرسول عليه الصلاة والسلام يبايع في العام التالي ثلاثة وسبعين من الأنصار أهل المدينة بيعة العقبة الثانية، كان ابن رواحة العظيم واحدا من النقباء المبايعين...
وبعد هجرة الرسول وأصحابه الى المدينة واستقرارهم بها، كان عبدالله بن رواحة من أكثر الأنصار عملا لنصرة الدين ودعم بنائه، وكان من أكثرهم يقظة لمكايد عبد الله بن أبيّ الذي كان أهل المدينة يتهيئون لتتويجه ملكا عليها قبل أن يهاجر الاسلام اليها، والذي لم تبارح حلقومه مرارة الفرصة الضائعة، فمضى يستعمل دهاءه في الكيد للاسلام. في حين مضى عبدالله بن رواحة يتعقب هذا الدهاء ببصيرةمنيرة، أفسدت على ابن أبيّ أكثر مناوراته، وشلّت حركة دهائه..!!
وكان ابن رواحة رضي الله عنه، كاتبا في بيئة لا عهد لها بالكتابة الا يسيرا..
وكان شاعرا، ينطلق الشعر من بين ثناياه عذبا قويا..
ومنذ أسلم، وضع مقدرته الشعرية في خدمة الاسلام..
وكان الرسول يحب شعره ويستزيده منه..
**
وحين يضطر الاسلام لخوض القتال دفاعا عن نفسه، يحمل ابن رواحة سيفه في مشاهد بدر وأحد والخندق والحديبية وخيبر جاعلا شعاره دوما هذه الكلمات من شعره وقصيده:
" يا نفس الا تقتلي تموتي"..
وصائحا في المشركين في كل معركة وغزاة:
خلوا بني الكفار عن سبيله
خلوا، فكل الخير في رسوله
**
وجاءت غزوة مؤتة..
وكان عبدالله بن رواحة ثالث الأمراء، كما أسلفنا في الحديث عن زيد وجفعر..
ووقف ابن رواحة رضي الله عنه والجيش يتأهب لمغادرة المدينة..
وقف ينشد ويقول:
لكنني أسأل الرحمن مغفرة وضربة ذات فرع وتقذف الزبدا
أو طعنة بيدي حرّان مجهرة بحربة تنفد الأحشاء والكبدا
حتى يقال اذا مرّوا على جدثي يا أرشد الله من غاز، وقد رشدا
أجل تلك كانت أمنيته ولا شيء سواها.. ضربة سيف أ، طعنة رمح، تنقله الى عالم الشهداء والظافرين..!!
**
وتحرّك الجيش الى مؤتة، وحين استشرف المسلمون عدوّهم حزروا جيش الروم بمائتي ألف مقاتل، اذ رأوا صفوفا لا آخر لها، وأعداد نفوق الحصر والحساب..!!
ونظر المسلمون الى عددهم القليل، فوجموا.. وقال بعضهم:
" فلنبعث الى رسول الله، نخبره بعدد عدوّنا، فامّا أن يمدّنا بالرجال، وأمّا أن يأمرنا بالزحف فنطيع"..
بيد أن ابن رواحة نهض وسط صفوفهم كالنهار، وقال لهم:
" يا قوم..
انّا والله، ما نقاتل الا بهذا الدين الذي أكرمنا الله به..
فانطلقوا.. فانما هي احدى الحسنيين، النصر أو الشهادة"...
وهتف المسلمون الأقلون عددا، الأكثرون ايمانا،..
هتفوا قائلين:
"قد والله صدق ابن رواحة"..
ومضى الجيش الى غايته، يلاقي بعدده القليل مائتي ألف، حشدهم الروم للقال الضاري الرهيب...
**
والتقى الجيشان كما ذكرنا من قبل..
وسقط الأمير الأول زيد بن حارثة شهيدا مجيدا..
وتلاه الأمير الثاني جعفر بن عبد المطلب حتى أدرك الشهادة في غبطة وعظمة..
وتلاه ثالث الأمراء عبداله بن رواحة فحمل الراية من يمين جعفر.. وكان القتال قد بلغ ضراوته، وكادت القلة المسلمة تتوه في زحام العرمرم اللجب، الذي حشده هرقل..
وحين كان ابن رواحة يقاتل كجندي، كان يصول ويجول في غير تردد ولا مبالاة..
أما الآن، وقد صار أميرا للجيش ومسؤولا عن حياته، فقد بدا أمام ضراوة الروم، وكأنما مرّت به لمسة تردد وتهيّب، لكنه ما لبث أن استجاش كل قوى المخاطرة في نفسه وصاح..
أقسمت يا نفس لتنزلنّه مالي أراك تكرهين الجنّة؟؟
يا نفس الا تقتلي تموتي هذا حمام الموت قد صليت
وما تمنّت فقد أعطيت ان تفعلي فعلهما هديت
يعني بهذا صاحبيه الذين سبقاه الى الشهادة: زيدا وجعفر..
"ان تفعلي فعلهما هديت.
انطلق يعصف بالروم عصفا..
ولا كتاب سبق بأن يكون موعده مع الجنة، لظلّ يضرب بسيفه حتى يفني الجموع المقاتلة.. لكن ساعة الرحيل قد دقّت معلنة بدء المسيرة الى الله، فصعد شهيدا..
هوى جسده، فصعدت الى الرفيق الأعلى روحه المستبسلة الطاهرة..
وتحققت أغلى أمانيه:
حتى يقال اذا مرّوا على جدثي
يا أرشد الله من غار، وقد رشدا
نعم يا ابن رواحة..
يا أرشد الله من غاز وقد رشدا..!!
_______________________________________
خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ( أخذ الراية زيد فأصيب ، ثم أخذها جعفر فأصيب ، ثم أخذها عبد الله بن رواحة فأصيب ، ثم أخذها خالد بن الوليد عن غير إمرة ففتح عليه ، وما يسرني ، أو قال : ما يسرهم ، أنهم عندنا ) : وإن عينيه لتذرفان
asad- فنان الى الأبد
- عدد الرسائل : 958
اللقب : أسد المنتدى
تاريخ التسجيل : 09/08/2007
رد: صحابه الرسول
رضى الله عنهم وارضاهم
جزاكى الله خيرا
جزاكى الله خيرا
كهرمان- فنان نشيط
- عدد الرسائل : 264
البلد : عروس البحر
تاريخ التسجيل : 08/12/2007
رد: صحابه الرسول
جزاكم الله خيرا
وجعله فى ميزان الحسنات ان شاء الله
ورضى الله عنهم
وجعله فى ميزان الحسنات ان شاء الله
ورضى الله عنهم
احمد البورسعيدى- فنان رفيع المستوى
- عدد الرسائل : 436
البلد : الحرة دائما
اللقب : ابو احمد
تاريخ التسجيل : 17/11/2007
رد: صحابه الرسول
بورك فيكاهم معك في هذا التوبيك الرائع
أبو محمود- مؤسس عالم الفن
- عدد الرسائل : 1149
العمر : 56
البلد : المنيا
رقم العضوية : 5
اللقب : محمد الاهلاوى
تاريخ التسجيل : 17/04/2007
صفحة 2 من اصل 2 • 1, 2
مواضيع مماثلة
» حكم سب الرسول
» نشيد عن الرسول
» المنزل الذى عاش فيه الرسول
» الرسول والتمر ورمضان
» اخر ما قاله الرسول قبل الموت
» نشيد عن الرسول
» المنزل الذى عاش فيه الرسول
» الرسول والتمر ورمضان
» اخر ما قاله الرسول قبل الموت
صفحة 2 من اصل 2
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى