دراسة لسقوط ثلاثين دولة إسلامية
2 مشترك
صفحة 2 من اصل 2
صفحة 2 من اصل 2 • 1, 2
رد: دراسة لسقوط ثلاثين دولة إسلامية
وكان أبرز ما قدمه الأغالبة للإسلام هو فتحهم لصقلية وضمها إلى أرض الإسلام ، بقيادة قائدهم أسد بن الفرات في عهد أميرهم زيادة الله بن إبراهيم الأغلب ، الذي تولى الحكم سنة 201 هـ ، كما أنهم تقدموا فاستولوا على جنوب إيطاليا ، ويقال : إنهم واصلوا زحفهم حتى دقوا أبواب روما .
وقد ازدهرت الحركة الاقتصادية والعمرانية في أفريقيا التونسية على عهدهم ، كما أن الأمن قد ساد البلاد وأصبحت تونس ـ على الجملة ـ عامرة مزدهرة ازدهارا عظيما .. وقد أسسوا بالقيروان عدة مساجد لعبت دورا كبيرا في تدعيم الحضارة الإسلامية ، ومن أبرزها جامع الزيتونة الذي أصبح في المغرب كالأزهر في الشرق ولعب دورا مهما في الحياة العلمية الإسلامية .
وقد اشتهر بعض ملوك الأغالبة بالقسوة الشديدة ، وكان سفك الدماء عندهم أسهل من شرب الماء ، ولعل هذا من أبرز ما أخذ عليهم ، وقد مد من عمرهم في المغرب انصراف الخلافة العباسية إلى مشكلاتها المشرقية .. وعدم قطعهم لكل أواصر المودة مع الخلافة العباسية ، وبالتالي رضيت الخلافة في ظل ظروفها بالقدر الذي يدينون به بالطاعة لها . كما أسكتها انتصارات الأغالبة في معارك الجهاد ضد الصليبيين في أوروبا والساحل الجنوبي الأوروبي وجزر البحر الأبيض المتوسط هذا كله قد غفر لهم بعض أخطائهم وجعلهم يعيشون أكثر من قرن من الزمان يحكمون تونس وملحقاتها ، ويحكمون صقلية ويفرضون هيبتهم على الدول الأوروبية .
لكن الدول الانفصالية لا يمكن أن تقف أمام الحضارات الجامعة التي تمثل كيانا وجوديا له أبعاده الحضارية المتكاملة .
ومن هنا فلم يستطع الأغالبة الصمود أمام الفاطميين الذين برزوا في المغرب بقيادة داعيتهم أبي عبيد الله المهدي .. فسقطوا على يد الفاطميين هؤلاء سنة 296 هـ .
لقد سقطوا ـ أولا وقبل كل شيء ـ باعتبارهم حركة انفصالية لا تستطيع أن تصمد أمام كيان حضاري زاحف له راية الأيديولوجية يقف تحتها ، مهما اختلفنا في أبعاد هذه الراية .. أو هذه الأيديولوجية .
سقوط دولة الخوارج في الجزائر
منذ خرج " الخوارج " عن طوع علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، وتسببوا في قتله على يد عبد الرحمن بن ملجم ، وهم يشكلون على امتداد التاريخ الإسلامي المادة الخام لكثير من الحركات الثورية . لقد انتشر الخوارج على امتداد الأرض الإسلامية ولقد دخلوا في عديد من المعارك واجهوا في بعضها تصفية جسدية هائلة .. لكنهم مع كل ذلك ـ ظلوا شعلة ثورة في الأرض الإسلامية ، وشعارهم قول أحد روادهم " قطري بن الفجاءة " :
فصبرا في مجال الموت صبرا ** فما نيل الخلود بمستطاع
سبيل الموت غاية كـل حـي ** فداعيه لأهل الأرض داع
وبالطبع لم يكن المغرب الإسلامي ، وهو تلك الأرض الإسلامية العذارء ليفلت من أيدي الخوارج .
لقد حاولوا بكل الطرق أن يشكلوا على أرضه قوة إسلامية خارجية ينشرون من خلالها مبادئهم الخارجية
وقد ازدهرت الحركة الاقتصادية والعمرانية في أفريقيا التونسية على عهدهم ، كما أن الأمن قد ساد البلاد وأصبحت تونس ـ على الجملة ـ عامرة مزدهرة ازدهارا عظيما .. وقد أسسوا بالقيروان عدة مساجد لعبت دورا كبيرا في تدعيم الحضارة الإسلامية ، ومن أبرزها جامع الزيتونة الذي أصبح في المغرب كالأزهر في الشرق ولعب دورا مهما في الحياة العلمية الإسلامية .
وقد اشتهر بعض ملوك الأغالبة بالقسوة الشديدة ، وكان سفك الدماء عندهم أسهل من شرب الماء ، ولعل هذا من أبرز ما أخذ عليهم ، وقد مد من عمرهم في المغرب انصراف الخلافة العباسية إلى مشكلاتها المشرقية .. وعدم قطعهم لكل أواصر المودة مع الخلافة العباسية ، وبالتالي رضيت الخلافة في ظل ظروفها بالقدر الذي يدينون به بالطاعة لها . كما أسكتها انتصارات الأغالبة في معارك الجهاد ضد الصليبيين في أوروبا والساحل الجنوبي الأوروبي وجزر البحر الأبيض المتوسط هذا كله قد غفر لهم بعض أخطائهم وجعلهم يعيشون أكثر من قرن من الزمان يحكمون تونس وملحقاتها ، ويحكمون صقلية ويفرضون هيبتهم على الدول الأوروبية .
لكن الدول الانفصالية لا يمكن أن تقف أمام الحضارات الجامعة التي تمثل كيانا وجوديا له أبعاده الحضارية المتكاملة .
ومن هنا فلم يستطع الأغالبة الصمود أمام الفاطميين الذين برزوا في المغرب بقيادة داعيتهم أبي عبيد الله المهدي .. فسقطوا على يد الفاطميين هؤلاء سنة 296 هـ .
لقد سقطوا ـ أولا وقبل كل شيء ـ باعتبارهم حركة انفصالية لا تستطيع أن تصمد أمام كيان حضاري زاحف له راية الأيديولوجية يقف تحتها ، مهما اختلفنا في أبعاد هذه الراية .. أو هذه الأيديولوجية .
سقوط دولة الخوارج في الجزائر
منذ خرج " الخوارج " عن طوع علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، وتسببوا في قتله على يد عبد الرحمن بن ملجم ، وهم يشكلون على امتداد التاريخ الإسلامي المادة الخام لكثير من الحركات الثورية . لقد انتشر الخوارج على امتداد الأرض الإسلامية ولقد دخلوا في عديد من المعارك واجهوا في بعضها تصفية جسدية هائلة .. لكنهم مع كل ذلك ـ ظلوا شعلة ثورة في الأرض الإسلامية ، وشعارهم قول أحد روادهم " قطري بن الفجاءة " :
فصبرا في مجال الموت صبرا ** فما نيل الخلود بمستطاع
سبيل الموت غاية كـل حـي ** فداعيه لأهل الأرض داع
وبالطبع لم يكن المغرب الإسلامي ، وهو تلك الأرض الإسلامية العذارء ليفلت من أيدي الخوارج .
لقد حاولوا بكل الطرق أن يشكلوا على أرضه قوة إسلامية خارجية ينشرون من خلالها مبادئهم الخارجية
رد: دراسة لسقوط ثلاثين دولة إسلامية
وقد كان أهم بروز لهم سنة 122 هـ في طنج برئاسة " ميسرة المطغري " ، وقد عرف المغرب من مذاهب الخوارج : الصفرية والإباضية ، وقد انتشرت الصفرية في الجهات الغربية ، بينما انتشرت الثانية في النواحي الشرقية ، وكانت أكثر القبائل البربرية ( المغربية ) الموالية للخوارج زناتة وهوارة . بيد أن حركاتهم ظلت حركات ثورية فوضوية ، لم يقدر لها إلى منتصف القرن الثاني الهجري أن تنتظم في دولة .. ولذا فمعظم حركاتهم ماتت وكانت تذوب في بوتقة المجتمعات المنظمة ، لا سيما وقد أصيبت كثير من حركاتهم بما أصيبت به الحركات التي تقف على الطرف الآخر منهم .. أي أنهم أصيبوا بكثير من المغالاة والتطرف ، والميل إلى نزعة التكفير وإراقة الدماء والقتل لأوهى الأسباب . لكن مع بروز سنة 144 هجرية بدا وكأن الخوارج يستمتعون بإقامة دولة مستقرة لهم بالمغرب .
وقد نجح عبد الرحمن بن رستم الإباضي عبر سلسلة من المغامرات والتعرض للموت غير مرة ، والتحايل على جذب القبائل البربرية .
نجح في إقامة دولة خارجية تعتمد على البربر وعلى العرب والعجم وتتمركز في مدينة جزائرية يفصلها عن الصحراء الجزائرية أكثر من مائتي كيلو متر ، وتقع في منطقة النجود ، وتتبوأ مكانا جيدا يحميها من الإغارات ، ويحميها كذلك من الشمس التي لا تكاد تظهر في سمائها ( !!) وهي مدينة " تاهرت " .
وقد نجح عبد الرحمن بن رستم هذا في توطيد دعائم دولته خلال الفترة التي قدر له أن يحكمها ( 144 ـ 168 هـ ) وقد خلفه من بعده ابنه عبد الوهاب الذي بقي في حكم الدولة التي تنسب إلى أبيه " الدولة الرستمية " عشرين سنة .. ثم " أفلح ابن عبد الوهاب " الذي عمر أطول مدة عمرها حاكم رستمي ، فقد بقي في الحكم أكثر من خمسين سنة ( 188 ـ 238 هـ ) ، ثم تتابع في حكم الدولة الرستمية خمسة من الأمراء ( أبو بكر بن أفلح .. فأبو اليقظان ، فأبو حاتم ، فيعقوب بن أفلح ، فاليقظان ابن أبي اليقظان آخر أمرائهم ) والذي لم يتمتع بالحكم أكثر من عامين عاشهما في اضطراب ، ثم غلبه على أمره الشيعة الروافض وقتلوه في شوال سنة 296 للهجرة ، وانتهت به الدولة الرستمية التي حكمت جزءا كبيرا من أرض الجزائر " تيهارت وما حولها " قرنا ونصف قرن من الزمان ( 144 ـ 296 هـ ) ( وكان ظهورها الذي دعمه الرخاء الاقتصادي والاجتماعي أبرز مثل لبروز دولة خارجية ) .
إن الخوارج الذين اشتهروا بالحمية والتفاني في سبيل المبدأ ، قد تحولوا في ظل دولتهم الرستمية إلى رجال حكم ودولة أكثر منهم رجال عقيدة ودعوة .
وقد عاشت طوائف كثيرة مختلفة النزعة في ظل دولتهم الرستمية حياة رغدة طيبة سهلة .. وبعد أن كان الخوارج أرباب سيف سقط السيف من يدهم منذ أبو بكر بن أفلح ، وقد رضوا بسلم يمكن لهم البقاء في حدود ما حول تاهرت ، عقدوه مع جيرانهم الأغالبة والأدارسة .
وجلي أن الذي لا يتقدم يكون عرضة للتأخر .. وهكذا تأخر الرستميون بعد أن فقدوا روحهم النضالية .. ودعنا من انحرافات كثيرة منهم لدرجة المغالاة والتطرف .. ودعنا كذلك من سذاجة آخر ملوكهم " اليقظان " واضطراب الملك في يديه .
لقد عمل ذلك عمله في سقوط الدولة الرستمية .. كما عمل في سقوطها كذلك أخطر قانون من قوانين الحضارة .. وهو أن الدولة التي تفتقد راية حضارية جديرة بالانتشار والبقاء .. دولة جديرة بالانحسار والفناء .
وقد نجح عبد الرحمن بن رستم الإباضي عبر سلسلة من المغامرات والتعرض للموت غير مرة ، والتحايل على جذب القبائل البربرية .
نجح في إقامة دولة خارجية تعتمد على البربر وعلى العرب والعجم وتتمركز في مدينة جزائرية يفصلها عن الصحراء الجزائرية أكثر من مائتي كيلو متر ، وتقع في منطقة النجود ، وتتبوأ مكانا جيدا يحميها من الإغارات ، ويحميها كذلك من الشمس التي لا تكاد تظهر في سمائها ( !!) وهي مدينة " تاهرت " .
وقد نجح عبد الرحمن بن رستم هذا في توطيد دعائم دولته خلال الفترة التي قدر له أن يحكمها ( 144 ـ 168 هـ ) وقد خلفه من بعده ابنه عبد الوهاب الذي بقي في حكم الدولة التي تنسب إلى أبيه " الدولة الرستمية " عشرين سنة .. ثم " أفلح ابن عبد الوهاب " الذي عمر أطول مدة عمرها حاكم رستمي ، فقد بقي في الحكم أكثر من خمسين سنة ( 188 ـ 238 هـ ) ، ثم تتابع في حكم الدولة الرستمية خمسة من الأمراء ( أبو بكر بن أفلح .. فأبو اليقظان ، فأبو حاتم ، فيعقوب بن أفلح ، فاليقظان ابن أبي اليقظان آخر أمرائهم ) والذي لم يتمتع بالحكم أكثر من عامين عاشهما في اضطراب ، ثم غلبه على أمره الشيعة الروافض وقتلوه في شوال سنة 296 للهجرة ، وانتهت به الدولة الرستمية التي حكمت جزءا كبيرا من أرض الجزائر " تيهارت وما حولها " قرنا ونصف قرن من الزمان ( 144 ـ 296 هـ ) ( وكان ظهورها الذي دعمه الرخاء الاقتصادي والاجتماعي أبرز مثل لبروز دولة خارجية ) .
إن الخوارج الذين اشتهروا بالحمية والتفاني في سبيل المبدأ ، قد تحولوا في ظل دولتهم الرستمية إلى رجال حكم ودولة أكثر منهم رجال عقيدة ودعوة .
وقد عاشت طوائف كثيرة مختلفة النزعة في ظل دولتهم الرستمية حياة رغدة طيبة سهلة .. وبعد أن كان الخوارج أرباب سيف سقط السيف من يدهم منذ أبو بكر بن أفلح ، وقد رضوا بسلم يمكن لهم البقاء في حدود ما حول تاهرت ، عقدوه مع جيرانهم الأغالبة والأدارسة .
وجلي أن الذي لا يتقدم يكون عرضة للتأخر .. وهكذا تأخر الرستميون بعد أن فقدوا روحهم النضالية .. ودعنا من انحرافات كثيرة منهم لدرجة المغالاة والتطرف .. ودعنا كذلك من سذاجة آخر ملوكهم " اليقظان " واضطراب الملك في يديه .
لقد عمل ذلك عمله في سقوط الدولة الرستمية .. كما عمل في سقوطها كذلك أخطر قانون من قوانين الحضارة .. وهو أن الدولة التي تفتقد راية حضارية جديرة بالانتشار والبقاء .. دولة جديرة بالانحسار والفناء .
رد: دراسة لسقوط ثلاثين دولة إسلامية
موضوع طويل جدا بس اكيد استفدنا منه جميعا شكرا يانور
الادهم المصرى- فنان نشيط
- عدد الرسائل : 217
العمر : 35
البلد : المنيا
اللقب : المصرى
تاريخ التسجيل : 31/07/2007
صفحة 2 من اصل 2 • 1, 2
مواضيع مماثلة
» دولة الخلافة الفاطمية 259 ـ 524 هـ
» سقوط دولة صلاح الدين
» دراسة:90% من مبانى مصر مخالفة بسبب فساد المحليات
» الصهيونية وإقامة دولة إسرائيل
» دولة السلاجقة
» سقوط دولة صلاح الدين
» دراسة:90% من مبانى مصر مخالفة بسبب فساد المحليات
» الصهيونية وإقامة دولة إسرائيل
» دولة السلاجقة
صفحة 2 من اصل 2
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى