دولة الخلافة الفاطمية 259 ـ 524 هـ
صفحة 1 من اصل 1
دولة الخلافة الفاطمية 259 ـ 524 هـ
الدولة الفاطمية
(358-567هـ/ 969-1172م)
مَنْ الفاطميون؟ وإلى مَنْ ينتسبون؟ وكيف نشأت دولتهم؟ ومتي كان ذلك؟ وهل تنتسب هذه الدولة إلى دول الإسلام؟
حب آل البيت:
لقد ملك حب آل البيت النبوي قلوب المسلمين جميعًا، أما هؤلاء المعروفون بالشيعة والذين خرجوا علينا في التاريخ الإسلامي يغيرون في المفاهيم الواضحة لديننا الحنيف، ويسبون أئمة الهدي من الخلفاء الراشدين بدعوي أنهم سلبوا الخلافة من علي كرم الله وجهه، هؤلاء هم المتشيعون الذين يزعمون حب علي وهو منهم براء.
لقد كان علي -رضي الله عنه- على العكس مما زعموا، فقد كان مستشارًا أمينًا، ووزير صدق للخلفاء جميعًا، ولما قامت الدولة الأموية لم يتقبلها بعض المسلمين والهاشميين؛ رفضًا لمبدأ توريث الخلافة.
ولما قامت دولة بني العباس لم تُمَكِّن لأبناء علي بن أبي طالب أن يكون لهم شيء في الحكم والخلافة، ونشط المتشيعون يشعلون الثورات في كل مكان، لكن الدولة العباسية كانت في بدايتها قوية، فتمكنت من القضاء عليها جميعًا، وسحقتها في عنف وشدة.
دعاة الشيعة:
فهل انقطعت حركة الشيعة أو توقفت أمام تلك المطاردة؟!
لا.. لم تنقطع حركات المتشيعين ولم تتوقف، فقد كانوا متعصبين لآرائهم، مؤمنين بفكرتهم، يزعمون أن أحق الناس بالخلافة أبناء علي من نسل السيدة فاطمة الزهراء، فإن نالها غيرهم فما ذاك إلا أمر باطل يجب أن يمحي، وما هو إلا شرّحَلَّ بالمسلمين يجب أن يزال. ونشط دعاة الشيعة في الدعوة إلى مذهبهم، وبخاصة في الجهات البعيدة عن مركز الخلافة، مثل أطراف فارس واليمن وبلاد المغرب.
(358-567هـ/ 969-1172م)
مَنْ الفاطميون؟ وإلى مَنْ ينتسبون؟ وكيف نشأت دولتهم؟ ومتي كان ذلك؟ وهل تنتسب هذه الدولة إلى دول الإسلام؟
حب آل البيت:
لقد ملك حب آل البيت النبوي قلوب المسلمين جميعًا، أما هؤلاء المعروفون بالشيعة والذين خرجوا علينا في التاريخ الإسلامي يغيرون في المفاهيم الواضحة لديننا الحنيف، ويسبون أئمة الهدي من الخلفاء الراشدين بدعوي أنهم سلبوا الخلافة من علي كرم الله وجهه، هؤلاء هم المتشيعون الذين يزعمون حب علي وهو منهم براء.
لقد كان علي -رضي الله عنه- على العكس مما زعموا، فقد كان مستشارًا أمينًا، ووزير صدق للخلفاء جميعًا، ولما قامت الدولة الأموية لم يتقبلها بعض المسلمين والهاشميين؛ رفضًا لمبدأ توريث الخلافة.
ولما قامت دولة بني العباس لم تُمَكِّن لأبناء علي بن أبي طالب أن يكون لهم شيء في الحكم والخلافة، ونشط المتشيعون يشعلون الثورات في كل مكان، لكن الدولة العباسية كانت في بدايتها قوية، فتمكنت من القضاء عليها جميعًا، وسحقتها في عنف وشدة.
دعاة الشيعة:
فهل انقطعت حركة الشيعة أو توقفت أمام تلك المطاردة؟!
لا.. لم تنقطع حركات المتشيعين ولم تتوقف، فقد كانوا متعصبين لآرائهم، مؤمنين بفكرتهم، يزعمون أن أحق الناس بالخلافة أبناء علي من نسل السيدة فاطمة الزهراء، فإن نالها غيرهم فما ذاك إلا أمر باطل يجب أن يمحي، وما هو إلا شرّحَلَّ بالمسلمين يجب أن يزال. ونشط دعاة الشيعة في الدعوة إلى مذهبهم، وبخاصة في الجهات البعيدة عن مركز الخلافة، مثل أطراف فارس واليمن وبلاد المغرب.
رد: دولة الخلافة الفاطمية 259 ـ 524 هـ
أبو عبدالله الشيعي:
وكان من هؤلاء الدعاة "أبو عبدالله الشيعي" وهو رجل من صنعاء اتجه إلى المغرب بعد أن رأى دويلات "الأغالبة" و"الأدارسة" وغيرهما تنشأ وتقام بعيدًا عن يد الدولة العباسية وسلطانها، وركز "أبو عبد الله" دعايته بين البربر، وسرعان ما انضموا إليه في آلاف عديدة، فأرسل إلى زعيمه الفاطمي الكبير "عبيد الله بن محمد".
عبيد الله:
وقال "عبيد" هذا بأنه شريف علوي فاطمي، ولكن الخليفة العباسي علم بالأمر فطارد "عبيد الله" هذا، وأمر بالقبض عليه، فاضطر حين وصل مصر إلى أن يتنكر في زي التجار، ثم حاول أن يفلت من دويلات شمال إفريقيا، ولكنه سقط أخيرًا في يد أمير "سجلماسة".
الاستيلاء على القيروان:
كان "أبو عبد الله" الراعية الشيعي في هذا الوقت قد جمع قواته من البحر، وهاجم بها "دولة الأغالبة" التي ما لبثت أن سقطت في يده سنة 297هـ/ 909م، ودخل عاصمتها، وأخذ من الناس البيعة لعبيد الله الأمير الأسير.
وما لبث "أبو عبد الله الشيعي" أن سار على رأس جيوش ضخمة نحو "سجلماسة" لينقذ عبيد الله، ولما أدرك صاحب "سجلماسة" أن لا قِبلَ له بمواجهة الجيش المغير هرب من عاصمته بعد أن أطلق أسيره "عبيد الله الفاطمي".
دخل عبيد الله القيروان التي اتخذها عاصمة للدولة الفاطمية، وهناك بايعه الناس ولقب "المهدي أمير المؤمنين"، وصار خليفة للمسلمين تأكيدًا لفكرة الشيعة عن أحقية أبناء علي -رضي الله عنه- بالخلافة، ولقد اعتبر نفسه المهدي المنتظر الذي سيملأ الأرض عدلا بعد أن مُلئت جورًا وظلمًا.
الاستيلاء على دولة الأدراسة:
وتوالى الخلفاء من نسل المهدي عبيد الله، وكان منهم "المعز لدين الله الفاطمي" الذي أرسل قائده الشهير "جوهر الصقلي" ففتح "دولة الأدارسة"، ووصل إلى المحيط الأطلسي، ثم مد حدوده إلى مصر وفتحها عام 359هـ/ 969م.
فكيف استولى عليها الفاطميون؟ وماذا كان موقف الخلافة العباسية منهم؟
رد: دولة الخلافة الفاطمية 259 ـ 524 هـ
الاستيلاء على مصر:
لقد أرسل "المعز لدين الله الفاطمي" قائده الكبير "جوهر الصقلي" ليفتح مصر، فسار في جيش ضخم بعد أن مهد الطرق لمسير الجيش، وحفر الآبار على طول الطريق، وأقام "استراحات" على مسافات معقولة في الطريق، وأحسن تدريب الجيش وتنظيمه وتموينه بعد أن جمع الأموال اللازمة لهذا كله.
وسار الجيش إلى الإسكندرية، وما لبث أن دخلها دون قتال، وأحسن معاملة المصريين، وكَفَّ جنوده عنهم، ثم سار إلى "الفسطاط" فسلَّم له أهلها على أن يكفل لهم حرية العقيدة، وينشر الأمن والعدل والمساواة.
وطار الخبر بالاستيلاء على مصر إلى "المعز" فسر سرورًا عظيمًا، وأقام الاحتفالات والولائم، وحوله الشعراء ينشدون.
لقد ساعد علي نجاح هذا الغزو ضعف واضطراب الأحوال في مصر، وكثرة الشيعة الذين عاونوا الغزاة كل المعاونة آنذاك.
وهكذا سُلخت مصر عن الخلافة العباسية، وأصبحت ولاية فاطمية عام 359/ 969م.
بناء القاهرة:
وهنا بدأ "جوهر" يعد العدة لنقل مركز الدولة الفاطمية إلى مصر ؛ فبنى للخليفة قصرًا فخمًا شمال الفسطاط، وبنى معه منازل الوزراء والجند، وكانت هذه بداية مدينة القاهرة.
لقد كانت "الفسطاط" هي العاصمة بعد دخول عمرو بن العاص وبعدها "العسكر" في عهد العباسيين، ثم "القطائع" في عهد الطولونيين، ثم أصبحت "قاهرة المعز" هي العاصمة حتى الآن.
وبعد أن تم إنشاؤها دعا "جوهر" "المعز" أن ينتقل إليها، وأصبحت القاهرة عاصمة الخلافة الفاطمية (362هـ/ 973م)، أي بعد أربع سنوات من فتحها، وأمر المعز بمنع صلاة التراويح في رمضان، وأمر بصيام يومين مثله، وقنت في صلاة الجمعة قبل الركوع، وأسقط من أذان صلاة الصبح "الصلاة خير من النوم" وزاد "حي على خير العمل.. محمد وعلي خير البشر".
الاستيلاء على الحجاز:
وما لبثت جيوش المعز أن سارت نحو الحجاز ففتحته، وأصبحت المدينتان: مكة والمدينة تحت سلطان الفاطميين لاالعباسيين، كما فتحت جيوشهم بلاد الشام، وفلسطين، وجزيرة صقلية. وهكذا أصبحت دولة الفاطميين تضم الحجاز، والشام، وفلسطين، ومصر، وشمال إفريقية حتى المحيط الأطلسي.
بناء الجامع الأزهر:
ومن أعمال الدولة الفاطمية: إنشاؤها "الجامع الأزهر" الذي كان أول أمره مسجدًا عاديا، ثم أقيمت فيه حلقات الدراسة، وقد اهتم بهذه الدراسات خلفاء الفاطميين لأنها كانت مقتصرة على الفقه الشيعي، ثم تطورت بعد الفاطميين لما تولى صلاح الدين حكم مصر، فأصبحت تدرس الفقه على كل المذاهب والعلوم الدينية دون تمييز، وعلى غير ما أراد الفاطميون، فقد صار الأزهر أول جامعة في العالم لنشر الثقافة العربية الإسلامية، وما زال منارة يهتدي بها أبناء العروبة والإسلام، وحصنًا يحمي البلاد من المذاهب الهدامة والعقائد الفاسدة.
لقد أرسل "المعز لدين الله الفاطمي" قائده الكبير "جوهر الصقلي" ليفتح مصر، فسار في جيش ضخم بعد أن مهد الطرق لمسير الجيش، وحفر الآبار على طول الطريق، وأقام "استراحات" على مسافات معقولة في الطريق، وأحسن تدريب الجيش وتنظيمه وتموينه بعد أن جمع الأموال اللازمة لهذا كله.
وسار الجيش إلى الإسكندرية، وما لبث أن دخلها دون قتال، وأحسن معاملة المصريين، وكَفَّ جنوده عنهم، ثم سار إلى "الفسطاط" فسلَّم له أهلها على أن يكفل لهم حرية العقيدة، وينشر الأمن والعدل والمساواة.
وطار الخبر بالاستيلاء على مصر إلى "المعز" فسر سرورًا عظيمًا، وأقام الاحتفالات والولائم، وحوله الشعراء ينشدون.
لقد ساعد علي نجاح هذا الغزو ضعف واضطراب الأحوال في مصر، وكثرة الشيعة الذين عاونوا الغزاة كل المعاونة آنذاك.
وهكذا سُلخت مصر عن الخلافة العباسية، وأصبحت ولاية فاطمية عام 359/ 969م.
بناء القاهرة:
وهنا بدأ "جوهر" يعد العدة لنقل مركز الدولة الفاطمية إلى مصر ؛ فبنى للخليفة قصرًا فخمًا شمال الفسطاط، وبنى معه منازل الوزراء والجند، وكانت هذه بداية مدينة القاهرة.
لقد كانت "الفسطاط" هي العاصمة بعد دخول عمرو بن العاص وبعدها "العسكر" في عهد العباسيين، ثم "القطائع" في عهد الطولونيين، ثم أصبحت "قاهرة المعز" هي العاصمة حتى الآن.
وبعد أن تم إنشاؤها دعا "جوهر" "المعز" أن ينتقل إليها، وأصبحت القاهرة عاصمة الخلافة الفاطمية (362هـ/ 973م)، أي بعد أربع سنوات من فتحها، وأمر المعز بمنع صلاة التراويح في رمضان، وأمر بصيام يومين مثله، وقنت في صلاة الجمعة قبل الركوع، وأسقط من أذان صلاة الصبح "الصلاة خير من النوم" وزاد "حي على خير العمل.. محمد وعلي خير البشر".
الاستيلاء على الحجاز:
وما لبثت جيوش المعز أن سارت نحو الحجاز ففتحته، وأصبحت المدينتان: مكة والمدينة تحت سلطان الفاطميين لاالعباسيين، كما فتحت جيوشهم بلاد الشام، وفلسطين، وجزيرة صقلية. وهكذا أصبحت دولة الفاطميين تضم الحجاز، والشام، وفلسطين، ومصر، وشمال إفريقية حتى المحيط الأطلسي.
بناء الجامع الأزهر:
ومن أعمال الدولة الفاطمية: إنشاؤها "الجامع الأزهر" الذي كان أول أمره مسجدًا عاديا، ثم أقيمت فيه حلقات الدراسة، وقد اهتم بهذه الدراسات خلفاء الفاطميين لأنها كانت مقتصرة على الفقه الشيعي، ثم تطورت بعد الفاطميين لما تولى صلاح الدين حكم مصر، فأصبحت تدرس الفقه على كل المذاهب والعلوم الدينية دون تمييز، وعلى غير ما أراد الفاطميون، فقد صار الأزهر أول جامعة في العالم لنشر الثقافة العربية الإسلامية، وما زال منارة يهتدي بها أبناء العروبة والإسلام، وحصنًا يحمي البلاد من المذاهب الهدامة والعقائد الفاسدة.
رد: دولة الخلافة الفاطمية 259 ـ 524 هـ
نهاية:
لكل شيء نهاية، ففي آخر عهد الدولة الفاطمية حكمها عدد من الخلفاء الذين كانوا ضعاف الشخصية وصغار السن، فكان من نتيجة ذلك أن سيطر الوزراء على الدولة وأداروها لمكاسبهم الخاصة مهملين شئون الدولة إهمالا تامّا.
لقد كانت ظاهرة الاعتماد على أعداء الإسلام من اليهود والنصارى واضحة في هذه الدولة، فمن هؤلاء كان كثير من الوزراء وجباة الضرائب والزكاة والمستشارين في شئون السياسة والاقتصاد والعلم والطب، ولقد ترك الخليفة العزيز الفاطمي لوزيره اليهودي "يعقوب بن كلس" أمر تعليم الناس "فقه الطائفة الإسماعيلية" التي ينتمي إليها الفاطميون وهي من أشد فرق الشيعة تطرفًا وبعدًا عن حقيقة الإسلام.
وقد ألَّف يعقوب نفسه كتابًا في فقه هذه الطائفة.
فلا عجب إذن أن شهدت الدولة كثيرًا من المؤامرات والفتن والدسائس والقلاقل، فقامت ثورات داخلية، وانتفاضات، وراح الناس يستجيرون من تسلط اليهود والنصارى فلا يجارون، وزادت الحال سوءًا بظهور أفكار دينية شاذة كالاعتقاد بحلول روح الله في الخليفة، وأن الخليفة أعلى من بني الإنسان، وأن الخلفاء إلى الله أقرب ؛ كما حدث للحاكم بأمر الله، الذي كان له كثير من البدع والخرافات التي أدخلها في دين الله تعالي، وألّهه بعض الناس وراح البعض ينتظر عودته بعد اختفائه، وعرف هؤلاء بالدروز الذين يوجد أسلافهم ببلاد الشام. وكثرت الأمراض، وهلك عدد كبير من الناس، في حين كان الأمراء والحكام الفاطميون ينعمون بالثروات ويعيشون في ترف وبذخ.
وأسهمت المجاعات والأوبئة نتيجة انخفاض ماء النيل عدة مرات في اختلال الأمن، وكثرة الاضطرابات، وسوء الأحوال في البلاد، ولم تر البلاد صلاحًا ولا استقام لها أمر، ولم يستقر عليها وزير تحمد طريقته.
المزايا السياسية و الفكرية لنظام الدولة الفاطمية
كان نظام الحكم في ظل الخلافة الفاطمية، كما كان في سائر الدول الإسلامية الأخرى، في العصور الوسطى، نظاما مطلقا يستأثر فيه الخليفة بجميع السلطات الروحية و الزمنية، و قد سارت الخلافة الفاطمية على هذا النحو منذ قيامها بالمغرب، ثم بعد ذلك منذ قيامها بمصر، فكان الخليفة الفاطمي، هو الدولة، و هو صاحب السلطات المطلق. و صورة الأمور السلطانية تضم الشروح الآتية:
(إن طاعة الأمام جامعة للملوك و الرعايا، و الرعايا تجمع الأعطاء و الطاعة، و إن الوزير يجمع السياسة، و الجباية، و الجباية جامعة للوزراء و العمال، و أن الملك يجمع الطاعة و السياسة، و العامل يجمع الجباية و الأعطاء و إن الأعطاء جامع للعمال و الرعايا، و أن السياسة مشتركة).
و من هذه الشروح الفلسفية لنظرية الحكم الفاطمية، يتضح إن الأمام هو رئيس الدولة الأعلى، و قد يكون هو الأمام الروحي و الملك الزمني معا، و قد يكون تحت رياسته ملوك آخرون، يدينون له بالطاعة الدينية و الدنيويه، و هو الحاكم المطلق، و من تحته تتدرج السلطات من أعلى إلى أسفل، و أول من يليه من أهل السلطات هو الوزير، و بأسمه و بتوجيهه يزاول سلطاته في الحكم، و يلي الوزير العمال أو حكام الولايات و الثغور، و هؤلاء يزاولون سلطات الحكم على من دونهم من الرعايا، و ليس للرعية شأن و لا قول و لا رأي، و ليس لها أن، تتصل بالعامل أو الوزير أو الملك، إلا بالطاعة المطلقة.
و الخلاصة إنها من الناحية الدستورية (نظرية الحكم المطلق) بل هي تمتاز فوق ذلك، بأن رئيس الدولة الاعلى فيها، و هو الأمام يمتاز بصفات العصمة و القداسة، باعتباره قائم الزمان، و أن قيامه يرجع إلى مشيئة الله.
لكل شيء نهاية، ففي آخر عهد الدولة الفاطمية حكمها عدد من الخلفاء الذين كانوا ضعاف الشخصية وصغار السن، فكان من نتيجة ذلك أن سيطر الوزراء على الدولة وأداروها لمكاسبهم الخاصة مهملين شئون الدولة إهمالا تامّا.
لقد كانت ظاهرة الاعتماد على أعداء الإسلام من اليهود والنصارى واضحة في هذه الدولة، فمن هؤلاء كان كثير من الوزراء وجباة الضرائب والزكاة والمستشارين في شئون السياسة والاقتصاد والعلم والطب، ولقد ترك الخليفة العزيز الفاطمي لوزيره اليهودي "يعقوب بن كلس" أمر تعليم الناس "فقه الطائفة الإسماعيلية" التي ينتمي إليها الفاطميون وهي من أشد فرق الشيعة تطرفًا وبعدًا عن حقيقة الإسلام.
وقد ألَّف يعقوب نفسه كتابًا في فقه هذه الطائفة.
فلا عجب إذن أن شهدت الدولة كثيرًا من المؤامرات والفتن والدسائس والقلاقل، فقامت ثورات داخلية، وانتفاضات، وراح الناس يستجيرون من تسلط اليهود والنصارى فلا يجارون، وزادت الحال سوءًا بظهور أفكار دينية شاذة كالاعتقاد بحلول روح الله في الخليفة، وأن الخليفة أعلى من بني الإنسان، وأن الخلفاء إلى الله أقرب ؛ كما حدث للحاكم بأمر الله، الذي كان له كثير من البدع والخرافات التي أدخلها في دين الله تعالي، وألّهه بعض الناس وراح البعض ينتظر عودته بعد اختفائه، وعرف هؤلاء بالدروز الذين يوجد أسلافهم ببلاد الشام. وكثرت الأمراض، وهلك عدد كبير من الناس، في حين كان الأمراء والحكام الفاطميون ينعمون بالثروات ويعيشون في ترف وبذخ.
وأسهمت المجاعات والأوبئة نتيجة انخفاض ماء النيل عدة مرات في اختلال الأمن، وكثرة الاضطرابات، وسوء الأحوال في البلاد، ولم تر البلاد صلاحًا ولا استقام لها أمر، ولم يستقر عليها وزير تحمد طريقته.
المزايا السياسية و الفكرية لنظام الدولة الفاطمية
كان نظام الحكم في ظل الخلافة الفاطمية، كما كان في سائر الدول الإسلامية الأخرى، في العصور الوسطى، نظاما مطلقا يستأثر فيه الخليفة بجميع السلطات الروحية و الزمنية، و قد سارت الخلافة الفاطمية على هذا النحو منذ قيامها بالمغرب، ثم بعد ذلك منذ قيامها بمصر، فكان الخليفة الفاطمي، هو الدولة، و هو صاحب السلطات المطلق. و صورة الأمور السلطانية تضم الشروح الآتية:
(إن طاعة الأمام جامعة للملوك و الرعايا، و الرعايا تجمع الأعطاء و الطاعة، و إن الوزير يجمع السياسة، و الجباية، و الجباية جامعة للوزراء و العمال، و أن الملك يجمع الطاعة و السياسة، و العامل يجمع الجباية و الأعطاء و إن الأعطاء جامع للعمال و الرعايا، و أن السياسة مشتركة).
و من هذه الشروح الفلسفية لنظرية الحكم الفاطمية، يتضح إن الأمام هو رئيس الدولة الأعلى، و قد يكون هو الأمام الروحي و الملك الزمني معا، و قد يكون تحت رياسته ملوك آخرون، يدينون له بالطاعة الدينية و الدنيويه، و هو الحاكم المطلق، و من تحته تتدرج السلطات من أعلى إلى أسفل، و أول من يليه من أهل السلطات هو الوزير، و بأسمه و بتوجيهه يزاول سلطاته في الحكم، و يلي الوزير العمال أو حكام الولايات و الثغور، و هؤلاء يزاولون سلطات الحكم على من دونهم من الرعايا، و ليس للرعية شأن و لا قول و لا رأي، و ليس لها أن، تتصل بالعامل أو الوزير أو الملك، إلا بالطاعة المطلقة.
و الخلاصة إنها من الناحية الدستورية (نظرية الحكم المطلق) بل هي تمتاز فوق ذلك، بأن رئيس الدولة الاعلى فيها، و هو الأمام يمتاز بصفات العصمة و القداسة، باعتباره قائم الزمان، و أن قيامه يرجع إلى مشيئة الله.
رد: دولة الخلافة الفاطمية 259 ـ 524 هـ
و من الميزات التي تميزت بها الدولة الفاطمية صبغتها المذهبية العميقة، كما كانت تمتاز بطرافة نظمها السياسية و قد كانت الدولة الفاطمية مبتكرة مجددة في كثير من قواعد الحكم و الأدارة، و في كثير من الرسوم و النظم، و كانت هذه الرسوم و النظم فوق طرافتها الدستورية تطبعها نفس الصبغة الباذخة، التي تطبع الدولة الفاطمية و سائر مظاهرها.
كانت الخلافة الفاطمية خلافة مذهبية (شيعية) شعارها الأمامة الدينية، و كان لهذه الصفة المذهبية أثرها في صوغ كثير من النظم و الرسوم التي اختصت بها. و قد نشأت الدولة الفاطمية في قفار المغرب، دولة عسكرية ساذجة تظللها الصبغة الدينية، فلما اتسع ملكها و عظم سلطانها بأفتتاح مصر و الشام، شعرت بالحاجة إلى التوسع في النظم السياسية و الأدارية، التي يقوم عليها هذا الملك الباذخ، و لم تكتف بالأعتماد على الخطط العسكرية و الدينية و المدنية المعروفة، بل عمدت إلى الأبتكار في تنظيم الاصول و الخطط الدستورية، وفقا لحاجاتها و غاياتها السياسية و المذهبية.
و ليس من المبالغة القول إن ديوان الأنشاء كان أعظم الدواوين قاطبة في إدارة الحكم الفاطمية، و كانت مهمته من أخطر و أدق المهام. ففي دولة كالدولة الفاطمية، لها صبغة مذهبية خاصة، كانت السجلات أو المراسيم تصاغ في أساليب عالية، و كان بث الدعوة المذهبية و عرضها خلال المكاتبات السياسية، يتطلب أرقى و أبلغ الصيغ البيانية.
أما الخطط الدينية فكانت تشمل عدة وظائف خطيرة، أعظمها و أجلها قدرا منصب قاضي القضاة، و منصب الدعاة، و كان قاضي القضاة أعظم زعيم ديني في الدولة، و إليه مرجع الأحكام الشرعية في العبادات و المعاملات و الحدود، و النظر في شؤون السكة (دار الضرب)، و شؤون المساجد و أئمتها و سائر المتصرفين فيها، و كان اختصاصه يشمل مصر و الشام و المغرب و الحرمين، و مركزه العام بالقاهرة.
أما عن المتون الشرعية التي كانت مرجعا للقضــاء في العصر الـــفاطمي، فقـــد كانت تتضمن أساسا متون الفقه الشيعي أو فقه الأمامية الأسماعيلية، و ذلك سواءا في العبادات، أو المعاملات أو الحدود، و كان العلامة الفقيه الشيعي الكبير النعمان بن محمد القيرواني قاضي المعز لدين الله، هو أول من وضع متونا منفصلة في أحكام الفقه الأسماعيلي، لبثت طوال العصر الفاطمي، هي المرجع الأول للقضاء.
من جهة أخرى إتسمت الخلافة الفاطمية على الصعيد الديني بسياسة ثابته، اتسمت بجانب من المرونة، تمثلت في إستمالة أهل السنة و الجماعة، و تمكينهم من إظهار شعائرهم على إختلاف مذاهبهم، و كانت المذاهب السنية المعروفة، الشافعي و مالك و أحمد (بخلاف أبي حنيفه) ظاهرة الشعائر في مملكتهم، و كان مذهب مالك بالأخص ذائعا، و من سأل الحكم به أجيب إلى طلبه.
و قد أنشئت في الخلافة الفاطمية لأول مرة هيئة رسمية خاصة للنظر في شؤون العلوية و المنتسبين إلى آل البيت(ع)، و عرفت هذه الهيئة يومئذ بـ (نقابة الطالبيين)، و كان يتولى النظر عليها واحد من أكبر شيوخهم و أجلهم قدرا، يسهر على صحة الأنساب و اثباتها و رعاية شؤونهم و رعاية مصالحهم، و فيما بعد عرفت هذه الهيئة بأسم (نقابة الأشراف).
رد: دولة الخلافة الفاطمية 259 ـ 524 هـ
كانت الدولة الفاطمية أشد الدول الإسلامية حرصا على أن تطبع الشعب والمجتمع بطابعها الخاص، و أن تصوغ روح الشعب و عقليته و تفكيره و برامجه وفقا لمناهجها و رسومها.
تركزت الأعياد الدينية الرسمية في عهد الدولة الفاطمية، بجملة أعياد خاصه بها شرعت لغايات دينية و سياسية، أما الأعياد العامة، فهي رأس السنة الهجرية، و ليلة المولد النبوي الكريم، و ليلة أول رجب وليلة نصفه، و ليلة أول شعبان و ليلة نصفه، و غرة رمضان، و يوم الفطر، و يوم النحر أو عيد الأضحى، و أما الأعياد المذهبية فهي الأحتفال بمولد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، و مولد ولديه الحسن و الحسين، و مولد زوجته السيدة فاطمة الزهراء ابنة النبي(ص)، و هي التي ينتسب إليها الخلفاء الفاطميون، و يوم عاشوراء أو عاشر المحرم، أي اليوم الذي يصادف فيه مقتل الإمام الحسين(ع) في طف كربلاء سنة 61 هـ هذا إلى جانب أعياد مصرية قديمة، كعيد فتح الخليج، و يوم النوروز، و عيد الشهيد.
و كانت الخلافة الفاطمية ترمي بترتيب هذه الرسوم و المناسبات إلى غايتين: الأولى أن تثبت هيبتها الدينية بما تسيغه من الخطورة و الخشوع على بعض المظاهر و الرسوم المذهبية، و الثانية أن تغمر الناس بفيض من الحفلات و المآدب و المواكب الباهرة، و أن تنثر عليها ما استطاعت من دواعي البهجة و المرح، و ذلك لكي تكسب ولاء الناس و عرفانهم و تأييدهم لها.
تفكك الدولة:
أما في الخارج فقد خرج بعض الولاة على الخلفاء الفاطميين خصوصًا في شمال إفريقية؛ مما أدى إلى استقلال تونس والجزائر، واستولت الدولة السلجوقية السُّنِّية التي قامت بفارس والعراق على معظم بلاد الشام التابعة للفاطميين، وإلى جانب هذا كله عمل الصليبيون في الاستيلاء على الأراضي المقدسة فاستولوا على بيت المقدس من أيدي الفاطميين سنة 492هـ/ 1099م، ثم أخذوا يغيرون على أطراف الدولة المصرية.
وهكذا أخذت الدولة في الضعف حتى جاء صلاح الدين الأيوبي، وقضى على الخلافة الفاطمية وذلك في سنة 567هـ/1172م.
وانقض الصليبيون فهاجموا عدة مرات هذه الدولة التي طالما أعانتهم في بداية أمرهم على ضرب المسلمين من أهل السنة.
تركزت الأعياد الدينية الرسمية في عهد الدولة الفاطمية، بجملة أعياد خاصه بها شرعت لغايات دينية و سياسية، أما الأعياد العامة، فهي رأس السنة الهجرية، و ليلة المولد النبوي الكريم، و ليلة أول رجب وليلة نصفه، و ليلة أول شعبان و ليلة نصفه، و غرة رمضان، و يوم الفطر، و يوم النحر أو عيد الأضحى، و أما الأعياد المذهبية فهي الأحتفال بمولد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، و مولد ولديه الحسن و الحسين، و مولد زوجته السيدة فاطمة الزهراء ابنة النبي(ص)، و هي التي ينتسب إليها الخلفاء الفاطميون، و يوم عاشوراء أو عاشر المحرم، أي اليوم الذي يصادف فيه مقتل الإمام الحسين(ع) في طف كربلاء سنة 61 هـ هذا إلى جانب أعياد مصرية قديمة، كعيد فتح الخليج، و يوم النوروز، و عيد الشهيد.
و كانت الخلافة الفاطمية ترمي بترتيب هذه الرسوم و المناسبات إلى غايتين: الأولى أن تثبت هيبتها الدينية بما تسيغه من الخطورة و الخشوع على بعض المظاهر و الرسوم المذهبية، و الثانية أن تغمر الناس بفيض من الحفلات و المآدب و المواكب الباهرة، و أن تنثر عليها ما استطاعت من دواعي البهجة و المرح، و ذلك لكي تكسب ولاء الناس و عرفانهم و تأييدهم لها.
تفكك الدولة:
أما في الخارج فقد خرج بعض الولاة على الخلفاء الفاطميين خصوصًا في شمال إفريقية؛ مما أدى إلى استقلال تونس والجزائر، واستولت الدولة السلجوقية السُّنِّية التي قامت بفارس والعراق على معظم بلاد الشام التابعة للفاطميين، وإلى جانب هذا كله عمل الصليبيون في الاستيلاء على الأراضي المقدسة فاستولوا على بيت المقدس من أيدي الفاطميين سنة 492هـ/ 1099م، ثم أخذوا يغيرون على أطراف الدولة المصرية.
وهكذا أخذت الدولة في الضعف حتى جاء صلاح الدين الأيوبي، وقضى على الخلافة الفاطمية وذلك في سنة 567هـ/1172م.
وانقض الصليبيون فهاجموا عدة مرات هذه الدولة التي طالما أعانتهم في بداية أمرهم على ضرب المسلمين من أهل السنة.
مواضيع مماثلة
» سقوط بغداد عاصمة الخلافة العباسية
» دولة السلاجقة
» سقوط دولة صلاح الدين
» دراسة لسقوط ثلاثين دولة إسلامية
» الصهيونية وإقامة دولة إسرائيل
» دولة السلاجقة
» سقوط دولة صلاح الدين
» دراسة لسقوط ثلاثين دولة إسلامية
» الصهيونية وإقامة دولة إسرائيل
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى